ملك الفراولة غاضب ويشعر بالإهانة بسبب ترامب لاستغلال وجهه في الترويج لـ «صفقة القرن»
قال أسامة أبو الرب، وهو مزارع فراولة فلسطيني استُخدِمت صورته في كُتيِّب أصدره البيت الأبيض للترويج لـ «صفقة القرن» التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حديثه لموقع Middle East Eye البريطاني، إنَّه «غاضبٌ ويشعر بالإهانة»، مضيفاً أنَّه استُغِلَّ للترويج لـ «مشروعٍ سياسي خطر».
إذ استُخدِمَت عدة صور لأبو الرب، الذي يعيش في بلدة القباطية جنوب جنين بالضفة الغربية المحتلة، وصور لأفراد من أسرته على موقعٍ إلكتروني أطلقته ورشة العمل الاقتصادية التي نظمتها الولايات المتحدة في البحرين، الأسبوع الجاري، تحت اسم «السلام من أجل الازدهار».
لكنَّ أبو الرب (52 عاماً) قال للموقع البريطاني، إنَّه تعرَّض للإهانة باستخدام تلك الصور، واستنكر «صفقة القرن»، واصفاً إيَّاها بأنَّها «مشروعٌ يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية».
غضب «ملك الفراولة» بسبب صفقة القرن
وكانت الصور قد ظهرت في الأصل بتقريرٍ نُشِر على موقع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، يُبرز الدعم الذي تُقدِّمه تلك المنظمة الحكومية الأمريكية لمشروع زراعة الفراولة الذي يديره أبو الرب، لكنَّه قال إنه لم يعد يتلقى تمويلاً أمريكياً، وإنَّه لم يُطلَب منه إذنٌ لإعادة استخدام الصور على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض.
وقال: «أنا منزعجٌ للغاية من نشر صور عائلتي، والتلاعب الأمريكي في الترويج لصفقة القرن… نخجل من هذا المشروع الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. من المستحيل قبوله أو قبول أن نكون إحدى أدواته».
وقال أبو الرب إنَّ موقفه مثل موقف جميع الفلسطينيين، مضيفاً أنَّهم يرفضون «صفقة» ترامب، التي قال إنها لا تقدم أي فرصة لتحرير الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف: «أنا لا أفهم السياسة ولا أستطيع التحدث عنها. لكنني أعتقد أنَّه لا يوجد أحدٌ مُصرَّح له بالتخلي عن حبَّة واحدة من تراب فلسطين. أرفض المساومة على أرض فلسطين».
وشبَّه أبو الرب «صفقة القرن» باتفاقية سايكس بيكو، وهي معاهدة سرية بين المملكة المتحدة وفرنسا قسَّمت الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ في عام 1916، وأدت إلى وقوع فلسطين تحت الاحتلال البريطاني.
وقال: «منذ اتفاقية سايكس بيكو حتى يومنا هذا، نتعرَّض، نحن الفلسطينيين، لسياسات مماثلة، لكنَّ تمسُّكنا بأرضنا ووجودنا المستمر سيُحبط كل المؤامرات التي تُحاك ضدنا وضد قضيتنا».
رغم تلقيه تمويلاً من الوكالة الأمريكية للتنمية
تجدر الإشارة إلى أنَّ التقرير الأصلي الذي نشرته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن أبو الرب وصفه بأنه «ملك الفراولة»، وذكر أنَّه تلقى تمويلاً من الوكالة في عام 2013.
وجاء في التقرير: «بدأ أسامة في زراعة الفراولة منذ ست سنوات بالطريقة التقليدية… إذ كان يزرع الفراولة في الأرض، حيث كانت عرضة لتقلُّبات الطبيعة المُفاجئة، وظروف التربة السيئة، والآفات، وعدم دقة الري… ولم يكن محصوله جيداً بدرجةٍ كبيرة. ولم تكن الفراولة التي يزرعها لذيذة إلى حدٍّ كبير».
ونتيجة للدعم الذي قدمته له الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بنى أبو الرب صِوَباً زراعية، وبدأ في تعليق نباتات الفراولة بعيداً عن الأرض، واستخدام «الري المحوسب»، على حد وصف الموقع.
وأضاف الموقع: «وبفضل معرفته وتقنياته الجديدة، تزدهر فراولة أسامة. وتعد مزرعته نموذجاً للجيل القادم من المزارعين والمهندسين الزراعيين الفلسطينيين».
لكن مشروعه كان ناجحاً قبل أن يستفيد من المنحة
لكنَّ أبو الرب قال إنَّ مزرعته كانت مشروعاً ناجحاً قبل تلقي منحةٍ محدودة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وذكر أنَّه بدأ في زراعة الفراولة على أرضٍ مساحتها فدان واحد في عام 2008. وفي العام التالي، زرع فدانين وجمع محصولهما، ثمَّ وسَّع المزرعة تدريجياً إلى أن أصبحت مساحتها تتراوح بين 18 و20 فداناً.
ثم زاره موظفو الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في عام 2013، لإبلاغه بمشروع مساعداتٍ جديد قيد التنفيذ، لتعزيز زراعة الفراولة في الضفة الغربية.
إذ أرادوا الاستفادة من تجربته والتحدث معه حول طرق تطوير زراعة الفراولة، والآليات اللازمة لذلك. وقدَّموا كذلك عرضاً تقديمياً عن كيفية استخدام التكنولوجيا لتحسين ظروف نمو الفراولة طوال العام.
وقال أبو الرب متحدثاً عن ذلك: «في ذلك الوقت، كنت قد قطعت شوطاً طويلاً في زراعة الفراولة بوسائل لم تُطبَّق من قبل في فلسطين».
وأضاف أبو الرب: «لقد بذلك كثيراً من الجهد في هذا الأمر، وقد كان مشروعاً ناجحاً وتقدمياً منذ بدايته، حتى قبل أن أحصل على تمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية».
وأوضح قائلاً: «تستخدم [الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية] هذا المشروع الصغير والبسيط للترويج لمشروع سياسي خطير. إنني أشعر بالإهانة والغضب الشديدَين من هذا الأمر، وأرفض هذا التلاعب بالكلية».
بموافقة مؤسسات السلطة الفلسطينية
وأضاف أبو الرب: «كنت واحداً من آلاف الفلسطينيين الذين تلقوا تمويلاً بموافقة مؤسسات السلطة الفلسطينية. واليوم ينبغي مساءلة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، على مستوى سياسي، لاستخدامنا بوصفنا دعاية لصفقة القرن».
وأردف: «نحن محتلون، ومسؤولية العالم بأَسره أن يدعمنا وأن يقف بجانبنا. لكن لو كانوا يعتقدون أنَّ تمويل بعض المشروعات الاقتصادية هو الحل لقضيتنا، فهم مخطئون، ونحن لن نقبل بهذا أبداً».
وقال أبو الرب إنه استشار وزارة الزراعة الفلسطينية قبل قبول التمويل الأمريكي. ودعمته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بتزويده بمعدات تكنولوجية بقيمة 150 ألف شيكل (41700 دولار أمريكي)، لكنه أضاف أنه استثمر أيضاً 250 ألف شيكل (70 ألف دولار) من أمواله الخاصة في ذلك الوقت.
وقال أبو الرب إنَّ دعم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية استمر عاماً. ولم يشترط المشروع عليه الموافقة على أي من الشروط التي كانت أحياناً تُفرض على الفلسطينيين ممن يتلقون المساعدات، مثل التبرؤ من الفصائل الفلسطينية التي تعتبر منظمات إرهابية، أو حظر المشاركة في العمل السياسي.
وقالت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهي الوكالة الحكومية الأمريكية المختصة بالتنمية الدولية، في شهر فبراير/شباط 2019، إنها أوقفت تمويل جميع المشروعات بالضفة الغربية وغزة، وذلك في إطار الانسحاب الأوسع للدعم المالي المقدم من الولايات المتحدة للفلسطينيين.
وسأل موقع Middle East Eye الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن استخدام صورة أبو الرب على موقع البيت الأبيض وفي كتيّب «سلام من أجل الازدهار»، لكنَّ متحدثاً باسم الوكالة رفض التعليق. واتصل الموقع أيضاً بالبيت الأبيض للتعليق.