مفارقات صادمة للقضية الإيرانية بين الإدارات الأمريكية تربك السياسة الدولية
تتسم الأدارات الأمريكية بالتباين الشديد لآلية وتنسيق أعمالها والرؤي الدولية تجاه القضايا العالمية، ويظهر ذلك بوضوح في قضية الاتفاق النووي الإيراني الذي عقدته إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما والقوي العالمية مع إيران، وإدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب ورفضه للاتفاق وقلقه من الصواريخ الباليستية التي لم تتضمن أطار الاتفاق النووي.
دفاع كيري المستمر
وظل وزير الخارجية الأمريكي السابق، كيري متمسك بموقف إدارته تجاه الاتفاق النووي الإيراني، وفي كل محفل أو مقابلة صحفية يدافع بشدة عن الاتفاق النووي ويحاول دائما إبراز مزايا الاتفاق متجاهلا العيوب الخطيرة بالاتفاق، ومن منطلق ذلك استغل كيري حضوره في مؤتمر الأمن في ميونخ الذي يعقد في ألمانيا ودافع عن الاتفاق النووي الإيراني الذي عقدته إدارته في عام 2015.
الاعتراف بعيوب الاتفاق النووي
وقال كيري في مؤتمر ميونخ “أن وضع تهديدات للصواريخ الباليستية فى ايران ودعم الارهاب وزعزعة الاستقرار الاقليمى عند صياغة الاتفاق النووى ليس تنازلا بل كان تفكيرا استراتيجيا من جانب المفاوضين”.
وأشار كيري إلي أن الولايات المتحدة اعترفت بإن الاتفاق الذي تم التفاوض عليه لا يعالج قضايا أخري مشكوك فيها من بينها انتهاكات حقوق الإنسان والصواريخ وشحنات السلحةودعم حزب الله وتدخل إيران في العراق واليمن، ورغم أن هذه الأمور كانت مشروعة إلا ان قرار تركها خارج جدول اعمال الاتفاق ليس تنازلاً وأنما كان تفكير استراتيجي.
الخيار العسكري
وأوضح كيري ان إدارته عملت من منطلق ما توصلت إليه إدارة الرئيس جورج دبليو بوش بإن مشكلة إيران النووية لا يمكن حلها بالخيار العسكري، لأنها أجرت بالفعل عمليات لتخصيب اليورانيوم، مشيراً إلي لقائه الأول مع نظيره الإيراني جواد ظريف في عام 2013 وكانت إيران بالفعل حصلت علي الوقود النووي وأكدت أجهزة المخابرات ان شهرين فقط وتحصل إيران المواد النووية.
ضغوطات مصرية وسعودية علي أوباما
وتابع كيري: ان الولايات المتحدة وضعت تحت ضغوطا من قادة اسرائيل والسعودية ومصر لاستخدام العمل العسكري ضد ايران، وقال لي كل من العاهل السعودي السابق الملك عبدالله بن عبد العزيز، والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك،و إن الحل الوحيد مع إيران هو ضربها قبل البدء بالحوار معها بشأن برنامجها النووي.
وأضاف كيري أن الأمر يعود إلى سبتمبر 2013، إثر تصاعد القلق لدى عدد من دول المنطقة تجاه برنامج إيران النووي، قائلا: “الملك عبد الله قال لي شخصيا إن الشيء الوحيد الذي تفعله مع إيران هو ضربها”، وردت واشنطن حينها بأن طهران بدأت تخصيب الوقود النووي بالفعل، وأن الضربة العسكرية لن توقف هذا التطوير”، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن “الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، هو الآخر طالبه بضرب إيران حين كانت الأخيرة على بعد شهرين من استكمال دورة الوقود النووي”.
التمسك بالاتفاق
وختم كيري كلمته، قائلاً: أعتقد أنه كان من المهم جداً لأوروبا والعالم، التمسك بالاتفاق النووي والتأكد من استمرار العمل به، وتابع متسائلا: “هل البديل الرجوع للخلف… نعلم كيف يبدو العالم بدون الاتفاق النووي مع إيران”، موضحا “العالم لا يبدو مكانا أفضل بدون ذلك الاتفاق”.
معارضة ترامب
بينما الرئيس ترامب يري الاتفاق النووي الذي عقد في 14 يوليو لعام 2015، مع إيران والقوي العالمية بهدف ضمان الطابع السلمي لأنشطة إيران النووية، بإنه اسوأ اتفاق علي الإطلاق.
وحددت إدارة ترامب خطة من أجل إدخال تعديلات على بعض بنود الاتفاق النووي مع إيران، والتي تثير مخاوف البيت الأبيض وذلك بالتوازي مع إبقاء ترامب على الاتفاق بتجديد تعليق العقوبات الأمريكية.
ثلاثة عيوب خطيرة
ويرى ترامب ثلاثة عيوب في الاتفاق، وهي عدم تعامل الاتفاق مع الصواريخ الباليستية الإيرانية، والشروط التي يمكن للمفتشين الدوليين بموجبها زيارة مواقع إيرانية تتعلق بالبرنامج النووي وبند الفترة الزمنية الذي تنقضي بموجبه القيود المفروضة على إيران بعد عشر سنوات، ويطالب ترامب بتحسين العيوب الثلاثة حتى يتسنى للولايات المتحدة الاستمرار في الاتفاق وعدم تقويضه بالانسحاب منه.
الأنذار الأخير
ووجه ترامب إنذارا للقوى الأوروبية، في يناير الماضي، قائلا إنه يتعين عليها الموافقة على “إصلاح العيوب المزعجة بالاتفاق النووي الإيراني” وإلا فإنه سيرفض مد تعليق العقوبات الأميركية على إيران، مؤكدا “هذه فرصة أخيرة”.
انحراف إيران عن شروط الاتفاق
قال السناتور عن ولاية اركانسو توم كوتون إن “إيران تقوم بتشغيل أجهزة طرد مركزي أكثر تطورا مما يحق لها به، وتتخطى المستويات القصوى لمخزونات المياه الثقلية، وتستمر في الحصول بطرق غير شرعية على تكنولوجيا نووية وصاروخية خارج القنوات المتفق عليها”.
وأضاف كوتون عقب لقائه ترامب الخميس في البيت الأبيض أن إيران “لا تلتزم بالاتفاق وأنه يتعين التفكير بفرض عقوبات بل حتى بتحرك عسكري ضدّها”.