معهد إسرائيلي يدرب مغاربة على حمل السلاح
أعلنت السلطات المغربية، الاثنين 23أبريل 2018، أنها لم تغلق ملف عبد القادر الإبراهيمي، مؤسس معهد “ألفا” الإسرائيلي، الذي استنفر الحكومة والأجهزة الأمنية وباشرت معه عناصر الفرقة الوطنية تحقيقاً موسعاً.
وقالت المديرية العامة للأمن الوطني، في بلاغ لها أصدرته اليوم الإثنين، إنها تنفي بشكل قاطع تصريحات الإبراهيمي، والتي ادعى فيها بأن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أكدت له بأن الملف تم إغلاقه مع مطالبته باستئناف العمل فور تهدئة الأوضاع”، مؤكدة أن “البحث في هذه المرحلة لازال مشمولا بالسرية التي يقتضيها القانون الجنائي، وأن نتائجه ستحال على النيابة العامة فور الانتهاء من جميع إجراءات البحث”.
وكانت جمعيتان حقوقيتان قد كشفتا، بما تصفه بالأدِلَّة والمُعطيات، عن خُضوع مغاربة لتدريبات عسكرية وشبه عسكرية على استخدام الأسلحة البيضاء والنارية،داخل قاعات مُغطاة وبأماكن مفتوحة في عدد من المدن المغربيةتحت إشراف مُدرِّبين مُستقدَمين من إسرائيل وفرنسا من طرف “المعهد الإسرائيلي لتدريب الحُراس الشخصيين” الذي أسسه الإبراهيمي.
صور وأشرطة فيديو عُرضت خلال مؤتمر صحفي نظمته كل من “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين” و”المرصد المغربي لمُناهضة التطبيع”، توثق لتدريبات ضباط إسرائيليين لفائدة شابات وشبان مغاربة، مقابل مبلغ مالي يقدر بنحو 200 دولار للأشخاص العاديين، في حين يستفيد المُتعاطفون مع الأفكار الصهيونية من تكوين مجاني، وفق ما أُعلِن عنه خلال المؤتمر.
تهديد أمن المغرب؟
خالد السفياني، عضو سكرتارية “مجموعة العمل من أجل فلسطين”، قال لـ”عربي بوست”: “إن تدريب شابات وشُبان مغاربة على القتل والاغتيالات باستعمال مختلف الأسلحة، ومحاولة التحريض ضد الجيش المغربي- أمر في غاية الخطورة، خاصة أنه تحت إشراف حاخام كان ضابطاً سامياً في الجيش الإسرائيلي”. وفق تعبيره.
واعتبر السفياني أن الخطوات التي اتَّخذها المعهد الإسرائيلي بمدينة مكناس تحدٍّ للسلطات المغربية وزعزعة للاستقرار المغربي، عائداً بذاكرته إلى سنوات قليلة ماضية حين صرَّح اللواء عاموس يدلين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، خلال ندوة على القناة الإسرائيلية العاشرة، بأن “المخابرات الإسرائيلية استكملت إعداد خلايا قادرة على زعزعة أمن واستقرار المغرب في أي وقت”، بحسب قوله، متسائلاً: “هل تستعد إسرائيل لتنفيذ هذه التهديدات؟”.
التفاصيل المُعلنة قبل أيام، غير حديثة العهد؛ إذ تعود للسنة الماضية، إلا أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمغرب لم تحرك القضية إلا قبل شهر من الآن، حين استدْعَت عبد القادر إبراهيمي، مؤسس المعهد الإسرائيلي، الموجود مقره بمدينة مكناس، وفتحت تحقيقاً معه.
التحقيق المفتوح من طرف الأمن المغربي جاء بعد أن بادرت الهيئتان المناصرتان للقضية الفلسطينية إلى تقديم مذكرة تفصيلية للمسؤولين في شهر فبراير 2018، في حين تستعد لتوجيه شكاية للنيابة العامة.
“لم نَشأ إحداث أية ضجة، تقدَّمنا قبل شهرين بمذكرة لكبار المسؤولين، والتقينا وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان مصطفى الرميد، بالإضافة إلى قرص مضغوط يتضمن جميع الصور والفيديوهات، ولم نتوصل بأي جواب رسمي من طرف الحكومة.. اضطررنا بعدها إلى الانتقال لإعلام الشعب المغربي عبر مؤتمر صحفي؛ حتى تتخذ الدولة الإجراءات اللازمة”، يقول خالد السفياني لـ”عربي بوست”.
تدريبات علنية بإشرافٍ إسرائيلي
المعهد المشرف على هذا النوع من التدريبات، والذي يحمل اسم “معهد ألفا الإسرائيلي لتدريب الحراس الخاصين”، يتوفر على مقر رئيسي بمدينة مكناس، بالإضافة إلى فروع بمدن أخرى- يوفر تدريبات لا تتجاوز أسبوعاً واحداً مقابل 200 دولار.
وعكس ما قد يتبادر إلى الذهن، لا يمارس هذا المعهد أنشطته بعيداً عن الأعين؛ إذ يتوفر على صفحة رسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تُنشر عليها صور ومقاطع التدريبات، بالإضافة إلى لوحات إعلانية عن التكوينات والمدربين وجنسياتهم.
مُؤسس المعهد، عبد القادر إبراهيمي، والمشرف على التدريبات، لا يُخفي تعامله مع مُدربين من جنسيات إسرائيلية، مؤكداً لـ”عربي بوست”، أن التدريبات كانت تُقام تحت أعين رجال السلطة المغاربة وحمايتهم.
“استقبَلتُ المُدربين الإسرائيليين بعِلم السلطات الذين كانوا يوفرون الحماية للمدربين خلال التكوين الذي أقيم السنة الماضية بجبال منطقة بومية نواحي مدينة ميدلت، كما سلَّمتهم جوازات سفرهم الإسرائيلية”، يقول إبراهيمي المُعتنق للديانة اليهودية.
هل تجند إسرائيل المغاربة؟
رغم ذلك، نفى الشاب المغربي، والأب لـ3 طفلات، أي علاقة له بتجنيد الشباب وتدريبهم لفائدة إسرائيل، متابعاً: “قمت بإنجازات دولية وحصلت على وسام النجمة الأوروبية العسكرية في مجال التدريب، لم يُصفق لي أحد ولم يساعدني أحد في هذا البلد، ورغم ذلك فضلت أن يستفيد أبناء بلدي من خبراتي عوض قبول عروض مغرية من القوات الفرنسية”.
إبراهيمي، الذي يرفض استقبال المعادين لإسرائيل داخل المعهد، أوضح أن كل من يرفض العِلم الإسرائيلي في الشواهد الممنوحة عند نهاية التكوين المستمر طيلة أسبوع- يتم إقصاؤه، “لا أقبل المتطرفين ضمن دورات معهدي التدريبية” يفسّر المتحدث قراره.
ناقوس الخطر الذي دقَّه نشطاء الهيئتين المغربيتين المناهضتين للتطبيع مع إسرائيل، اعتبره عزيز هناوي، الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، “مستوى آخر من التطبيع، اخترق النسيج الاجتماعي والأمني ليُشكل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار الدولة”.
الفاعلون المدنيون دعوا الدولة إلى تحمل مسؤولياتها، منتظرين إعلان نتائج التحقيق المفتوح، بشكل واضح، أمام المواطنين المغاربة، “السلطات ملزمة بإجراء بحث دقيق واعتقال كل من يمكنه المس بالأمن والأمان، من يقوم على المعهد أو من وراءهم، ننتظر جواباً صريحاً من المسؤولين”.
أما إبراهيمي، فأكد لوسائل إعلام محلية أنه تم استدعاؤه للتحقيق من جديد يوم الأحد 22 أبريل/نيسان 2018، قبل أن يخبروه بأن الملف أُغلق، ودعوه لاستئناف أنشطة المعهد من جديد بعد أن تهدأ الأمور وهو الأمر الذي نفته السلطات المغربية لاحقا.