مطعم مصري جميع عماله من الصم والبكم
هل جربت مرة أن تطلب وجبتك في مطعم بلغة الإشارة، أو تتلقى استفسارك عن الوجبة وشرح مكوناتها من النادل من خلال الصور؟، يمكن أن تخوض هذه التجربة الفريدة في مطعم جميع عماله من الصم والبكم.
تجربة فريدة خاضها محمد علي عرفات بإنشاء مطعم جميع عماله من الصم والبكم، ويعتمد على لغة الإشارة للتواصل بين زبائنه.
اختار عرفات جميع الطاقم من «الصم والبكم»، إيماناً منه بحقهم في الحياة ودمجهم في المجتمع، واقتناعاً منه بإمكانية التغلب على الصعوبات الخاصة بالتواصل.
فهل نجح في ذلك؟
مطعم جميع عماله من الصم والبكم.. فكيف يلبون طلبات الزبائن؟
التصميمات البسيطة الموجودة على جدران المطعم، هي ترجمات للغة الإشارة بالحروف، ليستطيع الزبون التواصل من خلالها إذا وجد صعوبة فى التعامل مع طاقم المطعم عن طريق تهجئة الكلمات.
كما أنها تعطي الزبون بعض المعلومات عن لغة الاشارة، لتكون محصلة اللحظات الاولى لتواجدك في المطعم مزيجاً من الانبهار والدهشة والمفاجأة، في هذا المكان الذي يبدو كمملكة خاصة بـ»الصم والبكم».
وعلى الجدار المقابل، لواجهة المحل جملة بلغة الإشارة ترحب بالزبون وصور مفصلة عن مراحل نضج الدجاج بطريقة مبسطة وجاذبة للانتباه، ولوحات أخرى تعرض أفكاراً لم تنفذ بعد لزيادة التنوع في الوجبات.
جدران المطعم مرسوم عليها ترجمات للغة الإشارة
واختار عرفات لمطعمه في شارع العريش بالجيزة، اسم «كاندي»، ويعني الدجاج الحلو.
ويقدم المطعم عدة وجبات، المكون الرئيسي لها هو الدجاج، بمختلف طرق تقديمه، خصوصاً أن بعض العاملين سبق لهم العمل في مطاعم أخرى قبل العمل في كاندي والبعض الآخر يخوض التجربة لأول مرة في عالم المطاعم.
لماذا هم مميزون؟
«الناس دي متميزة جداً وعندها طاقة كبيرة»، هكذا قال عرفات، مشيراً إلى أنه استفاد من خبرة أخيه الأكبر من الصم والبكم في مجال المطاعم، للوصول إلى أكبر فئة من الصم والبكم واختيار طاقم العمل المناسب.
وتواصل عرفات مع الأشخاص الصم والبكم من خلال مجموعة خاصة بهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأ يعلن عن وجود وظائف في المطعم، وبالفعل الكثير تفاعل معه وبدأ يستقبل الجادين ويوظفهم.
4 أشخاص فقط من طاقم العمل فى المطعم، ليسوا من الصم والبكم منهم مدير المطعم، فترة الليل والصباح، ومسؤول التوصيل والكول سنتر في أصل 16 فرداً يعملون في المطعم.
الأمر يحتاج إلى متابعة في البداية، ولكن الزبائن تعلموا لغة الإشارة
إدارة مطعم جميع عماله من الصم والبكم، ليس بالأمر السهل.
ففى بداية المشروع، كان عرفات الأصغر يساعد الكاشير في التواصل مع الزبائن ولتعريف الزبائن بفكرة المطعم .
الزبائن تعلموا لغة الإشارة
ولكن مع مرور الوقت أصبح يجلس ليتابع العمل فقط.
ويشير عرفات إلى أن الزبائن أصبحوا يتعلمون لغة الإشارة بسهولة من خلال التعامل المباشر مع العاملين في المطعم.
فالتعامل أصبح سهلاً
«أول ما فتحت المطعم، الزبائن بدأوا يستغربون الفكرة، وبعدين الاستغراب ده بقى إعجاب وتشجيع، كانوا حاسين إنه صعب عليهم إنهم يتعاملوا مع «الصم والبكم»، لكن بالعكس الموضوع سهل جداً».
هكذا يقول عرفات عن بداية التجربة، لـ»عربي بوست».
ويضيف قائلاً «الزبائن بدأت تتعلم لغة الإشارة وبقى الموضوع فيه سهولة في التعامل بين الموظف والعميل».
ويصف «عرفات» طاقم العمل لديه بأنهم يمتلكون طاقة إيجابية عالية وأمانة وخوفاً من ربنا.
وعندما يحتاجهم فإنه ينادي عليهم بالليزر
يتواصل طاقم العمل مع بعضه بلغة الإشارة ويملأ الطاقم المكان بالروح الجميلة والمرح وهم دائمو الابتسام للزبائن.
ويستخدم هو قلم الليزر عند رغبته في مناداة أحد أفراد طاقم العمل لجذب انتباهه.
يتمنى عرفات أن تنجح فكرة المطعم وتتحول لسلسلة مطاعم جميع أطقم العاملين بها من الصم والبكم ليكسر الحاجز النفسي الذي يشعرون به وأنهم قادرون على النجاح والعمل كالبقية.
7 ملايين شخص يعانون ومجلسهم غير موجود
وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد الصم والبكم في مصر يبلغ نحو 7 ملايين ونصف نسمة، وذلك وفق إحصائية منسوبة للأمم المتحدة، معظمهم يعاني من الإهمال وقلة الرعاية في معظم المجالات وخاصة التعليم، بالرغم من الكم الهائل من المواد والقوانين الدولية والمصرية التي تكفل لهم الكثير من الحقوق في التعليم.
المطعم محاولة عملية بسيطة للتغلب على مشكلات الصم والبكم في مصر
وأوضح حسام المساح أمين عام المجلس القومي لذوي الإعاقة السابق، إن أبرز المشاكل التي يواجهها ذوو الإعاقة لاسيما الصم والبكم منهم هو تجاهل المجتمع، وعدم وجود توحد في الإشارات مما يجعلهم في مُعاناة دائمة.
وأشار إلى أن سبب استقالته من المجلس القومي لذوي الإعاقة عام 2016، هو أن المجلس ليس مُفعَّلاً، ولا يأخذ أي قرارات.
فهو بمثابة هيكل بلا اختصاصات، ويعتبره المُعاقون لا شيء على أرض الواقع، لأنه لا يستطيع أن يُساعدهم حتى مادياً، فالدولة لا تقوم بالنفقة عليهم، حسب قوله.
خذوا رواتبكم ولا تعملوا
ومن بين المشاكل التي يعاني منها الصم والبكم في مصر مسألة التوظيف.
يقول «المساح»: يكتفي العديد من أصحاب الأعمال في مصر بتعيين ذوي الإعاقة السمعية في أعمالهم بنسبة الـ5% التي ينص عليها القانون، لكنهم لا يريدون تشغيلهم.
ويقول أصحاب الأعمال للصم والبكم «إنهم يمكنهم الحصول على رواتبهم دون عمل، وهو أمر مهين لهم رغم أن منهم فنانين ورسامين، ومنهم رسامة تشكيلية جابت العالم، ومهندسو كمبيوتر وفريق كرة قدم كان الثاني على العالم».