مصر تعد الفصائل الفلسطينية بتحريك “ملف المصالحة” وتقديم مبادرة لحل الخلافات قريبا
لم يتوقف بحث الوفد الأمني المصري، الذي التقى قيادة حركة حماس أكثر من مرة، كما التقى بقيادة الفصائل الفلسطينية الأخرى بشكل جماعي وفردي، على مناقشة ملف تفاهمات التهدئة مع إسرائيل فحسب، والتأكيد على استمرارها، بل جرى أيضا التطرق إلى ملف المصالحة، المعطل منذ فترة طويلة، دون أي حراك حقيقي لإنهاء الخلاف بين فتح وحماس، مع وعد قدمه الوفد المصري بتحرك عملي قريب في هذا السياق.
وعقب تأكيد الوفد الأمني المصري الذي وصل غزة، الأحد، والتقى قيادة حركة حماس وممثلي الفصائل، بعد لقاءات عقدها في تل أبيب مع مسؤولين إسرائيليين، على استمرار تفاهمات التهدئة التي يعد أحد وسطائها، بعد موجة التوتر العسكري الأخيرة، والتي أنذرت بانفجار الوضع، بعد تغول قوات الاحتلال على المتظاهرين السلميين الجمعة الماضية، وإبلاغه الفصائل التزام إسرائيل ببنود التفاهمات، إلى جانب تعهده بأن تشرع مصر بتقديم تسهيلات إضافية على عمل معبر رفح، وحركة البضائع الموردة إلى غزة- بحث بشكل واسع ملف المصالحة الفلسطينية المعطلة.
وتشير المعلومات إلى أن قيادة الفصائل التي عكفت خلال الفترة الأيام الماضية على إعداد ورقة بخصوص إنجاز المصالحة، وتجاوز الخلافات القائمة بين فتح وحماس، وحول طرق تطبيقها، ناقشت بنود تلك الورقة مع الوفد المصري، وطلبت بأن يكون هناك تحرك قريب تقوده القاهرة بصفتها الوسيط في ملف المصالحة، من أجل إنجازه وفق الاتفاقيات التي وقعت بهذا الخصوص.
وترتكز مبادرة الفصائل الفلسطينية، التي جرى إعدادها من قبل ممثلي التنظيمات، على الدعوة لعقد لقاء وطني يضم الرئيس محمود عباس والأمناء العامين للفصائل، لبحث جميع التفاصيل السياسية، وصياغة رؤية سياسية لإنهاء الانقسام ومواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
وقدمت اقتراحات بأن تكون القاهرة أو العاصمة اللبنانية بيروت مكانا للاجتماع، لضمان مشاركة جميع قادة التنظيمات في هذا اللقاء، على أن يتم تطويع كل الخلافات، من أجل إنجاز المصالحة، وفقا لاتفاق المصالحة الموقع عام 2011، وما تلته من تفاهمات واتفاقيات خاصة بهذا الشأن.
ويؤكد أحد مسؤولي التنظيمات الذين حضروا اللقاء أن الوفد المصري وعد بالتحرك في هذا الملف، على أن يكون هناك “ورقة مقاربات” لإنهاء الخلاف، تقدم خلال الأسابيع الثلاثة القادمة، حيث يتوقع أن تكون جاهزة قبل نهاية الشهر الجاري.
يشار إلى أن اللقاء الذي عقده الوفد المصري مع الفصائل، ومن قبل اللقاء مع حركة حماس، جرى خلالهما التأكيد على ضرورة الاستمرار في تفاهمات التهدئة، بعد أن نقل الوفد رسالة التزام من إسرائيل بتلك التفاهمات.
الفصائل الفلسطينية وحركة حماس أكدوا من طرفهم على ضرورة أن تتوقف إسرائيل عن سياسة “التلكؤ والمناورة” في تطبيق بنود الاتفاق الذي ينص على إنهاء حصار غزة وتحسين حياة السكان، بدلا من التملص من تنفيذ بعض البنود.
وطلبت الفصائل الفلسطينية من الوفد المصري بأن يتدخل بقوة لوقف تغول الاحتلال الإسرائيلي على المتظاهرين من خلال “سلاح القناصة”، خصوصا بعد أحداث الجمعتين الماضيتين اللتين شهدتا سقوط شهداء، وإصابة عشرات المتظاهرين بالرصاص الحي، وهي حوادث أكدت الفصائل أنها “تشعل الميدان، وتدفع للتصعيد”.
وخلال اللقاء، تلقت الفصائل الفلسطينية وعدا من الوفد المصري بتسهيل عمليات سفر المواطنين الغزيين من معبر رفح، خلال رحلات الذهاب والعودة، خصوصا رحلة العودة التي يحتاج فيها المسافر إلى ثلاثة أيام لقطع مسافة قدرها 350 كيلومترا، تبدأ من قناة السويس حتى معبر رفح.
ومن بين مقترحات الحل التي كشف عنها افتتاح نفقين تحت الأرض خلال الأسابيع القادمة، من أجل تسهيل حركة المسافرين، بدلا من تنقل المسافرين على “عبارة الفردان” التي تنقلهم بين ضفتي القناة، والتي ينتظر عليها المسافرين في طابور طويل قبل وصول دورهم، كذلك قدم الوفد المصري وعدا بزيادة أعداد المسافرين عبر معبر رفح.
وقد أكد الناطق باسم حركة حماس، عبد اللطيف القانوع، أن زيارة الوفد المصري كانت “إيجابية”، وأن اللقاءات الأخيرة جاءت مكملة لما تمت مناقشته في الزيارة الأخيرة لوفد الحركة في مصر، لافتا إلى أن الوفد المصري وعد باستمرار الجهود لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وتسهيل السفر عبر معبر رفح، ومتابعة تحقيق ذلك.
وكانت حركة حماس قالت في بيان لها إن الاجتماع مع الوفد المصري ناقش جملة من الملفات والقضايا المهمة، أبرزها العلاقة الثنائية مع مصر، وسبل تطويرها بما يخدم القضايا المشتركة للشعبين، وملف المصالحة الفلسطينية، وسبل البحث عن مقاربات جديدة تحقق الوحدة الوطنية القائمة على الشراكة الوطنية، وملف الحصار المفروض على قطاع غزة، وسبل التخفيف من معاناة أبناء شعبنا على مختلف الأصعدة.
وأشارت إلى أن الوفد عبر عن دعم بلاده الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني وحرصه على التخفيف من معاناته، لافتة إلى أن قادة الفصائل أشادوا بقرار مصر فتح معبر رفح البري، والسماح بإدخال البضائع المصرية إلى غزة، مطالبين جمهورية مصر العربية بحكم موقعها التاريخي بـ”التخفيف من معاناة المسافرين ذهابا وإيابا، وإنهاء ملف المدرجين الممنوعين من السفر، وإيجاد آليات لحل هذه الإشكالية”.
يشار إلى أن الوفد الأمني المصري، الذي يقوده اللواء أحمد عبد الخالق، رئيس ملف فلسطين في جهاز المخابرات العامة، غادر قطاع غزة، بعد انتهاء مهمته الحالية، ويترقب أن يعود مجددا، في حال حدوث جديد في ملف المصالحة.
وكان الوفد قدم إلى القطاع، الأحد، ضمن المساعي الرامية، لإنهاء حالة التوتر والتصعيد العسكري، بعد أحداث الجمعة الماضية، والتي تخللها إطلاق ليل الجمعة خمسة صواريخ على بلدات إسرائيل القريبة من الحدود، فيما شنت طائرات حربية إسرائيلية في ساعة متأخرة من ليل السبت وفجر الأحد غارات عدة على مواقع للمقاومة، وقال الاحتلال إن الاستهدافات جاءت عقب إطلاق الصواريخ، وإلقاء طائرة بمراوح رباعية صغيرة مواد متفجرة على آلية عسكرية، ما أدى إلى إلحاق أضرار فيها.
وجاء ذلك كله، بعد اتهام الفصائل الفلسطينية قوات الاحتلال بالتغول على المشاركين في مسيرات العودة السلمية، من خلال استهدافهم بالرصاص الحي وبشكل متعمد، ما أدى إلى استشهاد فتيين الجمعة الماضية، وإصابة العشرات بجراح.
وقد حملت الفصائل الفلسطينية إسرائيل المسؤولية عن تلك الأعمال، والنتائج المترتبة عن استمرار استخدام “القوة المفرطة” ضد الفلسطينيين.