مصر تطالب أمريكا بإعفائها من الرسوم الجمركية
أثار تصاعد حدّة الحرب التجارية العالمية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين حالاً من القلق في الأسواق المرتبطة بهما، لما لها من تداعيات خطيرة على حركة التجارة العالمية، وتأثيرها في الدولار واليوان الصيني خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى تأثيرها في اتفاقات التجارة الحرة ولأن مصر تربطها علاقات اقتصاية بكلا البلدين. وسارعت الحكومة المصرية إلى تأكيد عدم تضررها حتى الآن بالحرب، على رغم تقدمها بمذكرة إلى أميركا، عبر وزارة الخارجية، لاستثنائها من الرسوم.
وتوقع خبراء «ارتفاع واردات مصر بنحو 66 بليون دولار خلال العام المالي الحالي، وارتفاع فاتورة الدعم المستهدفة من قبل الحكومة المصرية من 89 بليون جنيه إلى 120 بليوناً.
وأكد مسؤولون وخبراء تأثر مصر بشكل مباشر وغير مباشر في حال استمرار هذه الحرب على المدى الطويل واتساع نطاق الإجراءات التي تشملها، خصوصاً على مستوى الإيرادات من التصدير وجذب الاستثمارات، وزيادة حجم الوردات.
وعلى سبيل المثال، أي منتجات تستوردها مصر من الولايات المتحدة ويدخل فيها مكونات إنتاج صينية، سترتفع كلفتها على مصر، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط وزيادة فاتورة دعم المحروقات، وتأثر إيرادات قناة السويس نتيجة ضعف التجارة الخارجية والعالمية المتوقعة.
وأكد رئيس قطاع التجارة الخارجية في وزارة التجارة والصناعة سعيد عبدالله أن «مصر تترقب حالياً وتُجري تقييماً شاملاً لتأثير الإجراءات الحمائية الأميركية لقياس تأثيرها المحتمل في الاقتصاد المصري، واتخاذ إجراءات لتفادي تضرّر الاقتصاد». واستبعد عبدالله «أي تأثير مباشر في مصر نتيجة التصعيد الأميركي الصيني وتنامي الإجراءات الحمائية بين أكبر اقتصادين في العالم»، كما استبعد حدوث تأثيرات سلبية في حركة التجارة العالمية نتيجة الإجراءات العقابية في المجال التجاري».
وأشار إلى أن «الرسوم التي قررت أميركا فرضها لا تصنف في خانة الرسوم الجمركية أو رسوم إغراق، بل رسوم حماية للأمن القومي في الولايات المتحدة»، موضحاً أن «صادرات مصر من الصلب إلى أميركا لا تمثل تهديداً لأمنها القومي أو اقتصادها».
يذكر أن صادرات مصر من الصلب إلى أمريكا لا تتجاوز 0.5 في المئة من إجمالي واردات أمريكا وتبلغ قيمتها 110 ملايين دولار من إجمالي 34 بليون دولار، وهذه النسبة الضئيلة لا تمثل أي إغراق أو تهديد للإنتاج المحلي الأميركي.
وأشار عبدالله إلى المفاوضات والمشاورات حالياً مع منظمة التجارة العالمية لدراسة تأثير تلك الرسوم في الدول النامية، ومن ضمنها مصر لأنها تنمي اقتصادها حالياً، معرباً عن أمله بخروج قرارات باستثناء بعض الدول ومن ضمنها مصر.
وشدد على أن «بعض الدول المنتجة للصلب والمصدرة إلى الأسواق الأميركية ستبدأ البحث عن أسواق بديلة، منها مصر، وفي مقدمها الصين ودول الاتحاد الأوروبي». وأضاف: «ليس من مصلحة التجارة العالمية تنامي الحرب التجارية أو حتى فكرة التصعيد من خلال الرسوم الجمركية والحمائية، لأن في ذلك تداعيات خطيرة على التجارة ومن شأنه تقويض مساعي منظمة التجارة العالمية في تحرير السياسات التجارية وعدم تشددها، والتي قد تتدخل من أجل إنقاذ الموقف».
بلتون للأوراق المالية
وأكدت كبيرة الخبراء في «شركة بلتون للأوراق المالية» عليا ممدوح لـ «الحياة» عدم تأثير الحرب في الصادرات المصرية، لأن مصر الشريك الأساس للولايات المتحدة. وتوقعت أن «تصدر مصر إلى أميركا ما قيمته نحو 24 بليون دولار خلال العام المالي، مقارنة بـ19 بليوناً خلال العام المالي الماضي». وأشارت إلى أن «التداعيات الرئيسة للحرب ستكون على أسعار النفط وعلى قوة الدولار، وهما الإثنان يمثلان التحدي الأكبر للاقتصاد المصري حالياً، إذ سيدفعان بفاتورة الواردات إلى مستويات أعلى من العام الماضي والتي قدرت في الأشهر التسعة الماضية، أي من تموز (يوليو) 2017 إلى أيار (مايو) الماضي، بنحو 31 بليون دولار».
وطالبت ممدوح الحكومة المصرية بالتحرك سريعاً لوضع خطة لتطوير قطاعي الصناعة والتجارة خلال المرحلة المقبلة، والارتقاء بهما إلى مستويات تساهم في نقل الاقتصاد الوطني إلى مصاف الدول الرائدة صناعياً وتجارياً، وذلك من خلال زيادة الإنتاج عبر التوسع الأفقي للصناعة الوطنية والاستفادة من الطاقات الصناعية غير المستغلة، ورفع كفاءة وجودة المنتج المصري والعمل على المنتجات الأكثر تنافسية وفتح أسواق جديدة للصادرات.
وأكد رئيس «المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية» رشاد عبدة أن «الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، والحرب التجارية الحالية ستؤثر في مصر في شكل مباشر وغير مباشر لأن مصر تصدر الألمونيوم والصلب إلى الولايات المتحدة لتؤمن حاجتها من العملة الأجنبية». ولفت إلى «تراجع الإيرادات نتيجة نقص العملات الأجنبية وتأثر رسوم قناة السويس بضعف التجارة الخارجية والعالمية المتوقعة».
وأشار إلى «تأثر الصادرات المصرية سلباً بالحرب على المدى الطويل وزيادة الإجراءات التي تتخذها كل دولة لزيادة جاذبية منتجاتها وفرض جمارك على الواردات، في الوقت الذي كان أحد أهم أهداف الإصلاح الاقتصادي تحرير سعر الصرف وزيادة جاذبية الصادرات المصرية».