مصر تدفع ثمن الغاز الإسرائيلي كاملاً.. وإسرائيل تُخلّ باتفاقها وتمدها بنصف الكمية فقط
عندما أعلنت شركة Noble Energy الأمريكية وشركة Delek Drilling الإسرائيلية منذ عام، عن إتمامهما عقوداً لبيع الغاز الطبيعي بقيمة 15 مليار دولار من حقلي تامار ولوثيان إلى الشركة المصرية دولفينوس، احتُفي بالصفقة باعتبارها «عهداً جديداً للطاقة الإقليمية».
وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالصفقات، نظراً لأنها طريقة لـ «تعزيز اقتصادنا وتعزيز علاقاتنا الإقليمية» كما قال. ووصفها وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز بأنها أهم صفقة تصدير مع مصر منذ معاهدة السلام التي أُبرمت عام 1979.
غير أنه بعد مرور عام، تواجه الصادرات عائقاً كبيراً، إذ توصل تل أبيب إلى القاهرة أقل من نصف الكمية المتفق عليها، فكيف يمكن إيصال الغاز من إسرائيل إلى مصر؟
إشكاليات تعترض طريق توصيل الغاز إلى مصر
تقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية، ينصُّ أول العَقدين على تسليم كميات سنوية «ثابتة» بدءاً من نهاية العام، وتقدر بـ3.5 مليار متر مكعب من حقل لوثيان. أما العقد الثاني فيقضي بتسليم 3.5 مليار متر مكعب أخرى من حقل تامار، فيما يطلق عليها شحنات «متقطّعة»، مما يعني أن شركة دولفينوس سوف تحصل على الغاز، عند توفر قدرة الحقول على إنتاج هذه الكميات.
من المفترض تسليم الغاز عن طريق أنابيب الغاز في ثلاث مراحل. بدءاً من الحقلين البحريين الكائنين في البحر المتوسط، يُتوقع أن يُضخ الغاز عبر الشبكة المحلية الإسرائيلية، ثم يمر عبر خطوط أنابيب شركة غاز شرق المتوسط المصرية. تمر هذه الأنابيب من مدينة عسقلان حتى مدينة العريش. ومن هناك، يمكن مرور الغاز عبر شبكة الأنابيب المحلية المصرية ثم إلى وجهتها النهائية.
اتفق الشركاء في سبتمبر/أيلول على شراء أغلبية أسهم شركة غاز شرقي المتوسط المصرية مقابل 518 مليون دولار، كي يضمنوا تأمين عملية الربط في هذه السلسلة، التي تضطلع بها خطوط أنابيب الشركة المصرية. لكن صحيفة TheMarker العبرية أوضحت منذ شهر أن الخطوة الأولى من هذه الرحلة لا تزال تشكل إشكالية.
إذ إن شبكة خطوط الأنابيب الإسرائيلية الجنوبية، التي تملكها وتديرها الشركة الإسرائيلية الحكومية Israel Natural Gas Lines، ليست لديها القدرة الاستيعابية لضخِّ كمية الغاز المستحقة بموجب الاتفاقات التي عُقدت مع شركة دولفينوس. تقول بعض المصادر إن القدرة الاستيعابية تتراوح بين ملياري إلى ثلاثة مليارات متر مكعب، أي أقل من نصف الكمية التي اتفق الشركاء على بيعها.
«خطوط الأنابيب لا يمكنها التعامل مع هذه الكمية»!
وفي الأسبوع الماضي، تفاقمت المشكلة مع إعلان هيئة خطوط الغاز الطبيعي في إسرائيل، أن خطوط الأنابيب لا يمكنها حتى التعامل مع هذه الكمية. قالت الهيئة في إعلانها إنها لا تستطيع التعهد باستمرارية الحصول على خدمات خطوط الأنابيب، ولكن فقط عند توفر القدرة الاستيعابية، ويعني ذلك في عطلات نهاية الأسبوع والأعياد و «الفترات الانتقالية».
وتقدر وزارة الطاقة الإسرائيلية كمية الغاز التي يمكن إرسالها هذا العام عبر شبكة الأنابيب المحلية بحوالي 500 مليون متر مكعب، وإن كانت تقول إن مزيداً من القدرة الاستيعابية سوف تتاح في المستقبل.
رفضت شركة Noble، المستقرة في ولاية تكساس، مناقشة القدرة الاستيعابية لخطوط أنابيب الغاز الطبيعي الإسرائيلية، لكنها قالت في بيان لها إنها غير قلقة بشأن القيود التي تفرضها القدرة الاستيعابية.
وقالت الشركة إنها مع معرفتها الوثيقة بالأرقام الدقيقة والخيارات التي لديها لتنفيذ الاتفاقية، فليس لديها أدنى شك أن اتفاقية دولفينوس سوف تُنفذ كلياً، وأن الغاز سوف يصل إلى العملاء في مصر بموجب شروط الاتفاقية.
حل المشكلة قد يستغرق أعواماً!
يمكن توسعة القدرة الاستيعابية لخطوط أنابيب شركة Israel Natural Gas Lines، أو يمكن للشركاء إنشاء خط جديد ينقل الغاز مباشرة من حقلي تامار ولوثيان إلى خطوط أنابيب شركة غاز شرق المتوسط المصرية. لكن كلا الخيارين قد يتطلبان الحصول على موافقات وتمويلات، وقد يستغرقان أعواماً لإتمامهما.
علاوة على ذلك، لا تقتصر القيود التي تواجهها خطوط الأنابيب على عدم قدرة شركة Israel Natural Gas Lines على توفير خطوط الأنابيب. إذ إن خطوط الأنابيب المحلية المصرية التي يُفترض أن تنقل الغاز من نقطة التسليم التابعة لشركة غاز شرق المتوسط المصرية، والموجودة في العريش، تُستخدم في الوقت الحالي لتصدير الغاز إلى شركة طاقة أردنية، ومن ثم فإن خطوط الأنابيب تسير في الاتجاه الخطأ، عندما يتعلق الأمر باحتياجات إسرائيل.
وفي غضون ذلك، خفضت شركة Noble من المخاطر المالية التي يحتمل تعرضها لها من ملكيتها في حقل تامار. ففي يناير/كانون الثاني، قالت الشركة إنها تبيع 7.5% من حصتها في الحقل مقابل 800 مليون دولار نقداً، ومقابل أسهم إلى شركة Tamar Petroleum، وهي شركة إسرائيلية أُنشئت لشراء الأسهم التي تنازل عنها الشريكان الرئيسيان في الحقل، وذلك لاستيفاء شروط الإطار التنظيمي للغاز الحكومي في إسرائيل.
وبعد فترة قصيرة من الإعلان عن صفقة شركة غاز شرقي المتوسط المصرية، في سبتمبر الماضي، باعت Noble ما نسبته 43% من حصتها في شركة Tamar Petroleum، إلى مؤسسات استثمارية إسرائيلية، مقابل 200 مليون دولار. وعلى الجانب الآخر، تحاول شركة Delek Drilling، التي يسيطر عليها رجل الأعمال الإسرائيلي يتسحاق تشوفا، بيع 22% من حصتها في شركة Tamar Petroleum.