نيويورك تايمز: ضم الضفة وغور الأردن خطوة ليست في صالح إسرائيل ولا ترامب.. وستقود لمزيد من العنف
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” افتتاحية حذرت فيها من ضم الضفة الغربية، وقالت إنها انتهاك وقح للقانون الدولي، محذرة أن العملية ستحول مناطق الفلسطينيين إلى ممزقة، غير مستقرة وتهدد باندلاع انتفاضة جديدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن بنيامين نتنياهو بعد نجاته من معركة سياسية استمرت عاما، واحتاج إلى ثلاث جولات انتخابية للتغلب عليها مع أزمة صحية، أعلن أنه سيبدأ في الأول من يوليو عملية ضم المستوطنات اليهودية ووادي الأردن في الضفة الغربية، كما وعد في حملته الانتخابية. ورغم توسع المستوطنات خلال العقود الماضية ووضع وادي الأردن تحت السيطرة العسكرية، فهناك عدة أسباب تجعل من الضم الحقيقي فكرة سيئة.
والسبب الرئيسي هو أن الضفة الغربية تعتبر حسب المنظمات الدولية وبقية العالم، منطقةً محتلة والمستوطنات اليهودية المقامة فيها غير شرعية بموجب ميثاق جنيف. وبالنسبة للمتطرفين اليهود، فالضفة الغربية هي “يهودا والسامرة” الأرض التوراتية لليهود، فسيطرة إسرائيل على الضفة لا تنطبق عليها معاهدة جنيف؛ لأنه لم يكن هناك دولة فيها، ولأن معظم المستوطنين لم “يرحلوا أو ينقلوا” إلى المناطق، حسبما تنص المعاهدة.
ومهما كان الحال، فالضم يظل غير قانوني حسب الأمم المتحدة وغالبية الدول باستثناء الولايات المتحدة. وفيما تجنبت الإدارات الأمريكية السابقة قانونية المستوطنات مكتفية بوصفها بـ”العقبة أمام السلام” ومؤكدة على حل موضوع الملكية بناء على تسوية سلمية.
وفي نوفمبر 2019 أعلنت إدارة دونالد ترامب أن المستوطنات الإسرائيلية ليست “غير متناسقة مع القانون الدولي”، حيث رمت بثقلها وراء المتطرفين اليهود. وفي الوقت الذي باركت إدارة ترامب عملية الضم، قال المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن إنه سيلغي القرار لو أعيد انتخابه.
وعلقت الصحيفة أن الضم سيحول الضفة إلى مجموعة ممزقة من المناطق غير المستقرة تهدد باندلاع انتفاضة. وقالت الصحيفة إن خطوة كهذه ستضعف دعم الحزب الديمقراطي لإسرائيل وبين الشباب الأمريكيين، وربما أدت إلى زعزعة الاستقرار الذي تعيش فيه غالبية فلسطينية، وربما أدت لتوتر علاقات إسرائيل الجديدة مع الدول العربية السنية، وقد تنهي التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الوطنية.
وأعلن الرئيس محمود عباس أن الحديث عن الضم يحلّله من أي اتفاق وقّعته السلطة مع إسرائيل والولايات المتحدة. وهذه هي المرة الأولى التي يهدد بإنهاء الاتفاقيات، إلا أن فترة حكمه تقترب من نهايتها وسيكون خليفته أكثر تشددا.
وستواجه إسرائيل مشكلة السيطرة على قطاع واسع من السكان بدون مواطنة، في حالة انهيار السلطة الفلسطينية بالعنف أو من خلال تظاهرات عارمة. وبلا شك يعتقد نتنياهو أن أسباب الضم تتفوق على هذه المخاطر. فخلال فترة حكمه وسّع من بناء المستوطنات بحيث أصبحت جزءا لا يتجزأ من إسرائيل.
ولم تحدث مفاوضات منذ عامين، وبالنسبة للمحافظين اليهود، فإن حل الدولتين الذي تقوم عليه هذه المفاوضات بات ميتا. ولأنه في رئاسة الوزراء أكثر من أي من زعيم إسرائيلي، ربما اعتقد نتنياهو أن التوسع في الضفة الغربية سيكون هو إرثه والقاعدة التي ستقوم عليها أية مفاوضات في المستقبل، وهو يعتقد أن الإدارة الأمريكية التي منحته كل أمانيه: سفارة أمريكية في القدس، وعدم الاعتراض على الاستيطان، وسيادة على الجولان، ستعطيه موافقة على الضم.
وعلى المستوى السياسي التافه الذي ينتعش عليه نتنياهو، فإن الضم سيقوّي من موقفه وسط اليمين المتطرف، وسيضفي عليه عباءة البطل اليهودي عندما سيحضر أمام المحكمة في يوليو لمواجهة تهم الفساد، وهي سحابة ظلت تلاحق كل مناوراته السياسية.
وفي الوقت الذي يعارض فيه اليسار الضم، إلا أن بيني غانتس، منافس نتنياهو الذي تحداه في 3 جولات انتخابية، متحالف معه في حكومة وحدة وطنية ولا فيتو لديه على الضم.
وتضيف الصحيفة أن ترامب لديه أسبابه واعتباراته لعدم معارضة الضم، منها قاعدته الإنجيلية التي تدعم بحماس ضم الضفة الغربية، وهم جزء مهم في إعادة انتخابه، ولهذا سيتردد ترامب بمواجهة نتنياهو حتى لو رغب بهذا.
إلا أن إدارة ترامب لديها مصلحة في إبطاء عملية الضم، وهي خطة السلام التي أعلن عنها صهر ترامب، جارد كوشنر. وهي خطة من جانب واحد تعطي إسرائيل كل الأرض، ورفضها الفلسطينيون الذين لم يكن لهم دور فيها.
إلا أن الخطة تتعامل مع التوسع الإسرائيلي ضمن خطة سلام، ويتلقى فيها الفلسطينيون تعويضات مالية كبيرة وتواصلاً مع مناطقهم المجزأة. ولذلك، فتحرك إسرائيلي من طرف واحد سيكون محرجا لترامب الذي قدم نفسه بالرجل الحامل لمفاتيح السلام.
ولو كان نتنياهو معنيا بإرثه السياسي، فعليه التفكير أن ترامب قد لا يكون رئيسا في العام المقبل، وسيجد نفسه أمام زعم مناطقي لا يعترف به أحد، حتى أصدقاء وحلفاء إسرائيل المقربون.
ورغم دعم بايدن القوي لإسرائيل وتعهده بعدم قطع الدعم الأمني عنها، إلا أن الخلاف مع نتنياهو سينهي الإجماع بين الحزبين على دعم إسرائيل.
وتتساءل الصحيفة عن جدوى خطة الضم، “للفتة رمزية لن تضفي على المستوطنات شرعية في القانون الدولي بل ستزيد من منظور العنف وتضعف موقف إسرائيل في العالم وتضر بتحالفات إسرائيل الناشئة مع الدول العربية وتقلل من إمكانية التوصل لتسوية سلمية والتي تظل الطريق الوحيد لإنهاء هذا النزاع الرهيب”.