مركز أوروبي: التعاون الدولي يحل أزمة مياه النيل لمصر .. سد النهضة قضية حيوية لأمن الطاقة الإثيوبي.. ثورات مصر جعلت إثيوبيا تسرع في بناء السد..مصر تعاملت بحكمة مع أزمة المياه.. مشاركة الاتحاد الأوروبي توفر الوساطة والدعم الفني ولارقابة المحايدة
استعرض ممركز الأبحاث الأوروبي”إي سي أف أر” المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ازمة مياه النيل مع دول حوض نهر النيل مع بناء إثيوبيا سد النهضة مما يؤثر سلباً علي دول الحوض ومعاناة بعض الدول من بينهم مصر من نقص المياه خلال فترة ملء خزان سد النهضة.
سد النهضة أمر حيوي لأمن الطاقة الإثيوبي
وبحسب المركز الأوروبي، أن إثيوبيا تقوم ببناء أكبر سد أفريقي ، وهو أمر حاسم لأمن الطاقة والنمو الاقتصادي لها، كما أنه يسبب مشاكل مع دول حوض نهر النيل، وخاصة مصر التي يمكن أن تعاني من ندرة المياه بشكل مطلق بمجرد اكتمال المشروع.
قلق مصري
وأشار المركز إلي قلق مصر من سد النهضة منذ الإعلان عنه في عام 2011 مما اثار مزيجاً من الإنكار والغضب في القاهرة، وفي عام 2015 وقعت مصر اتفاق مع إثيوبيا والسودان بشأن السد وبناءً علي الجهود الدبلوماسية الثنائية والإقليمية التي جرت مؤخراً ، قبلت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بناء السد ، وتعمل بجد للتخفيف من المشكلات التي قد يخلقها المشروع لمصر، ويتطلب الأمر الاستمرار في بذل جهود حثيثة ، سواء في الداخل أو في المنطقة الأوسع.
تكلفة بناء السد
ولفت المركز إلي أن تكلفة بناء السد الإثيوبي مليارات دولار وسيحقق طاقة انتاجية 6000 ميجاواط ما يمثل أهمية كبيرة لأمن الطاقة والنمو الاقتصادي في غثيوبيا، وتأمل غثيوبيا أن يامل السد الكهرومائي وهو الأكبر في أفريقيا أن يكون شبكة للكهرباء لجميع انحاء البلاد بحلول عام 2025 حيث يخدم ما يقرب من 86 مليون غثيوبي يفتقرون حالياً إلي الكهرباء.
سد النهضة ينتهك المعاهدات الإقليمية
واوضح المركز إلي ان مصر اعترضت علي مشروع سد النهضة في البداية لأنه ينتهك المعاهدات الإقليمية بين مصر والسودان التي وقعت في عام 1929 وتم تعديلها في عام 1959، وتعتقد القاهرة ان هذه الاتفاقات تخصص حصتها من المياه وبمثابة حصن ضد الإجراءات الأحادية التي تقلل من وصول مياه النيل مصر، وفي ظل الضغوط الداخلية المكثفة لتعزيز الاقتصادي الإثيوبي وحالة عدم الاستقرار في مصر في فترة ما بعد الثورة شرعت إثيوبيا في بناء المشروع.
نقص حصة المياه لمصر بنسبة 25%
ويشير المركز إلي أن اكنمال بناء السد النهضة سيحول 60% من مياة النيل للسد وسيستغرق ملئه 15 عاما ونتبجة لذلك ستنقص إمدادات مصر من المياه العذبة وستنخفض حصة مصر بنحو 25% علي مدي السنوات السبع المقبلة، ويعد ذلك تهديد وجودي لمصر لأن نهر النيل يوفر نحو 85% فقط من المياه العذبة لاحتياج مصر.
إصلاح مصر سياسات استخدام المياه لمواجهة الأزمة
ويتسبب خفض نسبة المياه لمصر في معاناة البلاد من نقص المياه المطلق في المستقبل القريب، ما لم تعمل مصر علي إصلاح سياسات استخدام المياه، وكن مع زيادة عدد السكان السريعة وممارسات الريالمسرفة وارتفاع مستويات تلوث المياه وعدم وجود مرافق فعالة لإعادة تدوير أو تحلية المياه سيتسبب في ارتفاع عجز حاد للمياه في مصر، ويجب على مصر أن تسعى إلى نزع قتيل أي نزاع ينشأ في المفاوضات حول هذه التحديات ، لأنها ستخسر أكثر من غيرها.
استراتيجيات واقعية
ولفت المركز إلي أن مصر بدأت في اتباع استراتيجيات محلية وإقليمية على أرض الواقع، بمساعدة من خدمات العمل الخارجية الأوروبية ، أنجزت الدولة خطة وطنية للموارد المائية تركز على إدارة المياه على مدى العقدين المقبلين، وتغطي الخطة الجهود المبذولة لرفع الوعي حول ممارسات استخدام المياه ، وتشجيع الحفاظ على المياه ، وإصلاح قطاع المياه العام ، والاستثمار في محطات التحلية ، وتطوير البنية التحتية للري في البلاد.
وبما أن جميع هذه التدابير ذات أهمية حيوية لأمن المياه المصري ، يجب على الحكومة تنفيذها بطريقة مستدامة، وأعلنت الهيئات الحكومية أنها ستتابع مشاريع تراثية واسعة النطاق مثل العديد من محطات التحلية .
ومع ذلك ، فإنه من المهم بنفس القدر ، إن لم يكن أكثر أهمية، معالجة القضايا المتوطنة التي قوضت أمن المياه في مصر ، بما في ذلك عدم كفاءة البنية التحتية للري الغير فعالة، و تحتاج القاهرة أيضًا إلى الانخراط في العمل الدبلوماسي الإقليمي..
مصر تعمل بحكمة
وأضاف المركز أن هناك مؤشرات علي أن مصر تعمل بحكمة واتخذت قرارات تركز علي استراتيجية التفاوض الدبلوماسي خلاف الفترة التي ستملء فيها إثيوبيا خزان السد، ومن مصلحة مصر أن تملء أديس أبابا السد لأطول فترة ممكنة حتي تتمكن مصر من إجراء اصلاحات محلية وادخال محطات جديدة لتحلية الماياه ومعالجة المياه.
تعاون طويل الأجل
ومن الضروري أن تحافظ مصر على زخمها الدبلوماسي الحالي من خلال الضغط من أجل وضع ترتيبات متعددة لإدارة المياه مع السودان وإثيوبيا، والاتفاقيات بين الدول الثلاث التي تم توقيعها في مايو 2018 ، والتي تستند إلى الاتفاق الثلاثي لعام 2015 ، توفر الأساس لتعاون أوسع نطاقاً ، خاصة في دعوتهم إلى صناديق الاستثمار في البنية التحتية الإقليمية . وبما أن البلدان تواجه العديد من التحديات نفسها ، فإن اتباع نهج إقليمي مشترك لمكافحة ندرة المياه وعدم الاستقرار الذي تخلقه يمكن أن يكون مفيدا بصورة متبادلة.
يجب على مصر أن تسعى إلى نزع فتيل أي نزاع ينشأ في المفاوضات حول هذه التحديات ، ويجب أن تتصور طرقًا لتجاوز نقص المياه، وإقامة إطار للتعاون طويل الأجل، وهنا يمكن أن تكون مشاركة الاتحاد الأوروبي أكثر قيمة، وتوفر الوساطة المباشرة ، والدعم الفني غير المباشر ، والرقابة المحايدة على وفاء البلدان بالاتفاقيات.
كما يوفر التوجه الدبلوماسي الحالي في مصر فرصة لإعادة صياغة معاهدات عفا عليها الزمن وبناء إطار إقليمي أكثر قوة يمكنه مواجهة تحديات أمن المياه في المستقبل. وبالنظر إلى التهديد الذي تواجهه الآن ، يجب على البلد أن يتصدر القيادة في مثل هذه الجهود..