مركز أمريكي يتوقع ما سيحدث في سوريا وتركيا والسعودية بعد 3 أشهر
ستواصل الولايات المتحدة استراتيجيتها المتشددة تجاه إيران خلال الربع الأخير من العام الحالي، لكن هذا التضييق سيواجه بسياسة أكثر تشدداً من قبل طهران، لكن في نهاية المطاف سينجو الرئيس حسن روحاني. بينما يقول تقرير لمركز “stratfor ” الأمريكي بخصوص مستقبل الشرق الأوسط ، إن الحرب الأهلية السورية تدخل مرحلةً جديدة، في الوقت الذي سيستمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تشبثه بموقفه من الأزمة مع الولايات المتحدة الأميركية.
ويوضح تقرير للمركز الأميركي لتوقعات الربع الرابع والأخير من سنة 2018، حول مستقبل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن المملكة العربية السعودية سوف تبطئ من إصلاحاتها، بينما ستضغط الولايات المتحدة من أجل تشكيل «ناتو عربي» لتحمُّلِ «العبء الأمني الإقليمي» لواشنطن.
إيران سوف تتألم، لكنها ستنجو
سوف تستمر الولايات المتحدة في استراتيجيتها المُتشدِّدة لعقاب إيران، وهو مسارٌ مُصمَّم جزئياً بالطبع لزيادة الاضطراب الداخلي. سوف تنتشر المظاهرات ذات الدوافع الاقتصادية، لكن إيران، سوف تكون قادرةً في الوقت الراهن على التعامل معها. سوف يُسرِّع المحافظون في الحكومة الإيرانية من هجماتهم السياسية ضد الحلفاء المعتدلين للرئيس حسن روحاني، لكنَّ حماية المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي سوف تضمن النجاة السياسية لروحاني.
ومن المُرجَّح أن تنصاع الشركات الأجنبية المتعاملة مع الولايات المتحدة، باستثناء الشركات الموجودة في الصين وروسيا، للعقوبات الأميركية وإيقاف صفقاتهم مع إيران بدلاً من الإبقاء على عقودهم الإيرانية.
وحسب تقريرمركز “stratfor” الأمريكي، فإن خطط الاتحاد الأوروبي لتقديم أموال للشركات في الكتلة التي تخاطر بالتعرُّض للعقوبات الأميركية للتعامل مع إيران، ستكون علامةَ دعمٍ سياسي لن تساعد إيران كثيراً من الناحية الاقتصادية. ومن المُرجَّح أيضاً أن يؤدي هذا إلى احتمالية حدوث احتكاك بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لو حاولت واشنطن فصل البنوك الإيرانية عن SWIFT، وهي الشبكة الأساسية للمعاملات المالية الدولية.
وللانتقام وبناء نفوذ للمفاوضات المستقبلية، سوف تقوم إيران بتعتيم حدود السلوك المقبول ضمن حدود الاتفاق النووي، المعروف باسم خطة العمل المشتركة الشاملة، والانخراط في تطويرٍ نووي محدود. وسوف تتمسَّك إيران أيضاً بنشاطها العسكري بالوكالة في الخارج: سوف تنخرط في هجماتٍ سيبرانية، وتتعرَّض لسفن الولايات المتحدة وحلفائها والبنية التحتية النفطية في الخليج العربي، وتتظاهر بإغلاق مضيق هرمز لبناء بعض النفوذ ضد الولايات المتحدة، حتى في الوقت الذي تسعى فيه لتجنُّب إشعال صراع أوسع قد يؤثر على مستقبل الشرق الأوسط .
الحرب الأهلية السورية تدخل مرحلةً جديدة
سوف تتحدى الحرب الأهلية السورية الروس بطرقٍ جديدة، لا سيما في آخر المعاقل الكبرى للمعارضة. سوف تحاول روسيا الموازنة بين إيران وتركيا في إدلب، وسوف تتخذ تركيا موقفاً حازماً. وسوف تستمر إسرائيل في ضرب إيران داخل سوريا، حتى مع محاولة روسيا ضمان عدم تحوُّل هذه النزاعات إلى حربٍ إقليمية كبرى. وأخيراً، فإنَّ الولايات المتحدة لن تنسحب من سوريا، لكنَّ حلفاءها في قوات سوريا الديمقراطية سوف يستعدون للمستقبل من خلال بناء روابط خفية مع دمشق.
وظهر تباين في تصريحات قادة تركيا وروسيا وإيران خلال قمة طهران الأخيرة. فقد شدّد روحاني وبوتين على ضرورة استعادة قوات النظام السوري السيطرة على محافظة إدلب، آخر معقل للجهاديين ومقاتلي المعارضة في سوريا، بينما حذر أردوغان من «حمام دم» ودعا إلى إعلان «وقف لإطلاق النار» في المحافظة الواقعة على حدوده.
وجلس الرؤساء بعد القمة إلى طاولة مستديرة أمام الصحافيين. وفق وكالة رويترز
وقال بوتين «إن أولويتنا المشتركة وغير المشروطة هي في تصفية الإرهاب نهائياً في سوريا»، مضيفاً «هدفنا الأساسي في الوقت الحالي طرد المقاتلين من محافظة إدلب حيث يشكل وجودهم تهديداً مباشراً لأمن المواطنين السوريين وسكان المنطقة كلها».
الرؤساء أكدوا كذلك في بيانهم أنهم «تناولوا الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وقرروا معالجته بما يتماشى مع روح التعاون التي ميزت شكل أستانا، مؤكدين على عزمهم مواصلة التعاون من أجل القضاء في نهاية المطاف على تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمشروعات والهيئات الأخرى المرتبطة بالقاعدة».
والرئيس التركي لن يتراجع
في مواجهة الضغوط المُتَرَتِّبة على العلاقة المتدهورة بين تركيا والولايات المتحدة، سوف يغامر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتضخيم الأزمة الاقتصادية لبلاده عوضاً عن تطبيق سياسات مالية ونقدية أكثر تقييداً. ومع أنَّ الحكومة التركية سوف تعلن خططاً للتخفيض من النفقات الوطنية وإيقاف التضخُّم، فإنَّ السيطرة القومية لأردوغان على الحكومة سوف تحِد من قدرة المؤسسات الاقتصادية في البلاد على تفعيل التغييرات المطلوبة.
ولتجنُّب التعرُّض للضغوط من قبل الاتحاد الأوروبي لإجراء تحوُّلات سياسية كبيرة أو التعامل مع ظروف حقوق الإنسان، فسوف يبحث أردوغان عن المساعدة بشكلٍ أساسي من الحلفاء الأجانب الودودين مثل قطر والصين وروسيا، بدلاً من صندوق النقد الدولي. لكنَّ مثل هذا الدعم، خصوصاً لو انخفضت الليرة مرة أخرى، من المُرجَّح أن يكون محدوداً.
وفي هذا الربع سوف يستخدم أردوغان القوي الأزمة الاقتصادية والاحتكاكات المتزايدة مع الولايات المتحدة لحشد الدعم القومي. لو اختار الدعوة إلى انتخاباتٍ بلدية مُبَكِّرة، فسوف تأتي أيُّ إصلاحاتٍ أعمق لاحقاً.
بينما السعودية ستبطئ من إصلاحاتها
سوف تبطئ السعودية أحد الدول التي تؤثر في مستقبل الشرق الأوسط ، من سرعة كلٍّ من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في الربع القادم، مدعومةً بزيادةٍ في عائدات النفط سوف تستخدمها لصياغة ميزانية توسُّعية جديدة في شهر ديسمبر ولا يزال صندوق الاستثمارات العامة السعودي المصدر الرئيسي لأموال خطط التحديث في المملكة، لكن بدلاً من استخدام الاكتتاب العام لشركة أرامكو، الذي لا يزال مُعلَّقاً حتى الآن، لتوريد رأس المال اللازم لذلك، تسعى الحكومة السعودية إلى إيجاد وسائل أقل إثارة للجدل السياسي.
وقد يشمل هذا الأمر السماح لأرامكو بإصدار دين لشراء حصة صندوق الاستثمارات العامة في شركة SABIC للبتروكيماويات والبالغ نسبتها 70٪، وهو ما سوف تكون قيمته تقريباً 70 مليار دولار.
وأميركا ستضغط أكثر من أجل «ناتو عربي»
على الرغم من جهود الولايات المتحدة لبناء تحالف استراتيجي مع حلفائها العرب وتحديد ملامح مستقبل الشرق الأوسط ، فإنَّ الحقيقة أنَّ شركاء الولايات المتحدة الشرق أوسطيين منقسمون بين أنفسهم وليسوا قادرين ولا مهتمين بتحمُّلِ العبء الأمني الإقليمي لواشنطن. سوف يؤدي الاصطفاف الإسرائيلي السعودي الإماراتي مع الولايات المتحدة إلى التقدُّم في بعض الأماكن، مثل سوريا مع إسرائيل، وفي اليمن مع السعوديين والإماراتيين، وفي العراق مع السعوديين، حيث يمكن لأميركا تنفيذ استراتيجيتها لإضعاف إيران من خلال حلفائها.
لكنَّ أياً من هذه القوى لن تلتزم بهذا النوع من التحالف الرسمي الإقليمي الشامل الذي تريده الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك، فإنَّ اللاعبين المحايدين مثل الكويت وعمان سوف يجدون أنفسهم مضغوطين لمواءمة سياساتهم مع سياسات السعودية والإمارات.
إذ قال مسؤولون أمريكيون وعرب، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب، تمضي قدماً بشكل خفي في مساعٍ لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول الخليج، ومصر، والأردن، بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة، ويطلق عليه اسم «ناتو عربي»
وذكرت أربعة مصادر تحدثت لوكالة رويترز، أن البيت الأبيض يريد تعزيز التعاون مع تلك البلدان بخصوص الدفاع الصاروخي، والتدريب العسكري، ومكافحة الإرهاب، وقضايا أخرى، مثل دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية.
والخطة التي ترمي إلى تشكيل ما وصفه مسؤولون في البيت الأبيض والشرق الأوسط بنسخة عربية من حلف شمال الأطلسي أو «ناتو عربي»، من شأنها على الأرجح أن تزيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، والمحتدم بالفعل بشكل متزايد منذ أن تولى الرئيس دونالد ترمب السلطة.
وقالت عدة مصادر إن إدارة ترمب تأمل أن تتم مناقشة ذلك التحالف الذي أُطلق عليه مؤقتاً اسم «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» خلال قمة تقرر مبدئياً أن تعقد في واشنطن في 12 و13 أكتوبر المقبل، وأكد البيت الأبيض أنه يعمل على فكرة التحالف مع «شركائنا الإقليميين الآن ومنذ عدة أشهر».