مركبات الذهب هي الأمل في علاج السرطان والصيام يقلل انتشاره، باحث سعودي يقدِّم نصائح مهمة لتقليل انتشار المرض
سنوات قضاها في البحث العلمي، عكف خلالها على تطوير الأبحاث الخاصة بعلاج سرطان المعدة، حتى نشر براءة اختراع.. الذهب يعالج السرطان
دعا الدكتور السعودي سعيد الجارودي، المهتمين بالأبحاث المتعلقة بالسرطان إلى السعي لتغيير العلاج الكيميائي، المتبع منذ 40 عاماً وحتى وقتنا الحالي، وذلك لانخفاض نسبة نجاحه، وما يترتب عليه من تدهور في صحة الخاضعين لجرعات العلاج الكيميائي.
الجارودي قال في حوار لـ”عربي بوست”: “أتمنى من جميع المهتمين بالأبحاث المتعلقة بالسرطان السعي لتغيير العلاج الكيميائي المتبع خلال الأربعين عاماً، لا يخفى على أحد ما يعانيه مرضى السرطان من تدهور في صحتهم أثناء تناولهم جرعات العلاج الكيميائي، فنسبة نجاحه قليلة جداً ما يتسبب في الوفاة”، مشيراً إلى ضرورة إيجاد علاج آمن لمن يعاني من المرض الفتّاك، وأن أبحاثه في هذا الصدد كان آخرها ذلك الذي أكد أن استخدام مركبات الذهب هي “الأمل” لمحاربي السرطان.
هل للطعام علاقة بالسرطان؟
تلعب التغذية دوراً كبيراً في مكافحة السرطان والوقاية منه، لأن الغذاء الصحي يقوي الجهاز المناعي في الجسم، وبالتالي محاربة السرطان، يقول الجارودي. ويشير إلى أن مرضى السرطان الذين يتناولون أغذية صحية أثناء العلاج يمكنهم التغلب على الأعراض الجانبية التي يتعرَّضون لها أثناء العلاج.
كما يلعب الغذاء الذي نتناوله دوراً أساسياً ومهماً في هذه الناحية، إذ يمكن عن طريق الغذاء أن نعطي للأورام السرطانية فرصة الظهور أو منعها.
نعم، للطعام أو الغذاء صلة بالسرطان، ولكنها ليست وثيقة كما يزعم البعض، إذ إن تناول الغذاء المناسب يكون فعّالاً في وقت ظهور المرض قبل بدايته، تماماً مثلما يكون حزام الأمان فعّالاً في التقليل من خطورة الحوادث”.
ومن المسببات المفترضة لحدوث السرطان، بعض أنواع الأغذية التي يتناولها الإنسان بشكل يومي، أو سلوكيات غذائية تؤدي إلى الإصابة، وأيضاً هناك افتراضات تقول إن هناك بعض العناصر الغذائية تقي من السرطان، لكن ليس هناك دليل قوي وحاسم على أن الغذاء يسبب أو يقي من السرطان.
سيما أن عظم المعلومات التي تم التوصل إليها فيما يخص السرطان والغذاء، هي نتائج لدراسات مخبرية أجريت على الفئران، أو على الخلايا في المختبر، أو كانت نتيجة لدراسات وبائية على البشر، تعطي معلومات وصفية نسبة الخطأ فيها كبيرة.
كيف تنمو الأورام السرطانية؟
نمو الأورام السرطانية الخبيثة، عملية بطيئة تستغرق وقتاً طويلاً، وتشمل ثلاث خطوات رئيسية، تتكون من مرحلة الاستهلال، وهي عبارة عن تغييرات في الحامض النووي في الخلية، ثم الخطوة الثانية وهي التأسيس، أي بداية النمو المتعذّر التحكم فيه، ثم خطوة المرحلة المتقدمة، وهي ظهور كتلة واضحة من الخلايا السرطانية التي تقوم بدورها بغزو الخلايا السليمة.
وتشير الدراسات إلى وجود عناصر غذائية توجد في بعض الأغذية، يمكنها إعاقة تقدم أي مرحلة من تلك المراحل الثلاث، فمثلاً توجد عناصر غذائية مثل مادة “اللايكوبين” الموجودة في الطماطم، و”البوليفينول” الموجودة في الشاي الأخضر، وكذلك فيتامين “أ” و”سي” الموجودان في العديد من الأغذية، تساعد في تعطيل تكوّن الجذور الحرة للخلايا السرطانية في المرحلة الأولى.
أما المواد التي تمنع تكوَّن الدور الثاني، فنذكر منها الأحماض الدهنية “أوميغا3″ الموجودة في زيت الكتّان والأسماك، التي تعيق نمو الأورام، في حين تمنع مادة “الزريفراتول” الموجودة في العنب الأحمر، و”الكيركيومين” الموجودة في الكركم تكوّن المرحلة الثالثة، لقدرتها على الحد من إنتاج الأورام الخبيثة لعوامل النمو التي تساعد على بناء شبكة الأوعية الدموية.
وللتغذية السليمة علاقة كبيرة بمقاومة السرطان، إذ إن الفاكهة والخضراوات باحتوائهما على فيتامين “أ” و “ج” تُسهمان في الوقاية من سرطان الجهاز الهضمي، وتساعدان الجسم على التخلص من الفضلات والمواد الضارة، وتناول كمية كبيرة من الأغذية النباتية التي تخفض من احتمال الإصابة بالسرطان عكس تناول اللحوم والأسماك، أو ما يعرف بالدهنيات بشكل عام، التي قد تساعد على تكوّن الأورام وتُغذّيها.
يقدم الدكتور الجارودي مجموعةً من النصائح للصائمين، بالأطعمة التي يجب التركيز عليها، لاسيما من قبل المرضى بأمراض مزمنة، قد تشكل خطورة في التطور إلى السرطان وهي:
1- التركيز على الأغذية ذات الأصل النباتي
إذ إن أفضل نظام غذائي لمنع أو مكافحة السرطان هو النباتي الذي يتضمن مجموعة متنوعة من الخضراوات، والفواكه، والمكسرات، والحبوب، والفاصوليا التي تكافح السرطان بشكلٍ فعّال.
2- التركيز على تناول الألياف
فالألياف تلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على الجهاز الهضمي نظيفاً وصحياً، كما تساعد على الحفاظ على المواد الغذائية التي تمر عبر الجهاز الهضمي، وتساعد على التخلص من مركبات يمكن أن تسبب السرطان، وتطردها خارج القنوات الهضمية.
ومن الأمثلة على الأطعمة عالية الألياف، لمكافحة السرطان، الحبوب الكاملة مثل القمح الكامل والمعكرونة، ونخالة الزبيب والشعير والشوفان، والكعك، ونخالة الشوفان، والفيشار، والأرز البني، والحبوب الكاملة، أو خبز القمح الكامل، والعديد من أنواع الفاكهة والبقوليات.
3- التقليل من تناول اللحوم
تؤكد البحوث أن النباتيين أقل عرضة للإصابة بالسرطان من أولئك الذين يأكلون اللحوم بنسبة 50%.
فاللحوم تفتقر إلى المواد الغذائية وغيرها من الألياف، لما لديها من وفرة في الدهون المشبعة، فضلاً عن ارتباط الطعام الذي يحتوي على نسبة عالية من الدهون بارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، لذا ينصح بتقليل حجم كمية اللحوم في كل وجبة، لتكون عبارة عن جزء بمقدار راحة اليد، كما يمكن استبدال اللحوم الحمراء عالية الدهون باللحوم البيضاء كالدجاج.
4- اختيار الأطعمة المضادة للسرطان
المواد المضادة للأكسدة، والتي تشمل الفيتامينات القوية التي تحمي من السرطان الموجودة في الفواكه والخضراوات تعتبر من أفضل مصادر المواد المضادة للأكسدة، مثل البيتا كاروتين، وفيتامين C، وفيتامين E، والسيلينيوم والشاي الأخضر والخرشوف والتفاح الأحمر ومنتجات الطماطم، التي تحتوي على مضاد للأكسدة “الليكوبين”.
أما المصابون بالسرطان، فينصحهم الجارودي بالإكثار من شرب السوائل والتخفيف من المقليات، وضرورة صيام اليوم السابق للعلاج الكيميائي لفائدته الكبيرة في تخفيف الأعراض الجانبية الناتجة عن العلاج الكيميائي، لذا ينصح بالصيام باستثناء يوم العلاج ويوم بعده، بهدف تناول كثير من السوائل.
كيف يؤثر الصوم على مرضى السرطان؟ وهل يعالج المرض؟
يمر مرضى السرطان بشكل خاص بظروف صحية قاسية، عند تلقيهم للعلاج الكيميائي، إذ يعانون من أعراض في الجهاز الهضمي، كالغثيان والقيء والإسهال، فيشق عليهم الصيام، وقد يشعرون بالتعب والإرهاق الشديدين.
ومما يزيد من مشقة الصيام عليهم، حاجتهم للإكثار من تناول السوائل عند البدء والانتهاء من جلسات العلاج الكيميائي، خلال اليوم، بما يعادل 2-3 لترات في أول 48-72 ساعة بعد العلاج، للتخلص من المواد الكيميائية وأثرها السلبي على الكلى والمثانة.
وكذلك حاجتهم للتغذية الجيدة خلال اليوم، حيث يخفض العلاج الكيميائي الأملاح في الجسم.
أكَّدت السنوات الأخيرة أن الصوم يُسهم فعلاً في معالجة بعض الأمراض السرطانية، حيث أجريت تجارب جديدة على نساء مصابات بسرطان الثدي في الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية، أثبتت أن الصوم يساعدهن فعلاً على مكافحة الخلايا المصابة، انطلاقاً من فرضية أن الكف عن الأكل لفترة طويلة من شأنه تجويع هذه الخلايا، وجعلها غير قادرة على الثبات أمام العلاج الكيميائي، بحسب تجارب أجراها “فالتر لونغو”، أستاذ علم الأحياء في جامعة كاليفورنيا الجنوبية.
وفي دراسة أشرف عليها لونغو، ونُشرت في مجلة “سيانس ترانسلاشيونال ميدسين” الأميركية، حول تجارب مخبرية، أثبتت التجارب أن فترات تجويع عينة الفئران التي أُخضعت لها من 48 إلى 60 ساعة كانت ناجعة في تأخير نمو الخلايا المصابة، وأن هذه النجاعة تعادل تلك التي يضمنها العلاج الكيميائي.
كما أفادت شهادات أدلى بها مصابون بالمرض، أن المرضى يشعرون بنوع من الراحة بعد تلقِّي العلاج الكيميائي عندما يصومون، فضلاً عن انخفاض المضاعفات السلبية الجانبية للأدوية، التي تحدثها في أجسادهم عند الصوم، مقارنة بالأيام العادية التي يتناولون فيها وجبات الطعام لعدة مرات في اليوم.
فالخلايا السرطانية، وبسبب الخلل في مادتها الوراثية، تحتاج لكميات كبيرة من السعرات الحرارية، وهكذا فالصيام يُبطئ نموَّها بشكل كبير، كما يساعد الصوم على استهداف الخلايا السرطانية من قبل المواد الكيميائية أثناء العلاج الكيميائي بشكل خاص، دون المسّ بالخلايا الحميدة (السليمة).
فالعلاج الكيماوي عادة يستهدف الخلايا السرطانية والحميدة بدون تمييز، ولكن الصيام بما يتضمنه من تقوية وتعزيز لخلايا الجسم يعطي الخلايا السليمة قدرة أكبر على التصدي للمواد الكيماوية.
أما الخلايا السرطانية فالصيام يُضعفها بشكل خاص أمام العلاج الكيماوي، بحسب ما توصل له طاقم الباحث فرناندو صفدي، في جامعة كاليفورنيا الجنوبية.
وينصح الجارودي باستشارة الطبيب قبل الشروع في الصيام لمكافحة مرض السرطان، لوضع برنامج آمن للصيام، دون التأثير السلبي على الحالة الصحية، منوهاً بعدم تفضيل الصيام في الأيام الأولى بعد تلقي العلاج الكيماوي، إذ إن الجسم يكون ما زال ضعيفاً ومتعباً، ويحتاج الغذاء الجيد ليسترد قواه.
من هو سعيد الجارودي؟
عمل الدكتور سعيد الجارودي في معهد البحوث بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بين 1996 و2000، درس البكالوريوس في الكيمياء الصناعية سنة 1993، وحصل على الماجستير في الكيمياء العضوية من جامعة الملك فهد بالظهران سنة 1996، قبل أن يحصل على الدكتوراه في الكيمياء غير العضوية من نفس الجامعة.
وشغل وظيفة محاضر في الجامعة بين عامي 2000 و2003 قبل أن يعمل عالم مختبرات في شركة أرامكو السعودية منذ 2003 وحتى الآن.
7 براءات اختراع للجارودي
وحصل الجارودي على 7 براءات اختراع، كانت أولها عام 2009 عندما أوجد طريقة جديدة تخصّ وقود الطائرات، إذ تحسب العوالق الموجودة في الوقود عبر اختبار يوفّر الجهد والمال والوقت، بتقنية الليزر التي اختصرت وقت فلترة وقود الطائرة من 4 ساعات إلى أقل من دقيقة.
وفي 2014 حصل على براءة اختراع متعلقة باستخدام”مركبات الذهب” في علاج السرطان، أعقبها اختراعان في 2016، وثلاثة اختراعات في 2017 جميعها تتعلق بعلاج السرطان بـ”مركبات الذهب”.
وكانت براءة الاختراع الأخيرة التي حصل عليها أواخر 2017، من المكتب الأميركي (US 20170305942) عبارة عن صناعة مركبات جديدة تتميز بالثبات، يدخل في تركيبها مع الذهب ثلاثي الألكان الفوسفين وثنائي الثيوكربامات، ويستخدمان لتكون مركبات تحارب الخلايا السرطانية.
واختبرت هذه المركبات على نوعين من الخلايا السرطانية لسرطان الثدي، ومع المقارنة مع الدواء الكيميائي المعروف بـCisplatin ومن خلال التجارب تبين أن مركبات الذهب تغلبت على الكيميائي في القضاء على الخلايا السرطانية في المختبر، بما يقارب 600 مرة، علماً أن أفضل نتائج حالياً وعلى مستوى البحث العلمي لم تتجاوز 20 مرة، وهذه النتائج تعتبر فريدة من نوعها لعلاج السرطان بمركبات الذهب.
واختتم الجارودي حواره مع “عربي بوست”، بالتأكيد على أن الهدف من الاختراع هو السعي لتغيير العلاج الكيميائي المتبع، خلال الأربعين عاماً حتى وقتنا الحالي، حيث لا يخفى على أحد ما يعاني مرضى السرطان من تدهور في صحتهم إثر العلاج الكيميائي القاسي، لذا نحاول تقديم ما يخفف آلامهم، معرباً عن أمله في التوصل إلى علاج فعّال يريح مرضى السرطان، ويمنحهم الأمل ويخفف من آلامهم