محطات بارزة لمحمد بن سلمان في العام الأول من ولاية العهد
عام كامل مرّ على إصدار أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مرسوما، في 21 يونيو، بتعيين نجله الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، واختياره كنائب لرئيس مجلس الوزراء، مع استمراره في منصبه كوزير للدفاع.
شهد هذا العام الكثير، بين نجاحات وإخفاقات للمملكة، ازدهارا في مجالات ومحاولات للنجاح في مجالات أخرى، خاصة أن توقيت تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد كان معقدا، فمن ناحية تواجه المملكة أزمة اقتصادية كبيرة، سببها الحرب المفتوحة في اليمن، والتي تخطت الحد المقرر لها، بجانب الاضطرابات والأزمات في الدول المجاورة.
البداية كانت من رؤية 2030
بدأ الأمير الشاب ولايته للعهد بهذه الرسالة من خلال إطلاقه رؤية 2030 لتطوير اقتصاد المملكة :
“نلتزم أمامكم أن نكون من أفضل دول العالم في الأداء الحكومي الفعّال لخدمة المواطنين، ومعا سنكمل بناء بلادنا لتكون كما نتمناها جميعا مزدهرة قوية، تقوم على سواعد أبنائها وبناتها وتستفيد من مقدراتها، دون أن نرتهن إلى قيمة سلعة أو حراك أسواق خارجية”.
يقول الأمين العام للعاصمة المقدسة “مكة المكرمة” وعضو مجلس الشورى السعودي محمد بن عبدالله القويحص، لـ”سبوتنيك” إن “المملكة طبقا لرؤية ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وهي رؤية 2030، لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، وتقليص الاعتماد على النفط، شهدت كثير من الإجراءات التي تضمن قيام اقتصاد يعتمد على المخرجات غير النفطية”.
وأوضح القويحص، في تصريحات خاصة لـ”سبوتنيك” الخطوات الاقتصادية التى تمت في المملكة:
“إنشاء كثير من المرافق الاقتصادية، بجانب مشروعات ضخمة للغاية، مثل مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر، ومشروع الجدية ومشروع الفيصلية، وكثير من المشروعات الصناعية مع شركات أجنبية أمريكية وأوروبية”.
وقال البرلماني السعودي والأمين العام لمكة المكرمة، إن كل هذه المشروعات والإجراءات التي تمت في الواقع، تعتبر من الناحية الاقتصادية، بداية لتشكيل اقتصاد جديد يعتمد على الدخل من المشروعات ذات الناتج والصناعة والتجارة، بعيدا عن النفط الذي اعتمد عليه اقتصاد المملكة العربية السعودية لسنوات طويلة.
وعن رؤية 2030 نفسها وأهميتها بالنسبة للملكة العربية السعودية في الفترة المقبلة، قال عضو اللجنة الاقتصادية والطاقة في مجلس الشورى السعودي المهندس أسامة كردي لـ”سبوتنيك”:
إن 2030 واحد من أهم علامات التوجه نحو النمو والتماسك الاقتصادي في المملكة، وأن الأسلوب المتبع في تطبيق هذه الرؤية ومتابعة تنفيذها والإجراءات المتعلقة بها بشكل أسبوعي من الأمير محمد بن سلمان، يؤكد أهميتها وأنها ستحدث نقلة اقتصادية كبرى في المملكة.
وتابع المهندس أسامة كردي: “كل يوم تظهر مبادرات جديدة مرتبطة برؤية 2030، كما تظهر مشروعات جديدة يمكن تحقيقها في إطار الخطط المرتبطة بهذه الرؤية، وبالتالي هناك قناعة بأن هذا هو ما يمكن أن يؤدي إلى تحقيق تنمية شاملة في المملكة”.
تحولات جذرية في حياة المرأة السعودية
“أنا داعم النساء”… جملة قالها ولي العهد السعودي في حواره مع مجلة “أتلانتيك” الأمريكية، حيث شهدت الفترة التي قضاها بن سلمان وليا للعهد، تحولا في نظرة المجتمع والدولة إلى المرأة، فبعد أن كانت القيود والمحرمات تتزايد، وتفرض بالقوة الجبرية، بدأت الأوضاع تنعكس، فشهدنا تخفيفا تدريجيا للقيود.
ففي إطار خطة “تحسين أوضاع المرأة”، قامت الحكومة السعودية خلال العام الذي تولى فيه محمد بن سلمان بالتالى:
“في دمج المرأة في عملية التنمية، وهي الخطة التي بدأت بتوفير فرص العمل للنساء، باعتبارهن جزء لا يتجزأ من المجتمع السعودي، فكانت المفاجأة بتولي المرأة السعودية مناصب قيادية”.
وتولت سيدات سعوديات مناصب كبرى مثل سارة السحيمي، التي تولت رئاسة السوق السعودية، وليلى العليان التى أصبحت عضو مجلس إدارة في البنك السعودي الهولندي، ونساء أخريات دخلن مجلس الشورى السعودي.
وعن تحركات الأمير محمد بن سلمان في هذا الإطار، يرى المهندس محمد عبدالله القويحص، عضو مجلس الشورى السعودي، أن:
“مسألة حقوق المرأة، من ضمن الإصلاحات الجذرية التي يقودها ولي العهد الأمير محمد، فهو يقودتمكين المرأة من الحصول على حقوقها في المملكة”.
وشدد على أن المرأة تتقدم حاليا، بداية من دخولها مجلس الشورى، والسماح لها بقيادة السيارة، وأيضا إتاحة الفرصة لها بالتسجيل في مجالات أخرى، كما أن مسألة التعيين في مناصب إدارية متقدمة، أتاحت للمرأة السعودية — وهي في الواقع شريك مهم للرجل- أن تتبوأ منزلتها ومكانها الطبيعي في المجتمع.
سياسة خارجية تركز على مكافحة الإرهاب
الاقتصاد وحقوق المرأة، لم يكونا الملفين الأكثر قوة في مسيرة عام من تولي بن سلمان ولاية العهد، والحديث هنا للخبير الاقتصادي أحمد عبدالجواد، فهناك ما هو أكثر أهمية بالنسبة للمملكة، ألا وهو السياسة الخارجية، وملف مكافحة الإرهاب، بجانب الملفات الإقليمية الصعبة التي تعامل معها ولي العهد، وبعضها امتد لما قبل تعيينه وليا للعهد.
عبدالجواد، أوضح لـ”سبوتنيك”:
أن التطور الاقتصادي الذي شهدته المملكة، صاحبه تطور في مجالات أخرى، أبرزها القطاع العسكري، الذي حظي بالكثير من الاهتمام من بن سلمان كوزير للدفاع، ومنها إنشاء التحالف الإسلامي العسكري، ما دل على قدرة المملكة على صياغة التحالفات العسكرية، ومنها كذلك التحالف العربي في اليمن.
واعتبر أستاذ القانون الدولي د. أسامة حسين، أن تأسيس التحالف الإسلامي، الذي وضع ركائزه الأمير محمد بن سلمان، والذي يضم 44 دولة بقيادة الأمير الشاب، وتكفل بمهمة مواجهة التطرف الديني ومحاربة الإرهاب، يعد أكثر أهمية من ملفات كثيرة، بالإضافة إلى التحامه بشكل مباشر مع أزمة اليمن، ودعمه لسلطة يعتبرها شرعية لقيادة هذا البلد المهم بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
وتحدث أستاذ القانون الدولي، لـ”سبوتنيك”، عن تمكن ولي العهد السعودي من:
تغيير البوصلة السياسية بالمنطقة لصالح المملكة العربية السعودية، حتى أصبحت محور استقطاب دولي، وأصبحت لها دور واضح في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والعسكري على المستوى العالمي، بعدما كانت شريكا اقتصاديا فقط، بحكم كونها دولة نفطية غنية.
ويرجع أستاذ القانون الدولي، الفضل إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في:
“تغيير وجهة النظر الأمريكية تجاه إيران، بعدما كاد ترامب أن يفتح معها صفحة جديدة، موضحا أنزيارة بن سلمان إلى أمريكا كان لها أثر كبير في تحويل رأي دونالد ترامب، وهو ما ظهر جليا في مواقفه الرافضة لاستمرار أمريكا في الاتفاق النووي، وكذلك موقفها من إيران في سوريا”.
مرحلة جديدة من العلاقات الروسية السعودية
مؤخرا زار ولى العهد السعودي، محمد بن سلمان روسيا، والتقى الرئيس بوتين، وتناقشا حول تمديد اتفاقية “أوبك+” لخفض إنتاج النفط وجعلها اتفاقية دائمة.
أعلن كل من صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي وصندوق الاستثمارات العامة والصندوق السيادي السعودي عن استثمار صندوق الاستثمارات العامة في مشروع بناء أكبر حديقة تكنولوجية في روسيا.
وأشار صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي إلى التوصل للاتفاق خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى روسيا.
ويرى المحلل السياسي الروسي تيمور دويدار، أنه:
تم إيجاد بؤر للتعاون المشترك بين روسيا والمملكة العربية السعودية، وربما قد يكون استراتيجيا في المجالات الاقتصادية، منها الاستثمار السعودي في روسيا والاستثمار الروسي في السعودية، في القطاعات الخاصة بالطاقة والقطاع العسكري وقطاع الدواء والقطاع العلمي.
وأضاف لـ”سبوتنيك” “رأينا في هذه السنة التعاون بين روسيا والسعودية داخل منظمة الأوبك، فيما يمكن تسميته تحالف، في مواجهة تحالف العراق وإيران وفنزويلا”، موضحا أن المصالح لا يمكن وصفها بالقريبة، ولكن يمكن وصفها بأنها مشتركة لأن المنفعة مشتركة من التعاون السعودي الروسي، بجانب العلاقات الاجتماعية، حيث رأينا أسبوع للثقافة السعودية في موسكو.
واعتبر المحلل الروسي، أنه لا يمكن تسمية ما يحدث بداية تقارب، ولكنه بداية تأسيس علاقات طيبة، مختلفة عما كانت عليه منذ عقود، رغم أن هناك اختلافات بالطبع، أبرزها في الملف السوري، ولكن في نفس الوقت نرى أنه — دبلوماسيا- سوف يتم الاتفاق على الحل السياسي في سوريا في نهاية الأمر.