مجلس الشيوخ الأمريكي يعيد إحياء مشروع قانون يعاقب الصين على معاملة مسلميها
أعاد مشرّعون أمريكيون إحياء مشروع قانون قد يمهد الطريق لفرض عقوباتٍ على الصين، بسبب حملات الاعتقال الجماعي للأقليات العرقية المسلمة في إقليم شينج يانج الواقع في الغرب.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية فإن مشروع قانون مجلس الشيوخ سيستحدث مناصب داخل وزارة الخارجية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالات الاستخبارات الأمريكية لدراسة القضايا المتعلقة ببرنامج الاعتقال المستمر، ما يزيد الضغط الذي تمارسه واشنطن على الصين بسبب حملتها التي احتجزت ما يصل إلى مليون شخص، معظمهم من أقلية الإيغور العرقية المسلمة، في معسكرات تثقيف سياسي غير قانونية.
القانون اسمه «قانون حقوق الإيغور»
يقود جهود سن قانون حقوق الإيغور السيناتور الجمهوري ماركو روبيو والسيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز، في وقتٍ يحتد فيه موقف واشنطن تجاه بكين على مستوى مختلف الأحزاب السياسية وفروع الحكومة، بشأن قضايا تتباين من النزاعات التجارية وسرقة التكنولوجيا إلى المنافسة الجيوسياسية وحقوق الإنسان. جديرٌ بالذكر أنَّه قد قُدِّمَ مشروع قانون مشابه في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، لكن لم يُصدَّق عليه في مجلس الشيوخ قبل انتهاء دورة الكونغرس.
وذلك لمواجهة انتهاكات الصين ضد المسلمين
ووفقاً للصحيفة الأمريكية، فقد أنشأت الصين في العامين الماضيين شبكةً من معسكرات التثقيف في إقليم شينغيانغ تعمل خارج نظامها القضائي، واعتقلت بصورةٍ منهجية ما يصل إلى مليون شخص، وذلك وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة. جاءت تلك الاعتقالات مصاحبةً لبرنامج تبنته الصين يتضمن جهود تقويض لغة وثقافة المسلمين الإيغور، بالإضافة إلى عملياتٍ لفرض مراقبة رقمية شاملة وجمع عينات الحمض النووي على نطاقٍ غير مسبوق. واستجابت بكين للتدقيق الدولي والتهديد بفرض عقوباتٍ أمريكية على البرنامج، واصفة ذلك بأنَّه مثالٌ على التدخّل الأمريكي في شؤونها الداخلية. وبعد إنكارها في البداية وجود معسكرات الاعتقال، بدأت في شهر أكتوبر/تشرين الأول في الدفاع بقوة عن البرنامج باعتباره إجراءً لمكافحة الإرهاب، للقضاء على التطرُّف الإسلامي القادم من منطقةٍ شاسعة غير مستقرة على حدود آسيا الوسطى.
القانون يتضمن التحقيق في تعرض الإيغور للترهيب في الصين
ووفقا للصحيفة الأمريكية، سَيُكلَّف مكتب التحقيقات الفيدرالي كجزءٍ من مشروع القانون الجديد، الذي يصاحبه تدبيرٌ مشابه في مجلس النواب، بالتحقيق في ما إذا كان المسلمون الإيغور المقيمون في الولايات المتحدة قد تعرّضوا للترهيب من جهاز أمن الدولة الصيني في جهوده الممتدة عالمياً خلال العامين الماضيين لإعادتهم إلى معسكرات التثقيف. ويكرر مشروع القانون الدعوات لفرض عقوباتٍ مالية وأخرى متعلقة بحرية السفر بموجب قانون غلوبال ماجنيتسكي ضد المسؤولين الصينيين المتورطين في برنامج الاحتجاز، وهي خطواتٌ كان السيناتور ماركو روبيو قد طالب وزارة الخزانة الأمريكية في وقتٍ سابق بمتابعتها. وقال روبيو في بيان إنَّ وزارة الخارجية تقود حالياً جهداً أمريكياً يشمل جميع الوكالات لتطوير سياساتٍ رداً على حملة قمع شينغيانغ. وقال: «لقد حان وقت اتخاذ إجراءٍ الآن».
ويظهر القانون في ظل تدهور العلاقات الأمريكية الصينية
جديرٌ بالذكر أنَّ العلاقات الأمريكية-الصينية قد تدهورت على عدة جبهات على الرغم من التقدُّم غير المنتظم فى المفاوضات التجارية. وأفادت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية أنَّ المُدّعين الفيدراليين قد يوجِّهون قريباً اتهاماتٍ لشركة Huawei الصينية بسرقة أسرارٍ تجارية، مما يضيف ادعاءً جديداً ضد شركةٍ مستهدفة بالفعل من جانب الولايات المتحدة بسبب صفقاتها المزعومة مع إيران. وقدَّمت مجموعة الحزبين الجمهوري والديمقراطي من كلا المجلسين مشروع قانون في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع يحظر بيع الرقاقات الإلكترونية الأمريكية إلى شركتي Huawei و ZTE، وهو إجراءٌ قد يتسبّب في عرقلة عمليات الشركتين الصينيتين الناجحتين عالمياً. ووصفت وزارة الخارجية الصينية هذا الإجراء بأنَّه «هستيريا» أمريكية، قائلةً إنَّه يمثّل «التعجرف» وانعدام الثقة بالنفس لدى رعاة مشروع القانون. وأوضح السيناتور روبرت مينينديز في بيانٍ أنَّ مشروع قانون حقوق الإنسان الخاص بالمسلمين الإيغور كان جزءاً من نهجٍ أمريكي أوسع نطاقاً وأكثر حدة ضد بكين. إذ قال: «يُعد هذا التشريع اعترافاً بأنَّنا الآن في حقبةٍ جديدة من المنافسة الاستراتيجية مع الصين».
وأضاف: «أنا فخور بالمساعدة في قيادة هذا الجهد المهم حتى لا نتخلّى عن قيمنا ونغض الطرف ببساطة بينما يُعتقل مليون مسلم دون وجه حق، ويُجبرون على الإقامة في معسكرات عمل أقامها نظامٌ صيني استبدادي». وفي خضم الانتقادات المتزايدة من تحالفٍ يضم 15 دولة غربية ومنظمة الأمم المتحدة ومئاتٍ من الباحثين في جميع أنحاء العالم، دعا مسؤولون صينيون هذا الشهر يناير/كانون الثاني وسائل إعلامية ودبلوماسيين، جميعهم تقريباً من دولٍ ذات أغلبية مسلمة، لجولاتٍ مُدارة بإحكام في شينغيانغ ليروا مسلمي الإيغور السعداء وهم يغنون ويتعلمون في المعسكرات الثقافية طواعيةً حسب وصفهم. وتشير تلك الدعوات التي ترعاها الحكومة وتستثني جميع الدول الغربية إلى أنَّ الصين ربما تدعو في نهاية المطاف مفتشي الأمم المتحدة لزيارة شينغيانغ. وأعلنت الصين فى يناير أنَّها سترحب بزيارة فريقٍ أممي ليتفقّد المنطقة إذا التزم بالقانون والإجراءات الصينية وكان «حيادياً».