مباحثات أمريكية تركية متقدمة في أنقرة حول المنطقة الآمنة في سوريا
تجري في العاصمة أنقرة مباحثات تركية أمريكية وصفت بـ»المتقدمة» حول إنشاء منطقة آمنة في شرقي نهر الفرات شمالي سوريا، وذلك وسط تكهنات بإمكانية قرب التوصل لتفاهم بين الجانبين يتعلق بإنشاء منطقة خالية من الوحدات الكردية على طول الحدود السورية مع تركيا بعمق 32 كيلو متراً، لكن التطبيق وآلياته تبقى التحدي الأكبر أمام الجانبين.
وأمس الثلاثاء، وصل إلى تركيا وفد أمريكي رفيع يتقدمه كل من ممثل وزير الخارجية الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، مع المبعوث الخاص لسوريا، نائب مساعد وزير الخارجية، جويل رايبورن، حسب مصادر تركية وبيان للخارجية الأمريكية الذي أشار إلى أن المباحثات سوف تستمر حتى الثاني أيار/مايو.
وقال البيان الأمريكي: «سيتم تناول المخاوف الأمنية التركية المشروعة بخصوص شمالي سوريا في الوقت الذي يتجه فيه الجيش الأمريكي لتقليص وجوده هناك»، وأشار إلى أن المباحثات ستتناول أيضًا الدعوة التي ستوجه لتحقيق الأمن والاستقرار في الشمال السوري، فضلاً عن «سبل إلحاق الهزيمة الدائمة بتنظيم داعش».
ومنذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته لسحب كامل للقوات الأمريكية من شمالي سوريا تجري مباحثات بين أنقرة وواشنطن للتوصل إلى اتفاق يأخذ بعين الاعتبار المخاوف الأمنية التركية مقابل عدم تنفيذها عملية عسكرية واسعة هددت بالقيام بها ضد الوحدات الكردية شمالي سوريا.
وتركزت المباحثات في الأسابيع الأخيرة على إقامة منطقة آمنة تكون خالية من عناصر الوحدات الكردية بكافة مسمياتها بعمق 32 كليومتراً على طول الحدود السورية مع تركيا، لكن الكثير من التفاصيل بقيت عالقة بين الجانبين أبرزها تمحور حول ماهية القوات التي ستسيطر على تلك المنطقة الشاسعة وما إن كان الحديث يدور عن «منطقة آمنة» أو «منطقة عازلة» ومستقبل السلاح الثقيل في يد الوحدات الكردية إلى جانب النقطة الأبرز المتمثلة في الضمانات الأمريكية لتنفيذ الاتفاق حيث تقول أنقرة إنها فقدت الثقة بواشنطن وتحتاج إلى آليات وجداول زمنية واضحة للتنفيذ بعيداً عن الوعود والاتفاقيات الشكلية.
لكن مصادر تركية تحدثت مؤخراً عن وجود محاولات من قبل الإدارة الأمريكية للربط بين المباحثات المتواصلة حول المنطقة الآمنة والخلاف المتصاعد بين البلدين حول صفقة شراء تركيا منظومة S400 من روسيا والتهديد بفرض عقوبات عليها وتعطيل مشاركة تركيا في برنامج صناعة طائرة F35 الحربية المتطورة.
وفي هذا السياق، توقعت المصادر التركية أن الوفد الأمريكي يحمل هذه المرة «تنازلات أمريكية» و»عرضاً مغرياً» حول مقترح المنطقة الآمنة يأخذ بعين الاعتبار التصور التركي وتخوفات أنقرة الأمنية لمستقبل المنطقة، لكن هذا العرض سيكون مرهوناً بالموقف التركي من تسلم المنظومة الروسية.
والاثنين، جرى اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب تركز بشكل أساسي على بحث مستقبل صفقة S400 و»التقدم الحاصل في المفاوضات بخصوص الهواجس الأمنية لتركيا حيال شمالي سوريا»، في إشارة هي الأولي من البيت الأبيض لحدوث تقدم في هذه المباحثات.
من جهته أشار بيان الرئاسة التركية إلى أن «اردوغان طرح على ترامب مقترح تشكيل مجموعة عمل بشأن شراء تركيا منظومة S400»، كما أشار إلى تناولهما المستجدات في سوريا واتفاقهما على «مواصلة التعاون الوثيق في مكافحة الإرهاب».
وقبل أيام قال إبراهيم قالن الناطق باسم الرئاسة التركية: «محادثاتنا متواصلة (مع الجانب الأمريكي) بشكل مكثف حول المنطقة الآمنة»، معتبراً ان «مسألة سحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا يشوبها التخبط، وهناك دعم أمريكي متواصل لتنظيم ي ب ك الإرهابي»، لافتاً أيضاً إلى تواصل المباحثات حول تطبيق اتفاق منبج.
ونقلت وكالة الأناضول عن مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، قوله: «مقارنة بموضوعات أخرى بين البلدين، يمكنني القول إن هناك تقدمًا في المباحثات الجارية مع تركيا بشأن المنطقة الآمنة».
وتعول تركيا على أن رفض أغلب الدول الأوروبية المقترح الأمريكي بإرسال قوات «حفظ سلام» إلى سوريا سيدفع واشنطن للتساهل أكثر في المباحثات المتواصلة مع تركيا التي تعتبر أن واشنطن لا يمكنها استبعادها من المعادلة في شرقي نهر الفرات لا سيما مع فشل واشنطن الحصول على دعم أوروبي، وتراجع احتمالات إرسال قوات عربية أيضاً.
وكانت صحف أمريكية تحدثت عن ان إدارة ترامب طلبت حتى اليوم من 21 دولة إرسال قوات إلى سوريا وإنها لم تتلق موافقة إيجابية من أقل من نصف هذا العدد، وأن الوعود من الدول الأخرى كانت «محدودة للغاية» وتتعلق بالتدريبات والمساعدات الإنسانية، في حين يتهرب الجميع من استحقاق إرسال قوات عسكرية على الأرض مع انتهاء الحرب الأساسية على تنظيم الدولة.