ما هو مستقبل العلاقات بين ماليزيا وروسيا في عالم يحكمه هاجسا الأمن والدفاع؟
تعرضت العلاقات الماليزية الروسية لأزمة عنيفة عام 2014 بعد إسقاط طائرة ركاب ماليزية فوق أوكرانيا، ولكن يبدو أن التعاون بين البلدين خصوصاً في مجالات الأمن والدفاع في طريقه لتخطي الأزمات، فما آفاق ذلك التعاون ومستقبل العلاقات بين الدولتين؟
مجلة ذا ديبلومات الإلكترونية تناولت القصة في تقرير لها بعنوان: «ما مستقبل التعاون الأمني بين روسيا وماليزيا؟»، رصدت فيه تطور تلك العلاقات والزخم الذي تشهده مؤخراً.
علاقات قديمة ولكن
في الأسبوع الماضي، زار وفد روسي رفيع المستوى ماليزيا لإجراء مشاورات متعلقة بالمجال الدفاعي بين الجانبين. وأبرز الخطاب المقرر، الذي جاء قبيل زيارة رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد لروسيا هذا الأسبوع، الجهود المستمرة لدفع الجانب الدفاعي للعلاقة على الرغم من التحديات الراهنة.
رغم أن ماليزيا وروسيا كانت لديهما علاقة دبلوماسية رسمية تعود إلى عقود، لم يتعزز زخم العلاقات فعلياً سوى في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن العشرين في نهاية فترة مهاتير الأولى كرئيس للوزراء. وبينما كان هناك تحسن كبير في العلاقات الأمنية خلال تلك الفترة، بما في ذلك استكشاف شراء ماليزيا للطائرات الروسية، لم تحافظ العلاقات بعد ذلك على الزخم منذ ذلك الحين وتحملت نصيبها العادل من التوترات ومن بينها إسقاط الطائرة الماليزية MH17 في أوكرانيا مرة أخرى في عام 2014.
طائرات روسية لا تطير
بالنظر إلى كل هذا، فليس غريباً أن نرى تركيزاً متزايداً على التعاون بين روسيا وماليزيا منذ تولى مهاتير مهام منصبه في شهر مايو/أيار الماضي، بما في ذلك في المجال الدفاعي، على الرغم من العقبات التي لا تزال قائمة. على سبيل المثال، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما عقد مهاتير وبوتين لقاء قمة، ناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات، مع إشارة مهاتير مباشرة إلى أن ماليزيا لا يزال يتعين عليها «تعلم المزيد حول كيفية إصلاح وصيانة الطائرات الروسية»، وهي نقطة ترددت عندما أعلن وزير الدفاع الماليزي محمد سابو علناً في يوليو 2018 أن أربع طائرات فقط من بين 28 طائرة مملوكة لماليزيا يمكنها التحليق.
استمر هذا حتى عام 2019 أيضاً. في الواقع، هذا الأسبوع، وصل مهاتير إلى روسيا في رحلة بدعوة من بوتين، حيث سيحضر الوفد الماليزي المنتدى الاقتصادي الشرقي لأول مرة، وسيحاول الجانبان تطوير العلاقات في العديد من المجالات بما في ذلك التعاون العسكري والتقني.
الدفاع يتصدر العناوين
في الأسبوع الماضي، تصدر الجانب الدفاعي من العلاقة العناوين مرة أخرى مع عقد اجتماع متعلق بالأمن. عقدت ماليزيا وروسيا المشاورات الدفاعية في ماليزيا بالتزامن مع زيارة وفد رفيع المستوى من روسيا، جاءت مباشرة قبل رحلة مهاتير إلى موسكو.
ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الدفاع الماليزية، عقدت ماليزيا وروسيا اجتماعاً بين البلدين برئاسة وزير الدفاع الماليزي محمد سابو، وأمين مجلس الأمن القومي الزائر نيكولاي باتروشيف، الذي كان في رحلة رسمية لمدة لمدة يومين إلى ماليزيا. ضم الوفد الماليزي مختلف المؤسسات الفاعلة، بما في ذلك الجيش والشرطة وخفر السواحل، فضلاً عن وزارات الداخلية والخارجية والنقل.
ووفقاً للبيان، ناقش الجانبان خلال اللقاء وضع العلاقات الدفاعية والقضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك. وشملت هذه، من بين أمور أخرى، الاتجار بالمخدرات والأمن السيبراني والجريمة المنظمة والإرهاب والتطرف. وناقشوا أيضاً السبل المحتملة لتعزيز العلاقات، التي شملت التعاون في صناعة الدفاع من خلال وسائل مختلفة بما في ذلك الشراكة الذكية، والمشروعات المشتركة، والتحالفات التجارية الاستراتيجية بين شركات الدفاع على الجانبين.
الكثير مسكوت عنه
ومثلما هو متوقع لم يُكشف علناً سوى عن القليل من التفاصيل الإضافية حول المداولات الخاصة بين البلدين. لكن في ضوء أهمية المشاورات الدفاعية، صرح فيكتور كلادوف، وهو مساعد خاص لبوتين ومدير التعاون الدولي والسياسات الإقليمية في شركة روستيك الحكومية، لصحيفة New Straits Times في معرض «ماكس 2019» للطيران والفضاء في مطار جوكوفسكي الدولي في موسكو بأن اجتماع باتروشيف يعكس التزام روسيا بتطوير العلاقات مع ماليزيا. وأشار على وجه التحديد إلى العناصر ذات الاهتمام في التعاون الدفاعي الروسي-الماليزي، بما في ذلك التعامل مع مشكلات صيانة الطائرات روسية الصنع التي بيعت إلى ماليزيا، وبيع معدات جديدة بما في ذلك الطائرات العمودية النفاثة والمروحيات، ومساعدة ماليزيا في تطوير الصناعات، بما في ذلك صناعة الطيران.
من المؤكد أنه ما زال من غير الواضح مقدار ما سوف يتحول إلى حقيقة من هذه الأمور. ومع ذلك، نظراً لأننا نشهد تواصلاً مستمراً في العلاقات بين ماليزيا وروسيا، بما في ذلك زيارة مهاتير هذا الأسبوع، سيكون من المثير للاهتمام مراقبة كيف يتطور الجانب الدفاعي للعلاقة مع مرور الوقت.