ما هو فحص الأجسام المضادة، وهل وجودها يحمينا من الإصابة بفيروس كورونا؟
منذ سيطرة جائحة كورونا على الأخبار في كل دول العالم، أصبح الناس يتساءلون عن المرض وكيفية العلاج منه وهل يعود المرض مرة أخرى للذين تعافوا منه، ومن بين المصطلحات التي باتت تهم الناس هو مصطلح الأجسام المضادة؟ وماذا تعني؟ وهل بالفعل هذه الأجسام قادرة على مجابهة كورونا؟
شبكة CNN الأمريكية تناولت في تقرير هام قصة هذه الأجسام وطريقة الفحص التي تتعرض لها وأيضاً إمكانية قدرة هذه الأجسام على حماية الجسم.
هل فحوصات الأجسام المضادة متاحة؟
الدكتور أنثوني فوسي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، قال في تصريح لشبكة CNN الأمريكية، يوم الجمعة 10 أبريل: “خلال أسبوع تقريباً، سيتاح لدينا عدد هائل من فحوصات (الأجسام المضادة)”.
لكن هذا لا يعني أنها جاهزة الآن.
إذ لم تعتمد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أية فحوصات مضادة للأجسام لفيروس كورونا المستجد، لكنها أصدرت تصريحاً بالاستخدام الطارئ لفحص واحد من إنتاج شركة Cellex Inc. وأنتجت العديد من الشركات الأخرى نسخاً خاصة بها من هذه الفحوصات بموجب سياسة جديدة طبقتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الشهر الماضي، التي جعلت من السهل على الشركات تصنيع هذه الفحوصات وتوزيعها.
وبموجب السياسة الجديدة، يمكن توزيع الفحوصات واستخدامها بعد تبليغ الشركة المُصنِعة إدارة الغذاء والأدوية بأنها تحققت من فعالية الاختبار، لكن لا يمكن للشركات الادعاء بأنَّ الإدارة قد تحققت من صحة الفحوصات.
وحذَّرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من أنَّ الفحوصات السيرولوجية هذه “لا يجب أن تستخدم على أنها الأساس الوحيد لتشخيص الإصابة بفيروس كورونا المستجد أو استبعاد الإصابة به أو للإبلاغ عن حالة الإصابة” وطلبت من الشركات المصنعة الإبلاغ عن أية مخاوف محتملة بشأن الفحص.
هل فحوصات الأجسام المضادة دقيقة؟
وصف سكوت بيكر، المدير التنفيذي لجمعية مختبرات الصحة العامة الأمريكية، الكثير من هذه الفحوصات بأنها “رديئة”. وتمثل الجمعية التي يترأسها بيكر 125 معمل صحة عامة في الولايات المتحدة، وستكون هي المسئولة، ومعها معامل خاصة، عن إجراء الفحوصات.
لكن بيكر قال إنَّ مختبراته لن تستخدم الفحوصات الموجودة في السوق لأنهم قلقون بشأن النتائج غير الدقيقة لها التي قد توحي خطأً أنَّ الناس محصنون ضد الفيروس ويمكنهم العودة إلى العمل أو التوقف عن ممارسة المباعدة الاجتماعية.
وحذر بيكر: “قد يكون ذلك خطيراً جداً”.
ويتفق معه في الرأي الدكتور بريت غيروار، مساعد في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، الذي قال إنَّ التحقق من دقة هذه الفحوصات سيكون له الأولوية، لكنه أقر أنَّ ليس جميع الفحوصات المتاحة ستكون ذات جودة عالية.
وقال غيروار، في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض الأسبوع الماضي: “هناك تنسيق كبير بين جهود إدارة الأغذية والعقاقير، ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، والمعاهد الوطنية للصحة للتحقق من صحة بعض فحوصات (الأجسام المضادة) الموجودة في السوق في الوقت الحالي.. سنتأكد بحرص شديد من أنه عندما نخبرك أنك قد تكون محصناً من المرض.. أنَّ هذه نتيجة دقيقة للفحص”.
ألن تعرف ما إذا كنت عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد؟
إلى جانب الإشارة إلى مستوى معين من المناعة ضد الفيروس، فإنَّ وجود الأجسام المضادة لـ(كوفيد-19) يمكن أن يساعد في تحديد أولئك الذين أصيبوا بالعدوى لكن لم يدركوا قط أنهم مصابون بالمرض. وتُظهِر أبحاث مبكرة أنَّ عدداً كبيراً من الأشخاص قد يكون لديهم أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أعراض على الإطلاق، وقد تنشر هذه المجموعة الفيروس أكثر مما كان يُعتقَد سابقاً.
ورداً على سؤال عن أهمية فحوصات الأجسام المضادة، قال فوسي، في برنامج Today Show على شبكة NBC News الأمريكية: “قد يكون هناك الكثير من الناس المصابين، وأظن أنَّ عددهم غير قليل، لم تظهر عليهم أعراض، ولم يعرفوا قط أنهم أصيبوا”.
وفي هذا السياق، أعلنت المعاهد الوطنية للصحة يوم الجمعة، 10 أبريل، أنها ستنشر 10000 متطوع للمشاركة في دراسة حول عدد الأمريكيين المصابين بمرض “كوفيد-19” ولا يعرفون ذلك.
وقال فوسي في بيان: “ستساعدنا هذه البيانات المهمة على قياس تأثير جهودنا في مجال الصحة العامة الآن وستكون بمثابة خطوات إرشادية لتحقيق تقدم في استجابتنا للمرض”.
يمكن أن يساعد تحديد الأشخاص الحاملين لأجسام مضادة في علاج “كوفيد-19”. وتُجرَى حالياً التجارب السريرية باستخدام بلازما النقاهة؛ وهي عملية تشمل أخذ الأجسام المضادة من شخص تعافى من “كوفيد-19” وحقنها في شخص مريض.
إلى متى ستصمد المناعة أمام فيروس كورونا المستجد؟
قد يكون لدى الأشخاص الحاملين لأجسام مضادة مناعة ضد مرض “كوفيد-19″، لكن من غير الواضح مدى قوة استجابة جهازهم المناعي أو إلى متى سيستطيع الصمود أمام هذا المرض.
وفي تصريح لشبكة CNN، قالت الدكتورة ماريا فان كيرخوف، المديرة الفنية لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية: “إذا نظرنا إلى فيروس كورونا المُسبِّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، فسنرى أشخاصاً لديهم أجسامهم مضادة قد تصمد لمدة 10 أشهر أو ربما عام. لكن حتى في هذه الحالات، لم نكن نعرف ما إذا كان ذلك يوفر لهم الحماية. لذا بالنسبة لهذا الفيروس بالذات (كوفيد-19)، فإن الإجابة هي أننا لا نعرف حتى الآن، لكن هذه الدراسات جارية”.
من جانبه، قال الدكتور ويليام شافنر، اختصاصي الأمراض المعدية في جامعة فاندربيلت الأمريكية، في رسالة إلكترونية إلى شبكة CNN: “الحصانة التي توفرها الأجسام المضادة ضد كوفيد-19 يمكن اعتبارها بمثابة جسر حماية حتى نصل إلى لقاح فعال”.
وأضاف شافنر: “وحتى حين يتحقق ذلك، قد يتعين إعطاء اللقاح سنوياً”، مشيراً إلى أنه بدون بيانات محددة، فإنَّ كل ذلك ليس إلا تكهنات.
وقال الدكتور بالا هوتا، أستاذ الأمراض المعدية والمسؤول الطبي المساعد في المركز الطبي بجامعة راش في شيكاغو، إنَّ الإجابة على هذا السؤال تعتمد أيضاً على خصائص الفيروس، التي ما زلنا لا نعرفها.
وبدوره، أوضح في رسالة بالبريد الإلكتروني لشبكة CNN: “بعض العوامل تشمل مقدار الاختلاف المتوقع رؤيته في الملف الوراثي للسلالات المعدية للفيروس التاجي الجديد.. بما أنَّ هذا الفيروس جديد للغاية، فليس لدينا البيانات حتى الآن”.
كيف يمكن أن تساعد فحوصات الأجسام المضادة على إنهاء المباعدة الاجتماعية؟
من شأن تحديد الأشخاص الذين يتمتعون ببعض المناعة ضد الفيروس من خلال إجراء فحوصات الأجسام المضادة أن يساعد الأشخاص على الشعور بالأمان بشأن العودة إلى العمل.
ويتطلع حاكم نيويورك أندرو كومو، الذي سجلت ولايته حالات إصابة بفيروس كورونا المستجد أكثر من أية ولاية أخرى، إلى فحوصات الأجسام المضادة من أجل “استئناف الحياة” في المدينة بعدما توقفت بسبب الفيروس.
وقال كومو، في الأسبوع الماضي على الشبكات الاجتماعية، إنَّ نيويورك طوَّرت نظام اختبار للأجسام المضادة خاص بها -الذي وافقت وزارة الصحة على استخدامه داخل الولاية- وأضاف أنَّ الولاية تعمل مع إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على تطويره ليُستخدَم في الدولة بأكملها.
من جانبه، ساعد الدكتور سكوت غوتليب، مفوض إدارة الغذاء والدواء الأمريكية السابق، في صياغة خطة عمل حول كيفية إنهاء حالة الإغلاق، التي يمثل فيها فحص الأجسام المضادة دوراً مهماً.
وتقترح المبادرة أنَّ هذه الفحوصات ستُخلِف “آثاراً مهمة” على قدرة الناس على العودة إلى العمل، خاصة في أماكن الرعاية الصحية، لكنها تشير أيضاً إلى العديد من الأشياء المجهولة حول هذه الفحوصات، بما في ذلك بعض النقاط الحيوية: ما الذي يعنيه الاختبار الإيجابي في الواقع من حيث مستوى حماية شخص ما؟ وما مدى دقتها؟
ووفقاً للخطة، في الوقت الذي تُعالَج فيه هذه المشكلات ويتسع نطاق إجراء الفحوصات، “سيتحسن أداء هذه الفحوصات”؛ مما يسهل على الإدارة الفيدرالية وحكومات الولايات وضع معايير للاختبار وترتيب الأشخاص وفق أولوية إجراء الفحص. ويمكن أن توفر فحوصات الأجسام المضادة بيانات ضرورية لنمذجة نتائج “كوفيد-19” المستقبلية والتنبؤ بها.
إذ قال الدكتور فوسي، في مؤتمر صحفي، إنَّ فحوصات الأجسام المضادة يمكن أن تكشف مدى انتشار الفيروس في الولايات المتحدة. وأضاف: “بحلول الوقت الذي نضطر فيه لمواجهة تبعات عودة الحياة لطبيعتها، سنصبح قادرين على تحديد المصابين وعزلهم، وتتبع من تواصلوا مع المصابين حتى لا يخرج الوضع عن السيطرة”.