ما هو الخيار الوحيد للرئيس نيكولاس مادورو للبقاء في السلطة والرد علي الولايات المتحدة؟
في ظل تزايد حدة التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، قد يبدو أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يمتلك أداةً واضحةً تُساعده على التصدِّي للضغط الأمريكي: النفط.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إذ لا تزال مصافي النفط الأمريكية بمنطقة ساحل الخليج الأمريكي تعتمد على الإمدادات الفنزويلية للحفاظ على كفاءة سير عملياتها.
وبدايةً من أوائل عام 2019، استوردت الولايات المتحدة قرابة الـ500 ألف برميلٍ من النفط الخام الفنزويلي يومياً. وقال جون كيلدوف، من شركة Again Capital الاستثمارية: «النفط الفنزويلي ضروريٌ لإنتاج وقود الديزل داخل الولايات المتحدة».
لكن انهيار الاقتصاد الفنزويلي صعَّب مهمة مادورو عملياً في استخدام صادرات النفط كسلاحٍ دبلوماسي.
وقال سكوت موديل، المدير الإداري لشركة Rapidan Energy وضابط وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السابق: «تأتي 75% من صادرات النفط الي تُدِرُّ سيولةً ماليةً إلى هنا». ورغم أن فنزويلا تُصدِّر كمياتٍ كبيرةً من النفط الخام إلى دولٍ حليفةٍ مثل روسيا والصين، لكن معظم الأرباح تُستَخدَم لسدِّ الديون الموجودة مسبقاً. وأضاف موديل: «لا يحصلون على أموالٍ سائلةٍ نظير ذلك، وهم في أمَسِّ الحاجة إلى السيولة».
وقالت شانون أونيل، خبيرة شؤون أمريكا اللاتينية بمجلس العلاقات الخارجية، إن وقف الصادرات أو غيرها من محاولات الردِّ على الولايات المتحدة اقتصادياً ستكون «أشبه بمن جدع أنفه ليغيظ نفسه» وستُؤدِّي إلى «تأثيرٍ سلبيٍ غير متماثل، إذ أنها ستضُرُّ فنزويلا أكثر من الولايات المتحدة»، بحسب ما كتبته شانون في رسالةٍ بالبريد الإلكتروني إلى صحيفة “واشنطن بوست”.
ويبدو أن أسواق الطاقة توافقت يوم الخميس على ارتفاعٍ طفيفٍ في أسعار النفط، دون تأثيرٍ مباشرٍ كبيرٍ على مخزونات المصافي الأمريكية، بخلاف الأزمات السابقة في فنزويلا التي هزت عرش شركات التكرير الأمريكية.
لكن المسألة الوحيدة التي تحتمل التعقيد هي مستقبل Citgo، شركة التكرير التي تقع داخل الولايات المتحدة وتمتلك شركة النفط الفنزويلية الوطنية Petróleos de Venezuela غالبية أسهمها منذ عام 1990. وعملت الشركة لوقتٍ طويلٍ بوصفها كياناً مستقلاً يرسل حصص الأرباح الحالية، بدلاً من العوائد، إلى الشركة الفنزويلية.
أثارت ملكية شركة Citgo الكثير من التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا. وفي أغسطس/آب عام 2017، أصدرت إدارة ترامب أمراً تنفيذياً يمنع إرسال حصص الأرباح إلى الشركة الأم، وأصبحت Citgo في موقفٍ يزداد حرجاً نتيجةالعقوبات المفروضة على المسؤولين الفنزويليين.
واستخدمت الحكومة الفنزويلية نصف أسهم Petróleos de Venezuela في الشركة كضمانٍ للحصول على قرضٍ بقيمة 1.5 مليار دولار من شركة الطاقة الروسية العملاقة Rosneft عام 2016. واقترح الدائنون الأجانب أنهم قد يحاولون الحصول على حصةٍ من أسهم Citgo لسداد ديونهم.
وقال موديل إن هناك جدلاً داخل الولايات المتحدة حول إمكانية استحواذ الحكومة الأمريكية على الشركة. وعارض البعض ذلك قائلين إن Citgo يجب أن تظل من الأصول المملوكة لفنزويلا في الحقبة التي ستعقب مادورو، لتُساعد في تدشين «انتعاشةٍ اقتصاديةٍ بترولية» للبلد المأزوم.
وأضاف موديل، الذي يُفضِّل استحواذ الولايات المتحدة على الشركة: «على الناحية الأخرى، يرى بعض الناس أن الشركة لا تزال مصدر دخلٍ لمادورو».
وتمتلك الولايات المتحدة، التي أعلنت اعترافها بالسياسي المعارض خوان جوايدو كرئيسٍ مؤقتٍ لفنزويلا، خيار الاستحواذ على الأصول -ويشمل ذلك صناعة النفط- من حكومة مادورو وتسليمها إلى الجمعية الوطنية التي تُسيطر عليها المعارضة.
وقال مويزيس ريندون، زميل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «أعتقد أن الوقت قد حان لتطبيق العواقب القانونية. وبمجرد حدوث ذلك، لن يمتلك مادورو مساحةً للمراوغة».