ما هدف زيارة وزير الخارجية البريطاني إلي إيران؟
يزور وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت إيران وسط توترات بين البلدين حول رعايا المملكة المتحدة المحتجزين في إيران والحرب في اليمن.
وبحسب إذاعة “بي بي سي” البريطانية، ان هناك نكتة قديمة في الأوساط الدبلوماسية بأن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تزال تعتقد أن المملكة المتحدة قوة عظمى.
فبدلاً من النظر إلى المملكة المتحدة كدولة أوروبية متوسطة الحجم ، تعتقد شخصيات إيرانية رفيعة المستوي أن بريطانيا ما بعد الإمبراطورية ما زالت عازمة على التدخل في الشرق الأوسط ، وتمارس نفوذها المفرط عبر المنطقة.
ويعكس جزء من هذا المنطلق حالة الاستياء الإيراني من دور بريطانيا في المساعدة على عزل رئيس وزراء منتخب في إيران بالخمسينيات. كما أنه يعكس علاقة المملكة المتحدة الوثيقة مع الولايات المتحدة التي تعد في حالة مواجهة دائمة مع إيران.
لذلك عندما وصل جيريمي هانت إلى طهران هذا الأسبوع في أول زيارة له كوزير للخارجية ، لم يتم تجاهله، وعقد اجتماعاً طويلاً مع نظيره وزير الخارجية المخضرم جواد ظريف، وحصل على اجتماع نادر مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني ، وهو شخصية قوية في الجيش الإيراني، وملئت وسائل الإعلام الإيرانية بصور هانت والاهتمام بزيارته.
وتوضح الإذاعة ان اهتمام إيران بهانت لم يكن فقط بسبب منظور إيران التاريخي للمملكة المتحدة، وأنما ايضاً لأن إيران تحتاج الآن إلى مساعدة المملكة المتحدة، فمنذ انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق للحد من طموحات إيران النووية وإعادة فرض العقوبات ، كانت إيران في حاجة ماسة لحماية تجارتها مع أوروبا.
وتشير الإذاعة إلي ان الولايات المتحدة أعادت فرض العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، ووعدت بريطانيا والاتحاد الأوروبي بالمساعدة ولكنهما تكافحان لإيجاد طرق لتشجيع الشركات الأوروبية على مواصلة التعامل مع إيران، و العديد من الشركات تنسحب خوفا من الغرامات الأمريكية وفقدان التجارة.
هناك خطة للاتحاد الأوروبي لإنشاء نظام مالي خاص يسمح لإيران بمقايضة صادراتها النفطية بطريقة يمكن أن تتجنب العقوبات الأمريكية، و لكن لا شيء يحدث بسرعة ، ويشك الكثيرون أن ذلك سينجح.
وقال وزير الخارجية الإيراني عبد الجواد ظريف “نحن بحاجة إلى رؤية بعض الإجراءات، نحن نرحب بالالتزام السياسي من المملكة المتحدة و الدول الأوروبية الأخرى، لكننا نعتقد أن الالتزام السياسي يجب أن يتبعه عمل”.
ولفتت الإذاعة إلي أن المسؤولين الإيرانيين لأول مرة يشيروا إلي تأثرهم بالعقوبات الأمريكية بهذه الطريقة، واعترف ظريف أن العقوبات الأمريكية ستضر بالإيرانيين وبالاقتصاد، ومن هنا تأتي سياق زيارة هانت لإيران وبجانب العمل الدبلوماسي يعتزم هانت تقديم رسائل رئيسية عن الرعايا البريطانيين في إيران وخاصة عن نازانين راغاري راتكليف التي يحتجزها النظام الإيراني.
وأشار هانت للعواقب الوخيمة التي يمكن تواجهها إيران إذا لم يتم إطلاق سراح الرعايا البريطانيين، ولكن ظريف قال إنه ليس في وضع يسمح له بمناقشة شرعية مثل هذه القضايا ، لأنها كانت نتيجة لقرارات أصدرتها السلطة القضائية الإيرانية.
وسأل ظريف لماذا لا تستطيع إيران إطلاق سراح زاغاري راتكليف، ليس فقط من منطلق رفع الظلم الجسيم الواقع عليها وأنما ايضاً لتحسين العلاقات بين المملكة المتحدة وإيران، ولم يعطي ظريف الرد علي ذلك ولكن ما يعنيه ان هناك بعض المتشددين الإيرانيين لا يريدون شيئاً من هذا القبيل ويستخدمون المواطنين البريطانيين المزدوجين المحتجزين عمداً لإفساد العلاقات الدبلوماسية، وحتى هذه التغييرات مازال مصير زاغاري راتكليف قاتماً.
ولفتت الإذاعة إلي أن هانت وظريف ناقشا حرب اليمن وحث ظريف الحوثيين للمجيء إلى المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة في ستوكهولم في وقت لاحق من هذا الشهر لمعرفة ما إذا كان يمكن الاتفاق على وقف الأعمال القتالية والشروع في عملية سياسية.
وقال هانت : “كلا الطرفين لا يثقان في بعضهما بعضا أكثر مما يمكن أن يلقيا بعضهما البعض”، ولكنه كان متفائلاً أيضاً بأن تدابير بناء الثقة يمكن أن تجلب السعوديين والحوثيين تدريجياً إلى الطاولة، بريطانيا هي المسؤولة عن المفاوضات في الأمم المتحدة في نيويورك وتعمل علي اصدار قرار جديد لتخقيق هذا الهدف.
وأضافت الإذاعة أن هانت قام بهذه الرحلة على الرغم من الاضطراب السياسي في بريطانيا، وخاطر بإثارة غضب حلفاء الولايات المتحدة، ما يعد دليل علي اهتمام بريطانيا بتحسين العلاقات البريطانية مع إيران.