ما قصة الأجسام المضادة، وهل حققت إسرائيل فعلاً إنجازاً مهماً لعلاج كورونا؟
تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت حول الإنجاز المهم الذي حققته بلاده بعد النجاح في عزل “جسم مضاد مهم” لفيروس كورونا طرح مجدداً التساؤلات بشأن قصة الأجسام المضادة ومدى نجاحها في علاج الوباء أو تقليل مخاطر العدوى، فهل إسرائيل أول دولة تعلن عن ذلك؟
ماذا قال بينيت؟
قال بينيت إن إسرائيل نجحت في عزل جسم مضاد مهم لفيروس كورونا في معملها الرئيسي للأبحاث البيولوجية، واصفاً الخطوة بأنها ”إنجاز مهم“ في التوصل لعلاج محتمل لجائحة كوفيد-19، وصرح في بيان بأن ”الجسم المضاد أحادي النسيلة“، الذي طوره المركز الإسرائيلي للأبحاث البيولوجية، يمكنه ”تحييد (فيروس كورونا المسبب للمرض) داخل الأجساد الحاملة له“.
كان بينيت قد زار المركز أمس الإثنين 4 مايو وتلقى إفادة بشأن ”إنجاز مهم في العثور على علاج لفيروس كورونا“، بحسب البيان الذي نقل عن شموئيل شابيرا مدير مركز الأبحاث البيولوجية قوله إنه يجري إعداد براءة اختراع لتركيبة الجسم المضاد وبعدها سيبدأ البحث عن شركة مصنعة عالمية لإنتاجه على نطاق واسع.
المركز يقود الجهود الإسرائيلية لتطوير علاج ولقاح لفيروس كورونا وهو ما يشمل فحص دم المتعافين من مرض كوفيد-19 الناتج عن الإصابة بالفيروس.
هل إسرائيل الأولى فعلاً؟
بينيت صور الأمر على أنه إنجاز مذهل لدرجة أن صحيفة The Times of Israel نشرت تقريراً مطولاً عن تصريحاته اليوم الثلاثاء 5 مايو بعنوان “وزير الدفاع يزعم أن مركز الأبحاث البيولوجية طور جسماً مضاداً للفيروس”.
لكن قصة اكتشاف أجسام مضادة لفيروس كورونا ليست جديدة وليست هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها أحد المراكز تحقيق “إنجاز مهم” فيها، ففي منتصف مارس الماضي أعلن علماء جامعة أوتريخت ومركز أيرازموس الطبي في هولندا أنهم اكتشفوا إمكانية استخدام الأجسام المضادة في مكافحة فيروس كورونا، وقال وقتها خبراء الفيروسات المشتركين في الدراسة إنهم يعتقدون أن هذه الطريقة في علاج العدوى التي يسببها الفيروس يمكن أن تبتكر أسرع من ابتكار لقاح مضاد لهذا الفيروس.
واستمر الحديث عن قصة الأجسام المضادة دون أن يكون لذلك أثر واضح على تفشي الوباء القاتل الذي أودى بحياة أكثر من ربع مليون شخص حول العالم حتى الآن وأصاب أكثر من 3 ملايين و665 شخصاً، ولا يزال لا يوجد له علاج رغم تعدد التصريحات والدراسات بشأن علاجات مثل هيدروكسي كلوروكين أو علاج الملاريا وبلازما الدم وغيرها.
ماذا تعني الأجسام المضادة؟
الأجسام المضادة هي تلك التي يفرزها الجهاز المناعي للجسم الذي يصاب بفيروس وعلى الرغم من دقة وصعوبة تحديد تلك الأجسام وفصلها، إلا أن الأهم والأكثر تعقيداً هو تحديد كيفية قيام الجهاز المناعي بإنتاج وتشغيل تلك الأجسام لمحاربة الفيروس، ومن ثم البدء في إنتاج تلك الأجسام المضادة بكميات كبيرة وبتكلفة اقتصادية مقبولة.
وفي حالة فيروس كورونا أو كوفيد-19 المستجد، من الواضح أن الوقت لا يزال مبكراً كي يفهم خبراء الفيروسات كيفية عمل الفيروس واستجابة الجهاز المناعي للجسم له، وكانت صحيفة Dutch News التي نقلت اكتشاف الخبراء في هولندا للأجسام المضادة في مارس قد نقلت عن بيريند يان بوش رئيس الفريق العلمي قوله: “لا أريد أن أعطي آمالاً كاذبة، ولكن الاكتشاف واعد جداً”.
ووقتها أيضاً قال البروفيسور فرانك غروسفيلد من مركز أيرزاموس الطبي: “في جميع الأحوال الوقاية خير من العلاج، لذلك، فإن الحل الحقيقي هو ابتكار لقاح، وهذا ما يقوم به علماء آخرون. ومع ذلك، فإن ابتكار اللقاح قد يستغرق عامين. أما إذا اجتاز الدواء الذي ابتكرناه الاختبارات بنجاح، فسيكون في متناول الجميع قريباً. على الرغم من أن تكلفة تصنيعه مرتفعة جداً”.
كم تحصن الأجسام المضادة الإنسان من العدوى؟
من العوامل الرئيسية في قصة الأجسام المضادة عامل الوقت؛ أي المدة الزمنية التي تكون فيها الأجسام المضادة فعالة ضد العدوى، فالذي يحدث هو أن الجسم عندما يتعرض للعدوى يقوم جهاز المناعة بدوره الأساسي وهو إفراز أجسام مضادة لمقاومة العدوى – مثل إنتاج أسلحة لصد غزو خارجي – وعندما يتعرض الجسم لنفس العدوى مرة أخرى تقوم الأجسام المضادة بعملها مرة أخرى.
لكن الجهاز المناعي يختلف من شخص لآخر على حسب كثير من العوامل مثل السن والحالة الصحية العامة وغيرها، وبالتالي لا يتم إفراز الأجسام المضادة بصورة متساوية، كما أن طبيعة الفيروس نفسها تلعب دوراً جوهرياً في قصة الأجسام المضادة، حيث إن الفيروس الذي يتحور باستمرار لا تجدي الأجسام المضادة في تكوين مناعة أبدية ضده، وفيروس الإنفلونزا خير دليل، لأنه يحتوي على العديد من السلالات التى تتحور بسهولة، لذلك عندما نتعرض للعدوى بسلالة متطورة أو مختلفة من الإنفلونزا في الموسم التالي، فإن الأجسام المضادة التي طورناها في العام السابق لا تفيدنا كثيراً.
لذلك تكون استجابة الفيروسات التاجية الأكثر شيوعاً – أي تلك التي تسبب نزلات البرد الموسمية – ضعيفة إلى حد ما للأجسام المضادة، حيث تستمر أسبوعين فقط، وهو جزء من السبب في احتمال تعرض الشخص أكثر من مرة لنزلة برد في نفس العام.
وفي ضوء ذلك يتضح مدى صعوبة الاعتماد على الأجسام المضادة للتوصل إلى علاج لفيروس كورونا، لأننا ببساطة لا نعرف كيف ستتصرف الأجسام المضادة بما أن عمر معرفة العلماء بالفيروس لا يتعدى أربعة أشهر.