ما فائدة إدخال أكبر عدد من العرب إلى الكنيست؟
هناك مثل عربي يقول “عشيرة دون شباب ستفقد ممتلكاتها، وعشيرة دون كبار ستتشتت وتذروها الرياح”. هذا المثل تذكرته عند قراءة مقال روجل الفر الذي دعا إلى إدخال أكبر عدد ممكن من العرب إلى الكنيست في الانتخابات المقبلة.
من شدة تحمسه لإدخال أكبر عدد من أبناء عمه (منا) إلى الكنيست، يأمل الفر موت ميرتس – المعسكر الديمقراطي بظهوره الجديد – وحزب العمل، مع أو من دون اورلي ابكاسيس. لديه مبررات معقولة: هذان الحزبان اللذان يأمل موتهما، هما الحزبان اللذان يسميان باليسار الصهيوني. التناقض الداخلي يصرخ إلى عنان السماء: صهيونية ويسار لا يمكنهما التعايش تحت سقف واحد، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
بصفتي عربياً، كان عليّ السرور من حماسة الفر، ومن رؤيته بعيدة النظر لما بعد عهد نتنياهو. أيضاً أقواله بأن عنصرية غانتس ومعسكره تجاه العرب لا تختلف جوهرياً عن عنصرية سموتريتش وثلته، هي أقوال صحيحة بشكل مطلق. ولكن هنا تنتهي الأحلام، إلى هنا اليوتوبيا. تعالوا إلى الحقائق.
إحدى الحقائق المهمة هي أنه مع كل التقدير لفنلندا –نموذج تعليمي لكثيرين في العالم التي تحولت إلى نموذج من ناحية الحكم– فإن الشعب الذي يجلس في صهيون لا يتحلى بعقلية فنلندا من ناحية التقدم والتسامح. وبالنسبة للشعب الفنلندي نحن في مرحلة عقلية أقرب إلى القردة مما هي لبني البشر في تطور الهوموسابيانس (الجنس البشري).
من اللطيف التفكير بالـ 25 – 30 عضو كنيست عربياً. كم هو جيد وكم لطيف رؤيتنا ممثلين في مجلس النواب حسب نسبتنا في السكان. من ناحية الأغلبية الحاسمة لليهود من الواضح أن هذا كابوس، ولكن ليت هذه هي المشكلة. كل من يقاطعون الانتخابات، من إسلامويين ومعنيين بتخليد النزاع والكراهية، سيفعلون كل ما في استطاعتهم لتقليل قوة العرب في الكنيست.
وثمة حقيقة أخرى، أكثر إيلاماً، وهي أنني لا أثق بأيمن عودة وأصدقائه في أنه سيتصرف في لحظة الحقيقة حسب المنطق وحسب مصلحة من أرسلوهم إلى الكنيست، وليس لمصلحة زعيم ما فلسطيني يعيش في رخاء في مكان ما في دول الخليج. لست على ثقة بأنهم سيفضلون العمل من أجل مساواة مدنية للعرب في إسرائيل على أن يعملوا لصالح مقابلات ملتهبة في قنوات الإعلام في العالم العربي وفي مهرجانات الشهداء.
أنا غير واثق من أن تحسين وضع العرب في مجال التشغيل والسكن والرفاه يسبق في نظرهم إضرابات التأييد لحماس، وغير واثق من أن محاربتهم للجريمة في المجتمع العربي تسبق في سلم أولوياتهم مهرجانات النكبة التي تستثمر فيها الميزانيات البائسة لمؤسسات مواطني إسرائيل العرب، وغير واثق من أنه في اليوم الذي سيحتاج فيه الأمر إلى اتخاذ قرارات حاسمة ومؤلمة وتقديم تنازلات قيمية، سيتم الحفاظ على وحدة القائمة المشتركة ولا نعود إلى وضع تحاول فيه كل قائمة عرض زميلتها على أنها أسوأ قائمة على وجه الأرض، وغير واثق أيضاً من أن ممثلي الحركة الإسلامية في القائمة المشتركة لن يصوتوا على سحب الجنسية من مواطني إسرائيل العرب الذين لن يصوتوا للانتخابات للكنيست.
الحقيقة الثالثة هي أن عمير بيرتس هو زعيم حقيقي للعمال. وهكذا أؤمن.. رغم الاشمئزاز من أجزاء معينة في حزب العمل – غيشر مثل اورلي ابكاسيس، التي هي حسب رأيي كانت وما زالت مرتبطة بليبرمان. ارتكب بيرتس كل الأخطاء الممكنة، لكن له من الخلفية الصحيحة حواس جيدة، وهو اجتماعي بكل ذرة منه.
والمعسكر الديمقراطي لا يمكن إلغاؤه. اعتقدت في السابق بأن الحزب تحول إلى فرع لـ”إسرائيل بيتنا”، ولكن برئاسة نيتسان هوروفيتس مدعوما بستاف شبير، ليس له بديل في اليسار الإسرائيلي. ولا يمكن للفر أن يشطب حقوق الحزب في الدفاع عن الأقلية العربية في إسرائيل ووقف المستوطنين بجرة قلم. كل واحد يمكنه أن يرى من هو الناشط في الجمعيات من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل وحقوق الفلسطينيين في المناطق. باختصار، ما يفعله نشطاء “السلام الآن” و”محسوم ووتش” و”نحطم الصمت”، اليهوديات واليهود، وأيمن عودة وزمرته، لا يمكنهم ولا يريدون فعله.
إذا كنا نناقش مجال الأيديولوجيا والمبادئ فلماذا لا توجد قائمة عربية – يهودية، أو العكس، توجد فيها شراكة حقيقية وتمثيل مناسب لمركبات اليسار؟ الحزب الوحيد الذي فيه آثار لشراكة عربية – يهودية هو حداش. ما العمل؟ إن وجود عوفر كسيف هناك هو للزينة، وفي الوضع الذي يعد فيه حداش جزءاً من القائمة المشتركة، فحسب رأي كثيرين من مصوتيها العرب، هذه الزينة هي زينة محرجة وزائدة.
من الأفضل في الوضع الحالي الحفاظ على المعسكر الديمقراطي وحزب العمل. وحسب رأيي، يجب عليهم أن يخرجوا من داخلهم غيشر وأن يتوحدوا. عندما تتحسن عقليتنا وتكون إنسانية أكثر، فإن الأمر الأكثر طبيعية سيكون حزب يسار حقيقي، دون تمييز في العرق والدين والجنس. هذا هو جوهر اليسار، أي يسار. إذاً، لماذا ندخل أكبر عدد من العرب إلى الكنيست؟