ما عواقب قرار ترامب بمعاقبة مستوردي النفط الإيراني؟
بعد ستة أشهر من تسبُّب إدارة ترامب في صدمة بأسواق النفط بسماحها باستمرار الصادرات النفطية الإيرانية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقف إعفاءات شراء النفط الإيراني، كانت حصلت عليها 8 بلدان في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وجاء في بيان صادر عن البيت الأبيض أن الهدف من وقف الإعفاء، يتمثل في الوصول إلى صادرات تبلغ صفر برميل من النفط الخام.
ويُمثِّل هذا القرار تغيُّراً في الاتجاه عن نوفمبر الماضي، حين منحت إدارة الرئيس دونالد ترامب إعفاءات لثمانية مستوردين في إطار سعيها لضبط أسعار الوقود قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.
ويدخل قرار وقف الإعفاءات الذي يطال الصين -أكبر مستورد للنفط الخام- وكلاً من تركيا والهند وإيطاليا، واليونان واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان حيز التنفيذ، اعتباراً من مطلع مايو/أيار المقبل.
القرار سيتسبب في تقليص إمدادات النفط ورفع الأسعار
وبحسب وكالة “بلومبرج” الأمريكية تُهدِّد الخطوة بتقليص الإمدادات بصورة أكثر في سوقٍ يواجه بالفعل اضطراباتٍ في الإمدادات القادمة من فنزويلا وليبيا وحتى نيجيريا، ويهدد كذلك برفع سعر مزيج خام برنت القياسي العالمي هذا العام فوق مستوى 70 دولاراً للبرميل، فلا تزال الأسعار أقل من أعلى مستوياتها في أربع سنوات عندما تخطت بقليل سعر 86 دولاراً للبرميل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قبيل إصدار الولايات المتحدة للاستثناءات.
كيف استفادت الدول الثماني من الاستثناءات قبل القرار؟
– الصين: سمح لها بواردات من النفط تصل إلى 360 ألف برميل يومياً.
– الهند: سمح لها بواردات تصل إلى 300 ألف برميل يومياً من مشتريات الخام.
– كوريا الجنوبية: تحصل على 200 ألف برميل يومياً من المكثفات، وهو زيت خفيف للغاية.
– اليابان: قدر الإعفاء غير معلوم، لكنَّ بيانات الشحن تُظهِر أنَّها اشترت 108 آلاف برميل يومياً حُمِّلَت في مارس/آذار الماضي.
– تركيا: نحو 60 ألف برميل يومياً.
– تايوان: قدر الإعفاء غير معلوم، لكنَّ مصافي البلاد قالت سابقاً إنَّها لا تعتزم شراء أي شيء حتى في ظل وجود إعفاءات.
لكن ماذا عن التداعيات المحتملة لقرار ترامب؟
في ما يلي بعض التداعيات المحتملة لقرار ترامب الأخير، الذي يهدف لتكثيف الضغوط الاقتصادية على إيران بسبب برنامجها النووي عن طريق قطع موردٍ رئيسي لإيرادات البلد العضو بمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك».
وبحصول أمريكا على التزاماتٍ من مُورِّدين مثل السعودية والإمارات لتعويض المفقود من الخام الإيراني فقد تعرض تلك الخطوة اتفاق الإنتاج بين أوبك وحلفائها، الذين يحدّون من الإمدادات منذ بداية العام لتجنُّب وجود تخمة في المعروض.
وقالت السعودية الإثنين إنها ستنسق مع منتجي النفط الآخرين بما يكفل إمدادات نفطية كافية وسوقاً متوازنة، وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في بيان إن المملكة تراقب عن كثب التطورات في سوق النفط بعد البيان الصادر عن الحكومة الأمريكية في الآونة الأخيرة بشأن العقوبات المفروضة على صادرات النفط من إيران.
وأضاف البيان أن السعودية ستنسق مع منتجي النفط بما يكفل إتاحة إمدادات كافية للمستهلكين بينما تضمن عدم اختلال توازن سوق الخام العالمية.
وقادت السعودية الاتفاق بعدما بُوغِتَت العام الماضي بالقرار الأمريكي تقديم استثناءات، وهو ما أدّى إلى دخول أسعار النفط الخام في مرحلة هبوط كبير في الربع الأخير من العام الماضي. والآن، قد يُوفِّر التعهُّد الأمريكي بالقضاء على صادرات إيران حافزاً لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حليف ترامب، لإرخاء سياسة المملكة.
بعد قرار ترامب ستنخفض أسعار النفط
وقبل إعلان أمريكا القرار قفزت الأسعار بأكثر من 3% ما يعني أنَّ الاتجاه المستقبلي للأسعار قد يتحدَّد بمدى قدرة المنتجين أمثال السعودية والإمارات على تخفيف الضربة في ظل الاضطرابات الأخرى التي تشهدها إمدادات النفط.
وقفزت أسعار النفط العام الماضي إلى ما فوق 86 دولاراً للبرميل حتى على الرغم من ضخ السعودية للنفط بمستوياتٍ قياسية. والآن، ليست الشحنات الإيرانية وحدها التي تواجه معوقات. إذ قلَّصت عقوباتٌ أمريكية منفصلة على فنزويلا الإمدادات من البلد العضو في منظمة أوبك أيضاً، في حين يعاني البلد العضو الآخر في المنظمة، ليبيا، من العنف. وفقط بالأمس الأحد 21 أبريل، توقف خط أنابيب في نيجيريا بعد نشوب حريق.
وتُظهِر بيانات تتبُّع ناقلات النفط جمعتها وكالة “بلومبرج” الأمريكية أنَّ إجمالي الصادرات الإيرانية بلغ في مارس الماضي نحو 1.3 مليون برميل يومياً. وكانت الشحنات تصل إلى 2.5 مليون برميل يومياً في أبريل/نيسان العام الماضي، أي قبل أن تعلن الولايات المتحدة خططها لإعادة فرض العقوبات على الجمهورية الإسلامية.
الآن يواجه مشترو النفط الإيراني إمكانية عزلهم عن النظام المالي الأمريكي
سمحت مجموعة الاستثناءات الحالية، التي تنتهي في الثاني من مايو/أيار المقبل، لكل من الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وإيطاليا واليونان وتركيا وتايوان بالاستمرار في استيراد النفط الخام الإيراني دون التعرض لعقوبات أمريكية. ومع نهاية هذه الاستثناءات، يواجه المشترون إمكانية عزلهم عن النظام المالي الأمريكي في حال واصلوا شراء النفط الإيراني.
من يشتري النفط الإيراني؟
حصل المستوردون من الدول الآسيوية على حصة كبيرة من النفط الإيراني المُحمَّل في مارس الماضي.
ومن بين المشترين، من المرجح أن تكون الدول الآسيوية مثل الهند وكوريا الجنوبية والصين واليابان هي الأكثر تضرراً. ففي حال ارتفعت أسعار النفط الخام، فقد تضعف العملات في الدول المعتمدة على الاستيراد وقد يتسارع التضخم. وعلَّقت أكبر الدول المستوردة بالفعل مشترياتها من إيران في انتظار قرار الولايات المتحدة.
وتشتري شركة هانوا توتال بتروكيميكال الكورية الجنوبية بالفعل وتختبر شحنات بديلة من مناطق مثل إفريقيا وأستراليا. وفي حين أنه يمكن إيجاد خيارات بديلة، فإن ذلك من شأنه أن يزيد النفقات وقد يؤثر على أرباح الشركة وفقاً لمتحدث رسمي باسمها.
وحتى لو اعتمدت إدارة ترامب على السعودية والإمارات لتعويض صادرات النفط الإيراني، ستتضرر الشركات الكورية الجنوبية لأن الدول الخليجية تصدر كميات محدودة فقط من المكثفات، وهو نوع من النفط الخفيف يُستخدم لإنتاج البتروكيماويات، وفقاً لتجار عاملين بسوق النفط العالمي.
البديل الأمريكي
قد يجد بعض المشترين الحل في زيادة صادرات النفط الصخري الأمريكي. على سبيل المثال، تستورد كوريا الجنوبية المكثفات النفطية من إيران، التي يمكن أن يحل محلها بديل أمريكي، رغم أن ذلك قد يعني تكاليف شحن أعلى بسبب طول المسافة بين الدولتين.
لكن بالنسبة للدول الأخرى، ربما لا تكون الشحنات الأمريكية هي الخيار الأفضل. لأن الإمدادات الأمريكية من النفط الصخري عادةً ما تكون مصنوعة من أنواع «خفيفة حلوة» تحتوي على كمية أقل نسبياً من الكبريت وأقل كثافة. في حين أن نوع النفط الخام المستخدم في السوق، من فنزويلا على سبيل المثال، يكون بدرجات «عالية إلى متوسطة الحموضة»، أي يحتوي على كميات أكبر من الكبريت ويكون أكثر كثافة.