ما سر غضب المزارعين في إيران؟
في أثناء إلقائه خطبة صلاة الجمعة، 16 مارس، فوجئ إمام مسجد مدينة أصفهان بأن المصلين أداروا ظهورهم له، وبدأوا فى الهتاف “الوطن أمامنا، والعدو خلفنا”.
فما سبب غضب المصلين؟ ومن هم؟
المتظاهرون هم مجموعة من مزارعي مدينة أصفهان، خرجوا للاحتجاج على مشروع أنابيب نقل المياه من مدينتهم إلى مدينة يزد، ولم تكن تلك هى المرة الأولى التي يخرج فيها المزارعون للاحتجاج.
فى يوم الجمعة 9 مارس، تظاهر المئات منهم أمام مقر ذلك المشروع، وأقدم البعض منهم على محاولة تخريب أنابيب نقل المياه، فحاصرتهم قوات الأمن واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفرقتهم، ليعودوا للاحتجاج مرة أخرى في أثناء صلاة الجمعة 16 مارس.
وتلك هي المرة الثانية التي يستخدم فيها الإيرانيون صلاة الجمعة من أجل الاحتجاج، فكانت أول مرة هو ما شهدته منطقة الأحواز، عندما احتج المصلون العاملون في مصنع الحديد والصلب على إغلاقه.
وانتشر على الشبكات الاجتماعية الكثير من مقاطع الفيديو، يظهر فيها المتظاهرون وهم يردِّدون شعارات “روحانى كاذب، والحكومة فاسدة”.
جفاف الأراضي
وقال أحد المحتجين لـ”هاف بوست عربى”، إن مشروع نقل المياه من مدينتهم “زاينده رود” إلى مدينة يزد سيُعرِّض أراضيهم الزراعية إلى الجفاف التام، فالمدينة تعاني من شح المياه بالأساس، بسبب جفاف النهر الوحيد الموجود في المدينة.
ويقع نهر زاينده في مدينة أصفهان، الذي يعتبر شريان الحياة بالنسبة للمزارعين في تلك المنطقة، لكن بسبب نوبات الجفاف التي تضرب البلاد، وسوء إدارة الحكومة لتلك المشكلة جفَّ النهر تماماً.
وحاولت الحكومة في العام الماضي ضخَّ المياه إلى الأراضي الزراعية، عن طريق أنابيب تنقل المياه من الأقاليم الوسطى في إيران إلى أصفهان.
لم يكن ذلك الحل هو الأمثل بالنسبة للمزارعين، فالحكومة تضخ المياه في أوقات معينة، مما يؤدي إلى تقاتل المزارعين ليحصلوا على حصتهم من المياه لري أراضيهم.
يقول علي باباك، أستاذ الموارد المائية لـ”هاف بوست عربى”، إنه تم الاتفاق مع الحكومة على ضخِّ كميات أكبر من المياه إلى مدينة أصفهان، و”عندما قمنا بذلك تمت السيطرة على المياه من قبل مصانع الحديد والصلب في المدينة، التي يسيطر عليها أحد المسؤولين في إيران”.
وأضاف باباك “مما زاد الطين بله هو مشروع نقل المياه إلى مدينة يزد، حينها جن جنون المزارعين، فالكثير منهم قد فقدوا أراضيهم بالكامل بسبب قلة المياه”.
وفى نهاية عام 2017، قامت معصومة ابتكار، مساعدة الرئيس روحاني لشؤون البيئة بزيارة أصفهان، واجتمعت بعدد من المزارعين، وأعقب هذا الاجتماع تصريحها بأن الأمطار تعوض قلة المياه في أصفهان، لكن المزارعين يسيئون استخدام المياه، ويتحمَّلون جزءاً من المسؤولية.
يقول أحد المزارعين (رفض ذكر اسمه) لـ”هاف بوست عربي”، إنه أُجبر على ترك الزراعة بسبب شح المياه، “حياة الفلاح لا تشغل بال الحكومة، تركت الأرض التي قام بزراعتها أجدادي، وترك أبنائي التعليم، ونعيش على مساعدات الآخرين”.
وتعاني أغلب المدن الإيرانية من أزمة مياه، تسبَّبت بها عدة عوامل طبيعية، مثل المناخ الجاف لإيران.
لكن هناك أسباب أخرى تتحملها الحكومة، مثل سوء إدارة الموارد المائية والفساد، وقد وعد روحاني أكثر من مرة في حملته الانتخابية بحلِّ مشكلة المزارعين، وتوفير المياه لهم.
“صلوا من أجل نزول المطر”، كانت تلك كلمات إمام جمعة أصفهان، في محاولة منه لاستيعاب غضب المزارعين المحتجين.
يقول “مجتبى” (إمام أصفهان) لـ”هاف بوست عربي”، أدهشني ما فعله المزارعون، لكنني أعلم أنهم على حق، لكن لا سبيل لدينا إلا اللجوء إلى الله.