ما سر الاهتمام الفرنسي بأبوظبي؟
هدد الحوثيون، الأسبوع الماضي، بمهاجمة الإمارات العربية المتحدة، وقال الناطق العسكري للحوثيين، يحيى ساري: «نُعلن أنَّ لدينا عشرات الأهداف في دولة الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك أبوظبي ودبي، وأنَّه يُمكن استهدافها في أي وقت. إذا كنت تريد السلام والأمن لمنشآتك وأبراجك الزجاجية التي لا تستطيع تحمل طائرة بدون طيار فاترك اليمن، نقول إنَّ عمليةً واحدة من الحوثيين ستكلفك ثمناً باهظاً» .
في مايو الماضي، تعرضت العديد من الناقلات قبالة سواحل الإمارات لهجمات «تخريب» متعمّدة، بالقرب من مضيق هرمز. ومع ذلك، بينما نسبت هذه الأعمال إلى الحرس الثوري من قبل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية؛ عملت أبوظبي على اتباع التهدئة مع طهران، بعد أن أعلنت في يوليو، سحب جزءٍ من قواتها المشاركة في التحالف باليمن.
وفي ظل التهديدات الجديدة للإمارات، والتي سبقها بأيام هجمات عنيفة استهدفت منشأتي نفط سعوديتين في بقيق وخريص شرقي المملكة، لا تبدي الرياض تشككاً من تورط إيران فيها، يطرح موقع Opex 360 الفرنسي تساؤلات عما يثير اهتمام فرنسا في تهديدات الحوثيين للإمارات، وعن الدور الذي ستلعبه في حال تعرضت أبوظبي ودبي لهجمات مماثلة لتلك التي تعرضت لها منشآت أرامكو في السعودية.
ما سر الاهتمام الفرنسي بأبوظبي؟
يقول موقع Opex 360 الفرنسي، إن أي هجومٍ على الإمارات العربية المتحدة من المرجح أن يثير اهتمام فرنسا. فإلى جانب التواجد العسكري الفرنسي في البلاد (قاعدة الظفرة العسكرية، فوج الفرسان الخامس)، تلتزم باريس وأبوظبي باتفاقية دفاع موقعة في مايو 2009.
ونص البند الرابع من تلك الاتفاقية على الآتي: «تتعهد حكومة الجمهورية الفرنسية بالمشاركة في الدفاع عن أمن دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيادتها، وسلامة أراضيها، واستقلالها، ونشر الوسائل والأجهزة الرادعة لأي دولة تحاول تهديد أمن دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيادتها وسلامة أراضيها، واستقلالها» .
وطبقاً للنص «حين ينشأ تهديدٌ لأمن دولة الإمارات العربية المتحدة وسيادتها وسلامة أراضيها واستقلالها، تجري الجهات اتصالاتها فوراً فيما يتعلق بجميع جوانب هذا التهديد، واتخاذ التدابير والإجراءات التي يرونها مناسبةً لإزالته» .
وطبقاً للنص أيضاً، تتعهد فرنسا «بأن تشارك قواتها المسلحة في تطبيق القرارات المتخذة بشكلٍ مشترك، للدفاع عن الأمن والسيادة والسلامة الإقليمية واستقلال دولة الإمارات، لردع أي اعتداءٍ من جانب دولةٍ واحدة أو أكثر» .
لكن هل تحمي فرنسا الإمارات من الحوثيين تحديداً؟
يقول الموقع الفرنسي، إنِّ اتفاقية الدفاع هذه تتناول العدوان المحتمل من قبل «دولة»، أي يُستبعد نظرياً من نطاق هذا النص أي هجوم تشنه جهة غير تابعة لدولة، كما هو الحال مع الحوثيين، إلَّا إذا كان من الواضح أنَّهم يقعون تحت رعاية إيران.
علاوةً على ذلك، ينطبق هذا الأمر أيضاً على الكويت، التي أبرمت معها فرنسا أيضاً اتفاقية دفاع. وتناول نص الاتفاقية أنَّه «بناءً على القرارات المشتركة، يتعهد الطرف الفرنسي باتخاذ الوسائل العسكرية المناسبة للتعامل مع أي تهديد، أو عدوان خارجي، موجَّه ضد سيادة الكويت وأمنها وسلامتها الإقليمية» .
ومع ذلك، فإن هذه الإمارة اهتمت أيضاً بالهجمات التي استهدفت صناعة النفط السعودية، بالنظر إلى أنَّ واحداً على الأقل من الصواريخ، أو من الطائرات بدون طيار قد حلَّقت فوق جزءٍ من أراضيها. وهو الأمر الذي دفع إلى فتح تحقيقٍ في هذا الصدد.
وحتى هذه اللحظة لم تتعرض الكويت للتهديد من قبل الحوثيين. ومع ذلك فقد أصدرت أوامر لقواتها المسلحة بتعزيز «وضعها القتالي»، في ضوء التوترات الحالية.
وقالت إمارة الكويت: «في مواجهة تصاعد الوضع في البلاد، أعلنت هيئة الأركان العامة للجيش الكويتي تعزيز الاستعداد القتالي لبعض وحداتها. يجري الجيش مناورات بحرية وجوية لتحقيق أعلى مستوى من الاستعداد والفاعلية القتالية» .
فرنسا تشكك في رواية الحوثيين وترسل خبراء
دون الانتظار لما سيسفر عنه التحقيق الذي يجريه المحققون الدوليون والأمميون؛ لا تُبدي المملكة العربية السعودية تشككاً في تورُّط إيران في الهجومين اللذين استهدفا منشأتي النفط في بقيق وخريص، يوم 14 سبتمبر الماضي.
وقال العقيد الركن السعودي تركي المالكي، في مؤتمر صحفي عقده في الـ18 سبتمبر: «وقع الهجوم من الشمال، وإيران تقف دون شك وراء هذا الاعتداء» . وأضاف أنه تم استخدام 18 طائرة بدون طيار من طراز «دلتا-ونج»، وسبعة صواريخ جوَّالة من طراز «يا علي» لضرب صناعة النفط في البلاد.
في السياق، أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن شكوك بلاده في أن يكون الحوثيون نفذوا الهجوم على المنشأتين النفطيتين في السعودية، وقال إن ذلك «يفتقد إلى بعض المصداقية» . مضيفاً: «على ما يبدو، استخدمت أدوات عسكرية عديدة، طائرات مسيرة وربما صواريخ»، مشككاً في قدرة الحوثيين على القيام بعملية كهذه «وبلوغ هدفهم» .
كما قالت متحدثة باسم الجيش الفرنسي، الخميس 19 سبتمبر، إن باريس أرسلت سبعة خبراء عسكريين إلى السعودية للتحقيق في الهجمات التي استهدفت السبت منشأتي نفط، من بينهم خبراء في المفرقعات ومسارات الصواريخ وأنظمة الدفاع أرض/جو.
الصواريخ في طور الدراسة
في السياق، لا تزال ماهية تلك الصواريخ في طور الدراسة، وطبقاً للصور التي نُشرت على الشبكات الاجتماعية، يمكن أن تكون تلك الصواريخ من طراز «القدس-1″، التي طورها الحوثيون في اليمن، والذين أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجومين. وعلى أيَّ حال، فقد أكَّد العقيد المالكي أنَّ مدى تلك الصواريخ يبلغ 700 كم، وأنَّه يستبعد إمكانية إطلاق تلك الصواريخ من الأراضي اليمنية لضرب مواقع بقيق وخريص.
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودية، المالكي: «هذا هو نوع السلاح الذي يستخدمه النظام الإيراني والحرس الثوري، مستهدفاً البنية التحتية والمرافق المدنية. هذا الهجوم لم يُشَنَّ من اليمن، على الرغم من كل الجهود التي بذلتها إيران لجعله يبدو كذلك» .
ومع ذلك، تجنَّب المالكي تحديد ما إذا كانت هذه الصواريخ والطائرات بدون طيار قد أُطلقت من إيران، وهو الأمر الذي قد تكون له عواقب وخيمة. خاصةً أن وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، وصف تلك الهجمات بأنها «أعمال حرب» .
لكن في هذه الحالة، تواجه الرياض معضلة كبيرة، إذ إنَّ الرد على تلك الاعتداءات يمكن أن يسفر عن مشاكل عدة، كما أنَّ عدم الرد عليها يُعرِّض المملكة للمزيد من الهجمات، كما يقول الموقع الفرنسي Opex 360.