ما تريده إيران من العراق للخلاص من العقوبات الأمريكية
يرى مراقبون أن العقوبات الأمريكية على إيران تتناسب طرديا مع “ازدياد ثقلها في العراق”، ودورها في تشكيل الحكومة العراقية لاسيما بعد إعلان نتائج الانتخابات التي أعيد عدها يدويا عن تزوير وإتلاف لأصوات الناخبين.
ويعتقد المراقبون أن إيران تسعى إلى رئة اقتصادية أكبر لها في العراق، لتعويض الحصار المفروض عليها من العقوبات الأمريكية التي بدأ تطبيقها منذ السادس من الشهر الجاري، مستخدمة الانتخابات العراقية ورقة ضغط لإنعاش وضعها عبر حلفائها من المرشحين الفائزين.
ويقول المحلل السياسي العراقي البارز، أحمد الأبيض، في حديث لمراسلة “سبوتنيك” في العراق، اليوم الأحد،12 أغسطس:
إن “نتائج الانتخابات العراقية، وعدم تغييرها متعرض لضغوط سياسية واضحة، وكان واضح للناس أنها “الانتخابات” مزورة بشكل تام خصوصا الموضوع الذي حصل في جانب الرصافة من بغداد وتجاوز عدها يدويا”.
وأضاف الأبيض، أنه “كان واضحا أن هناك ضغوطا سياسية، وإذا ما يحصل رئيس الوزراء، حيدر العبادي على الضوء الأخضر لولاية ثانية، تسير الأمور بسلاسة وإذا ما تعرقل الأمر، يأتي بنتائج عكسية”.
وأكمل، “كلما يتصاعد الضغط الأمريكي على إيران، بالتأكيد أن المساحة الإيرانية في العراق ليست سهلة وتحاول أن تستثمرها لتخفيف الضغط على وضعها الداخلي، وواضح جدا إنها تستخدم الانتخابات العراقية ورقة ضغط داخليا وخارجيا”.
ويبين الأبيض استخدام إيران الانتخابات العراقية كورقة ضغط، من خلال “محاولة تشكيلها حكومة تكون قريبة منها حتى يصبح العراق هو رئة تخفيف للحصار عليها”، متابعا “وهذا طبعا كان مرحب أن يمرر بسهولة، مما يؤثر بشكل واضح على مسألة أن يكون العبادي رئيسا للوزراء مرة ثانية”.
وتابع الأبيض، “مرغم أن الأمريكان داعمين للعبادي، شكلا لكن في باطن الأمر هناك تقاطعات كثيرة، ومؤكد أن هذا الدعم يواجه قوة من حلفاء إيران ورأيتِ تصريحه الأخير حول أن العراق بالضد من الحصار على إيران”.
واختتم المحلل السياسي العراقي، حديثه ملمحا إلى حظوظ كبيرة لإيران في البرلمان العراقي، إذ أن لها نحو 90-80 حليفا يرشحون ويصوتون لرئيس الوزراء، وبالضبط المعادلة لن تكون سهلة.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، رفضه فرض عقوبات ضد إيران، مؤكدا أنها خطأ جوهري واستراتيجي، مضيفا: “لكن بغداد سوف تلتزم بها حماية للشعب العراقي”.
وقال العبادي في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، في السابع من أغسطس الجاري: “نحن ضد العقوبات الدولية في المطلق، فالعراق دفع أكبر ثمن للعقوبات الظالمة، التي فرضت عليه لمدة 13 سنة، ودفعنا ثمنها الباهظ”.
وأجاب العبادي عن سؤال أحد الصحفيين حول فرض الولايات المتحدة الأمريكية للعقوبات ضد إيران، قائلا: “العقوبات فرضت على أساس إضعاف النظام السابق، لكنها أدت لإضعاف شعبنا، وتمزيق مجتمعنا، وأبرزت ظواهر لم تكن موجودة ودمرت النسيج الاجتماعي، ولم تقض على النظام، بل ظل يستبد ويقتل، وصار أقوى، لأن المواطنين ضعفوا”.
وأكد العبادي: “نعتبر العقوبات خطأ جوهريا واستراتيجيا، ولن نتعاطف ولن نتفاعل مع العقوبات، نحن نرفضها لكننا سنلتزم بها لحماية شعبنا”، متابعا: “لا نستطيع أن نتعامل بالدولار إلا من خلال الفيدرالي الأمريكي، كبقية دول العالم”.
وأضاف العبادي: “الحصار والعقوبات تدمر المجتمعات ولا تؤدي هدفها، ولدينا موقف مبدئي ضد العقوبات، ولا يمكن لمجرد هدف سياسي أن تضعف شعبا كاملا وتجوعه، وكون أن دولة أقوى تفرض عقوبات ضد الآخرين، فهذا في منهج العدالة مرفوض”.
وأضاف العبادي: “لا نتفاعل مع العقوبات، ويمكن أن نلتزم بها، لأن دولا أكبر ستلتزم، وفي النهاية، إذا لم نلتزم، أنت تخسر، وأنا لست راضيا عن العقوبات، لكن هذا لا يعني أن أقدم لك خدمة وأوذي نفسي، وهذا غير مقبول”، متابعا: “لا يجوز لي كرئيس وزراء العراق أن أتخذ موقفا يضر بمصالح المواطنين”.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قررت، أمس الاثنين، استئناف فرض عقوبات اقتصادية صارمة وواسعة ضد طهران”.
وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم 8 مايو الماضي، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي واستئناف العمل بكافة العقوبات التي تم تعليقها نتيجة التوصل إلى هذه الصفقة.