ما بين التدويل واعتقال ممول سد النهضة..فرصة مصر الأخيرة لمواجهة مؤامرة السودان اثيوبيا
كشف الدكتور حسام الإمام، المتحدث باسم وزارة الري، عن أن حجم الإنجاز في سد النهضة وصل إلى 60 %، لافتا إلى أن أثيوبيا لم تخزن أي كميات من المياه خلال العام الحالي خلف سد النهضة.
وأضاف «الإمام»، في تصريحات صحفية، مساء الإثنين، أن مصر رفضت مقترحا جديدا قدمه السودان، وذلك لأن سد النهضة سيحقق بعض المصالح للسودان.
ويضع هذا مصر أمام خيارات محدودة للتعامل مع الموقف منها تدويل القضية أو البحث عن لول غير تقليدية للحفاظ على حقوقها المائية.
وقف المفاوضات مع اثيوبيا
وذكر أن مصر التزمت بالهدوء والمرونة في المفاوضات مع أثيوبيا بشأن سد النهضة، وأن الجانب الأثيوبي حاول إجراء تعديل على تقرير المكتب الاستشاري وهو غير مقبول بالنسبة لمصر.
وأوضح أن التعديلات المطلوب إجرائها على تقرير المكتب الاستشاري لا تحقق الأمن المائي الكافي لمصر، لافتا إلى أن وزير الرى أكد أن المباحثات مع الجانب الأثيوبي لابد أن تتوقف ويجب أن يكون هناك قرار.
جاء هذا بعد الإعلان رسميا، الأحد 12 نوفمبر، عن فشل الاجتماع الـ17 لأعضاء اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة الإثيوبي، بحضور وزراء مياه النيل الشرقي، في التوصل إلى حل للخلافات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول التقرير الاستهلالي المعد من قبل الاستشاري الفرنسي«بي ار ال».
ويحدد التقرير منهجية تنفيذ الدراسات الفنية التي تحدد الآثار السلبية لسد النهضة على دولتي المصب مصر والسودان.
وقال الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري، بأن اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة على المستوى الوزاري، الذي استضافته القاهرة يومي 11 و12 نوفمبر 2017 بمشاركة وزراء الموارد المائية لكل من مصر والسودان وإثيوبيا، لم يتوصل فيه إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات، والمقدم من الشركة الاستشارية المنوط بها إنهاء الدراستين الخاصتين بآثار سد النهضة على دولتي المصب.
تدويل قضية سد النهضة
وبحسب تصريحات الوزير فإن السودان واثيوبيا رفضا التقرير وطالبا بإدخال تعديلات على التقرير تتجاوز مراجع الإسناد المتفق عليها، وتعيد تفسير بنود أساسية ومحورية على نحو من شأنه أن يؤثر على نتائج الدراسات ويفرغها من مضمونها.
وفي ظل هذا التعنت الأثيوبي تحتاج مصر إلى تغيير استراتيجية في التعامل مع ملف سد النهضة بعد وصول المفاوضات إلى طريق مسدود ووقوف السودان بجانب اثيوبيا.
ويمكن لمصر تدويل القضية الأن والتوجه بشكوى إلى مجلس الأمن ضد أديس أبابا، وأصبح لدينا من الأدلة والوثائق والدراسات الدولية ما يؤكد وجود خطر على امن مصر المائي، خاصة بعد تقاريرالمكاتب الاستشارية الدولية التي حاولت اثيوبيا التلاعب فيها.
صفقة الخرطوم القذرة والخيار العسكري
واتضح جليا الأن أن اثيوبيا والسودان كانتا تحاولات شراء الوقت والمماطلة لاتمام أكبر قدر من العمل في السد، وأنه كان هناك اتفاقا سيئا وصفقة قذرة بين الخرطوم وأديس أبابا ضد مصر من البداية.
وكانت موافقة السودان على تشكيل اللجنة الثلاثية الفنية ووقوف الوفد السوداني مع اثيوبيا على طول الخط أثرا كبيرا في وصول الأمور إلى المرحلة الحاليا.
ومع اتضاح المؤامرة السودانية اثيوبية إلا أن الخيار العسكري لا يبدو واردا في الاستراتيجية المصرية حتى الأن للتعامل مع الموقف، رغم قدرة مصر على القيام به بطرق مختلفة ومتعددة سواء مباشرة أو غير مباشرة.
ولم يتحدث أي مسؤول مصري أو حتى يلوح باحتمالية استخدام مصر الحولول العنيفة لأزمة سد النهضة، ولا علاقة لصفقات الأسلحة الأخيرة وعمليات تطوير وتحديث الجيش المصري التي تجري على قدم وساق بسد النهضة أو توجيه ضربة عسكرية.
وأعلنت مصر مرارا وتكرارا أنها تحترم سيادة الدول ولا تتدخل في شؤونهها، حتى بعد محاولات بعض وسائل الإعلام في اثيوبيا والسودان الربط بين القاهرة والمظاهرات الاحتجاجية في اثيوبيا لبعض السكان من عرقيات مختلفة، خرجت مصر لتنفي تلك المزاعم وتؤكد عدم التدخل في شؤون الأخرين.
مصر لن تفرط في حقوقها
وكان وزير الري المصري قد أعرب عن قلق مصر من تعثر المسار الفني، على الرغم مما بذلته مصر من جهود ومرونة عبر الأشهر الماضية لضمان استكمال الدراسات في أقرب وقت بما في ذلك الدعوة منذ مايو 2017 لاجتماع على المستوى الوزاري للبت في الأمر.
كما كان هناك جهد مصري في التوصل إلى اتفاق إعلان المبادئ في مارس 2015 الذي كان علامة فارقة على مسار التعاون بين مصر والسودان وإثيوبيا.
لكن الأن وضح أن هناك خطورة على مستقبل هذا التعاون ومدى قدرة الدول الثلاث على التوصل للتوافق المطلوب بشأن سد النهضة وكيفية درء الأضرار التي يمكن أن تنجم عنه بما يحفظ أمن مصر المائي.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أكد في حوار مع 50 صحفيا مصريا وأجنبيا، 8 نوفمبر الماضي، على هامش المنتدى العالمي للشباب في شرم الشيخ، أن مصر لن تفرط في حقوقها المائية أبدا ومهما كان الثمن.
وقال «المياه بالنسبة لنا حياة أو موت ونحن قادرون على الحفاظ على أمننا القومي، والمياه أمن قومي».
السعودية تعتقل الممول الأكبر للسد
وكانت المملكة العربية السعودية قد اعتقلت في 7 نوفمبر الماضي الممول الأكبر للسد وصاحب المصانع التي تورد الأسمنت للحكومة الأثيوبية، رجل الأعمال السعودي “محمد العمودي”، وهو من مواليد اثيوبيا لأب يمني وأم أثيوبية.
وجاءاعقتال العمودي لاتهامة بقضايا فساد مالي والتورط في أنشطة مشبوهة، في إطار الحملة التي طالت 11 أميرا ووزراء حاليين ومسؤولين بارزين.
وكان العمودي أول المتبرعين لحملة تمويل سد النهضة، وقدم 88 مليون دولار للحكومة الإثيوبية لصالح بناء السد في سبتمبر 2011، ومن أكبر المستثمرين الأجانب في العاصة الإثيوبية أديس أبابا.
والآن هو الشريك الرئيسي للحكومة الأثيوبية في مشروع سد النهضة بالشراكة مع «ساليني» الإيطالية، من خلال مصنعين للأسمنت يتم توريد معظم إنتاجهما إلى السد الإثيوبي.
وينتج مصنع «ديربا ميدروك» Derba Midroc Cement المملوك للعمودى، الذي بدأ تشغيله في فبراير 2012، 25% من احتياجات الأسمنت في إثيوبيا، حيث ينتج 8 آلاف طن يوميا، بتكلفة استثمارية بلغت 800 مليون دولار.
كما أنه يدير استثمارات أخرى في عدة مشروعات في التعدين والتنقيب عن الذهب وزراعات وإنتاج البن والأرز.
كما أن مشروع «سعودي ستار» يأتي ضمن خطة استثمار طموحة وضعتها الحكومة الإثيوبية قائمة على تأجير 2.5 مليون هكتار (7 ملايين فدان تقريبا)، وهدف الحكومة الإثيوبية إدخال تكنولوجيا المزارع الحديثة لإنتاج صادرات تساعد في تعويض العجز التجاري الذي تعاني منه.
وحصل العمودي على اعتمادات بلغت قيمتها 4 مليارات دولار من صندوق الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي لتمويل مشاريع زراعية للأرز في إثيوبيا، وبناء رصيف بحري في إريتريا لتصدير هذا الأرز إلى السعودية، لكنه لم ينفذ أيا من هذه المشروعات ولم يسدد قيمة الأموال.