ما الذي تريده إسرائيل في قطاع غزة؟ ما هي سياستها؟
تساءلت صحيفة “معاريف” العبرية عن ما تريده إسرائيل في قطاع غزة؟ ما هي سياستها؟، مشيرة إلي تصفية حماس؟ الإبقاء عليها؟ إعادة ربط القطاع بالسلطة الفلسطينية؟ احتلال القطاع؟ خلق حوار سياسي مع حماس يؤدي إلى تهدئة طويلة المدى؟ الحرص على الوضع الإنساني للسكان في القطاع بحيث يتوجهون في نهاية المطاف ضد حماس؟ العمل على أن يجرد القطاع من السلاح أو على الأقل من الصواريخ؟ توجيه ضربة شديدة لحماس تؤدي إلى هدوء لعدة سنوات، مثلما بعد “الجرف الصامد”؟
وبحسب الصحيفة أن كل ما طرح هنا مأخوذ من جملة الاقتراحات التي طرحت في الحوار السياسي الإسرائيلي، في صياغات مختلفة. آه، كدت أنسى اقتراحاً بوجوب تعزيز قوة أبو مازن، ثم نقدم له على طبق من فضة القطاع “محرراً” من حماس على جثامين جنود الجيش الإسرائيلي.
بهذا القدر من الاقتراحات، يبدو أن الموضوع ليس بسيطاً. إذن إلى أن نفهم ما الذي تريده إسرائيل، سنرى على الأقل ما الذي تريده حماس. في 4 تشرين الثاني ألقى يحيى السنوار، زعيم حماس في القطاع، خطاباً برنامجياً أمام شبان غزيين. يوجد الخطاب وتحليله في موقع مركز المعلومات للاستخبارات والإرهاب. برأيي، هذا خطاب يعكس أهداف حماس الحالية ووجهتها. هذه بنية تحتية معرفية وفكرية لكل من يفكر أن يقرح اقتراحات للسياسة.
أولاً، حماس ترى نفسها مسؤولة عن السكان في القطاع، ومسؤولة عن منع أزمة إنسانية وانهيار الأجهزة العامة. هذا هو الفارق الجوهري بينها وبين الجهاد الإسلامي الذي ينعدم كل مسؤولية. ثانياً، “التسوية” الآن على رأس اهتمامها. وما حققته حتى الآن ليس مرضياً لأن الأزمة الإنسانية عظيمة. وعليه، فإن تحدي كسر “الحصار” هو في الأفضلية العليا إلى جانب استمرار التعاظم العسكري.
ثالثاً، هكذا قال السنوار: “لقد تجلد شعبنا كثيراً على الحصار، ولم يعد يمكنه أن يتجلد أكثر. فقد بلغ السيل الزبى… ونقول لزعماء إسرائيل إن حل المشكلة الإنسانية لغزة يجب أن يكون المسألة الأعلى على جدول أعمالهم، لأنه إذا لم يكن هذا، فاستعدوا للأمر العظيم… لم يعد يمكننا إظهار طول نفس أكثر”.
بمعنى أن زعيم حماس يدعو إسرائيل إلى فتح المعابر للبضائع، ميناء؟ مطار؟ هو لا يفصل، ويبدو أنه يفعل هذا عمداً.
باستثناء وجود “لكن” كبرى تجسد لب المشكلة مع حماس، يقول زعيم حماس: “يوجد طريقان لحل مشكلة الحصار: إما أن نوافق على تنازلات استراتيجية في المسألة الفلسطينية، أو نحدث تغييراً جوهرياً في ميزان القوى مع إسرائيل ونجبرها على كسر الحصار. ولن نقدم تنازلات استراتيجية”.
إذا أخذنا هذه الأمور وأضفنا إليها أقواله في موضوع التعاظم العسكري، الذي هو سبب وجود حماس، نحصل على الرسالة الموجهة إلى كل رئيس وزراء في إسرائيل: لا تفكروا بإبادة حماس. هذا سيكلفكم خراب مدنكم وخسارات رهيبة. آلاف الكمائن ستنتظر جنودكم. ادعوا زعماء إسرائيل للتخفيف عن القطاع، ولكن لا توهموا أنفسكم بأنه ومن أجل الحصول على هذه التسهيلات، سأكون مستعداً للتخلي عن قدرات حماس العسكرية. لا وكلا. فضلاً عن ذلك، وهذه هي النقطة الجوهرية والتأسيسية: حتى عندما يكسر “الحصار” فإن حماس لن تتنازل عن قدراتها ولن تكف عن التعاظم كمركب مركزي في المواجهة مع إسرائيل. هذا لست أنا من يقوله، بل زعيم حماس.
إذن، ما هي السياسة التي يتعين على إسرائيل أن تتخذها؟ بالعبرية البسيطة: هذا ليس بسيطاً.