ماكرون يلتقي “صديقه” ترامب وسط خلافات عميقة في وجهات النظر
يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين نظيره دونالد ترامب في الولايات المتحدة، على أمل إقناعه في عدد من النقاط الخلافية في طليعتها إيران، بدون أن يكون واثقا من أن “صديقه” سيأخذ برأيه.
وسيكون ماكرون أول قيادي أجنبي يستقبله ترامب بتشريفات “زيارة دولة”، فيقيم له عشاء خاصا في “ماونت فيرنون”، المقر التاريخي للرئيس جورج واشنطن، وحفلا في حديقة البيت الأبيض وأمسية ساهرة في صالوناته.
وإن كان الرئيسان شديدي الاختلاف، إلا أنهما غالبا ما يذكران بقاسم مشترك يجمعهما، وهو أن كلاهما حقق انتصارا انتخابيا لم يكن أحد يتوقعه.
وإذ أشاد ماكرون بـ”علاقة شخصية للغاية” وبـ”مستوى جيد من الثقة والاحترام” مع الرئيس الأميركي الـ45، أبدى في مقابلة أجرتها معه مجلة “فانيتي فير” هذا الأسبوع ارتياحه للحوار “المباشر جدا” مع ترامب.
لكن بعيدا عن الكلام الدبلوماسي، فإن مواقف الرئيسين على طرفي نقيض في العديد من الملفات، من إيران إلى البيئة مرورا بالتبادل الحر.
وإن كان ترامب أعجب بالعرض العسكري الذي تقيمه فرنسا على جادة الشانزليزيه الباريسية في يوم العيد الوطني في 14 يوليو إلى حد أراد أن ينظم عرضا مماثلا في واشنطن، فهو لم يقدم حتى الآن أدنى تنازل في المواضيع الأساسية.
– إيران في طليعة الملفات –
والمطلوب بنظر الرئيس الفرنسي الذي سيخاطب الكونغرس الأميركي بالإنكليزية الأربعاء، هو معرفة ما سيجنيه من تلك الأيام الثلاثة التي سيقضيها في واشنطن، بمعزل عن “وضع فرنسا الفريد كأول حليف لأميركا” تاريخيا.
ويبقى في طليعة المواضيع الخلافية ملف الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي سيهيمن على المحادثات، قبل أن يبت ترامب بمصيره خلال ثلاثة أسابيع.
وكان الرئيس الأميركي تعهد خلال الحملة الانتخابية بـ”تمزيق” هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات شاقة استمرت سنوات بهدف منع إيران من امتلاك القنبلة النووية.
وأمهل الجهات الموقعة الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) حتى 12 أيار مايو لتشديد شروط الاتفاق، وإلا فهو سيطبق وعيده ويعيد فرض العقوبات على طهران.
وتبدي الرئاسة الفرنسية الشديدة التمسك بالاتفاق “حذرا شديدا” حيال فرص إقناع ترامب لأن “المؤشرات ليست مشجعة”، وتقول باريس إنها “لا تتوقع تحقيق اختراق دبلوماسي”.
ومن الاستحقاقات الهامة أيضا والتي تثير الكثير من التوتر بين ضفتي الأطلسي، مسألة قرار إعفاء دول الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية على الصلب، والذي تنتهي مدته في الأول من أيار/مايو.
أما بالنسبة لسوريا، فإن واشنطن ولندن وباريس نسقت ضربات عسكرية ردا على هجوم كيميائي مفترض في دوما قرب دمشق، اتهم نظام الرئيس بشار الأسد بتنفيذه. وتباهى الرئيس الفرنسي عندها بأنه “أقنع” الرئيس الأميركي بـ”البقاء لفترة طويلة” في سوريا، وهو ما نفاه البيت الأبيض بعد ساعات مذكرا بأن ترامب ما زال متمسكا بـ”عودة القوات الأميركية إلى البلاد في اسرع وقت ممكن”.
أما بالنسبة إلى اتفاق باريس حول المناخ الموقع في 2015، والذي كان ماكرون لا يزال يأمل في الخريف في إقناع ترامب بالعودة إليه، فيبدو أنه لم يعد في طليعة الاهتمامات.
– شينزو آبي يغادر خالي اليدين –
ورأى الباحث في معهد هادسون في واشنطن بنيامين حداد أن “بوسع إيمانويل ماكرون أن يأمل في تغيير مواقف دونالد ترامب” في كل هذه الملفات “غير أن النتائج الملموسة كانت محدودة جدا حتى الآن”.
لكنه لفت إلى أن نهج الرئيس الفرنسي “الواقعي” قد يأتي بنتيجة في مواضيع أخرى، ذاكرا منها مكافحة الإرهاب.
فالدعم الأميركي في التصدي للجهاديين في منطقة الساحل يبقى أولوية بنظر باريس.
كما يقوم ماكرون بزيارته مندوبا عن أوروبا، ولا سيما بشأن النزاع التجاري. وقال الخبير إنه “إذ يلعب حيال دونالد ترامب الدور الذي لعبته أنغيلا ميركل حيال باراك أوباما، دور المحاور المركزي والموثوق، فهو قد يظهر بمثابة الزعيم الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي ويكسب اعتبارا يوظفه في أجندته الإصلاحية للاتحاد الأوروبي”.
ويعقد اللقاء بين الرجلين بعد بضعة أيام على استقبال الزعيم الآخر الذي يجاهر ترامب بصداقته معه، رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، وقد خصه ترامب باستقبال حافل في مقره الخاص في مارالاغو بفلوريدا.
لكن بالرغم من البساط الأحمر ومن لعب الغولف وتقاسم وجبة من الهمبرغر في ميدان الغولف، كانت نتائج الزيارة هزيلة للزعيم الياباني الذي غادر من غير أن يحصل على إعفاء بلاده من الرسوم الجمركية المزمعة.