ماذا يقلق ترامب بعد مصادرة المحققين لأوراق محاميه؟
نجمة أفلام جنسية، وعارضة مجلة “بلاي بوي”، ومحامي هوى، ليس غريباً أن نرى رئاسة دونالد ترمب تتشابك الآن بمسرحٍ قانوني يضم مثل هذه الشخصيات. ولكن ترمب الذين نجا خلال الحملة الانتخابية من مقطع الفيديو الذي يتباهى فيه بالتحرش بالنساء وغيرها من السقطات يبدو أنه يواجه شيئاً مختلفاً هذه المرة ولذلك هو غاضب بشدة، حسب تقرير كتبه ستيفن كولينسون صحفي الذين يعمل لدى CNN في تغطية شؤون البيت الأبيض.
أثناء حملته الانتخابية عام 2016، ساعدت مثل هذه الأمور في ترسيخ صورة ترامب باعتباره خطراً على اللياقة السياسية، ولكن قدمته كرجل يحبه المصوتون في قلب البلاد المنسيّ الذين يكرهون النخبة السياسية الأميركية التقليدية. ومن سخرية القدر أنَّ قانون الغاب الشائع في صحافة الفضائح الذي عاش عليه ترمب لسنواتٍ واستخدمه واستفاد منه ربما يرتد عليه لينال منه. الرجل الذي يتشابك مصيره مع الرئيس يخوض معركة ذات عواقب وخيمة وممثلة إباحية توبخه إحدى القصص المثيرة الأحداث التي وقعت في المحكمة بنيويورك يوم أمس الإثنين 16 أبريلقد دخلت في أولى الخطوات ضمن معركة قانونية من المحتمل أن تُخلِّف عواقب وخيمة على ترمب، وذلك بعد مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) الصاعِقة لمحامي الرئيس الأميركي الشخصي مايكل كوهين الأسبوع الماضي.
كوهين يتشابك مصيره مع ترمب في أمور عدة منها، قضية نجمة الأفلام الإباحية، ستورمي دانيلز التي تقاضي ترمب، بسبب “اتفاق صمت مزعوم”، حيث تدعي أنها كانت وترامب على علاقة منذ عام 2006، وأنه يحاول إبقاءها صامتة منذ ذلك الحين، وينفي الرئيس كل هذه الادعاءات، بينما يقاضي محامون السيدة دانييلز بسبب مخالفة هذه الصفقة. ممثلة الأفلام الجنسية التي كانت ترتدي حُلّة وردية اللون – وصلت إلى جلسة الاستماع الإجرائية يرافقها حضور إعلامي كبير. وهاجمت ستورمي كوهين خارج قاعة المحكمة، مُدَّعيةً أنَّه وضع نفسه “فوق القانون” على مدى أعوامٍ، و”أشار إلى نفسه بوضوحٍ بأنَّه وسيط يُسهِّل ويُنظِّم عمليات وشؤون ترمب” على حد قولها.
هل لدى كوهين أمر آخر يستحق الإخفاء؟
عارضة بلاي سابقة دخلت على الخط أيضاً، إذ قالت مصادر لـCNN الأسبوع الماضي إنَّ كوهين سهَّل خطة دفع مبالغ يبلغ إجمالي قيمتها 1.6 مليون دولار العام الماضي 2017 لعارضة سابقة في مجلة “بلاي بوي” ادَّعت أنَّها حملت من إليوت برويدي، وهو جامِع تبرعات بارز للحزب الجمهوري. ما يغضب ترمب أن قضية كوهين نقطة التقاءٍ محفوفة بالمخاطر بين حياته الفاضحة السابقة ورئاسته الحالية، حسب تعبير الصحفي ستيفن كولينسون.
وسبب هذا جزئياً أنَّه لولا دفع كوهين مبلغ 130 ألف دولار التي قدَّمها إلى ستورمي دانييلز لمنعها من التحدث حول علاقتها المزعومة مع ترمب، ما كان لتلك المداهمة وجلسة محاكمة الإثنين أن تحدثا قط. ومن غير الواضح تماماً إلى أين يتجه ممثلو الادعاء من الدائرة الجنوبية في مدينة نيويورك -الذين يتسمون بالعزم والتصميم في عملهم- لكنَّ المبلغ المزعوم قد يرقى إلى انتهاكٍ مُتعلِّق بتمويل الحملة الانتخابية.
مواجهة مع وجه تلفزيوني آخر.. فهل يدفع ثمن ماضيه؟
مشكلة أخرى تواجه الرئيس تذكره بأسلوبه التقليدي، إذ أنَّ محامي ستورمي ذا الوجه التلفزيوني، مايكل أفيناتي، ماهرٌ في المناورة الإعلامية على غرار ترمب نفسه؛ إذ جَرَّ الرئيس إلى لعبته الخاصة، فزاد من ظهوره الإعلامي، واستفاد من النظام القانوني لنقل قضية موكلته إلى الأوساط الإعلامية. وقال محامي ستورمي خارج ساحة المحكمة: “وثق الرئيس في السيد كوهين كمُسهِّل لعملياته وشؤونه طيلة سنوات، ووثق به في أسراره الخاصة، ولكن أعتقدُ أنَّه على وشك أن يواجه أخطاء ماضيه”. وفي الوقت الذي تجاهل فيه مؤيدو الرئيس ترامب القصة إلى حد كبير، إلى جانب المزاعم المتعلقة بالاعتداء الجنسي وشريط “هوليود هوليود” الشهير، فإن قضية “ستورمي دانيلز” يمكن أن تشهد اضطرار الرئيس للإدلاء بشهادته في المحكمة – حيث ستكون انتخابات التجديد النصفي للكونغرس 2018 على الأبواب.
بعد أن غطى غرامياته وناطحاته.. سلاحه الأصفر المفضل قد ينقلب عليه
“أفضل علاقة جنسية حظيتُ بها على الإطلاق”. هكذا دوَّى أحد عناوين الأخبار في التسعينيات بصحيفة New York Post الأميركية، التي نقلت العبارة على لسان مارلا مابلز، التي أصبحت زوجة ترمب الثانية في ما بعد. إنَّ سيرة ترمب الذاتية مكتوبة بحبر صحف الإثارة في نيويورك، حسب تعبير كولينسون. فقد استخدم الصحف لتحويل نفسه إلى الشخصية الأهم في نيويورك، مع حرصه على التأكُّد من أن يَشغَل غروره وناطحات سحابه وعلاقاته الغرامية ومغامراته في حياة الليل بمدينة مانهاتن أعمدة الإثارة والإشاعات في الصحف طيلة عقود.
وهي أمور مهدَّت الطريق إلى النجومية في أحد برامج تلفزيون الواقع الشهيرة، الذي جعل منه شخصيةً معروفة في عموم الولايات المتحدة وقاده إلى الجائزة الأكبر: البيت الأبيض. حتى أن صحيفة New York Daily News التي كانت تهزأ به؛ ووصفته ذات مرة بـ”ترمبتي دمبتي” (بتشبيهه ببيضة همبتي دامبتي الخيالية الشهيرة، التي تمشي على حائط)، تكهنت في عام 1999، بمستقبله، فنشرت موضوعاً رئيسياً بعنوان: “دونالد يخبر العالم: أريد أن أصبح الرئيس”. وبعد توليه المنصب، ظلَّ ترمب متمسكاً بنهجه القديم والقائم على أساس أنَّ كل الدعاية هي بالضرورة دعاية جيدة، حتى لو كانت تُنافي في الغالب اللياقة المُتوقَّعة من الرئاسة.
وسار ترمب على نهج صحافة الإثارة التي تقوم على الانفعال والغضب والمكائد المحيطة بقراراته المقبلة، وقد وجَّه هجماته اللاذعة إلى منافسيه السياسيين، كما لو كان يرأس حلبةً في سيرك أخباره الخاص. وبينما نجا ترامب من مشكلات مشابهة فإن الجسر الذي يقود إلى ماضي ترامب، والذي تمثَّل في مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي لكوهين، ربما يختبر نجاح الرئيس في إخفاء ماضيه.
لماذا تبدو المداهمة مختلفة هذه المرة؟
تبدو المداهمة على مكتب كوهين على نحوٍ متزايد كجبهةٍ قانونية جديدة، مُنفصلةً عن تحقيق المحقق الخاص في تدخل روسيا بالانتخابات الأميركية روبرت مولر، وهو ما قد يجعلها مؤمَّنةً ضد أي محاولةٍ من ترامب لتحييد المحقق الخاص، حسب كولينسون. يقول ممثلو الادعاء إنَّهم يُجرون تحقيقاتٍ في قضية كوهين منذ أشهرٍ بسبب السلوك الإجرامي المزعوم في مُعاملاته الشخصية. وباعتبار أنَّ ترمب هو موكله الأساسي، فإنَّ ذلك قد يُمثِّل أخباراً سيئة للرئيس.
المحققون يريدون معرفة ماذا حدث لنسائه؟
وقالت مصادر لـCNN إنَّ مكتب التحقيق الفيدرالي نفَّذ مذكرة تفتيشٍ بحثاً عن أدلةٍ على حدوث احتيالٍ مصرفي، واحتيالٍ إلكتروني، وانتهاكاتٍ متعلقة بتمويل الحملة الانتخابية. ويسعون كذلك وراء معلوماتٍ حول أي مبالغ مالية يُزعَم أنَّها دُفِعت لإسكات النساء اللواتي صرَّحن بأنَّهن أقمن علاقاتٍ مع ترمب قبل سنوات.
مهلاً قد يكون هناك ما هو أسوأ بالنسبة للرئيس
ليس من الواضح ما إذا كانت الوثائق والمراسلات التي صادرها مكتب التحقيقات الفيدرالي تتضمَّن أي نقاش بين ترمب وكوهين حول الانتهاكات القانونية السابقة للرئيس، أو ما إذا كان هناك أي قضية جنائية تتطلَّب مُساءلته. لكن في تطورٍ مثير للقلق بالنسبة لترمب، قال ستيفن ريان، أحد محامي كوهين، إنَّ عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي أخذوا كل ما يخُص مؤسسة ترمب. ويمكن أن يمنح هذا ممثلي الادعاء نافذةً على التعاملات التجارية السابقة لترمب والشأن المالي لعائلته، لأنَّ كوهين كان منذ زمنٍ طويل رجل ترمب الموثوق.