ماذا حدث مع وزير الخارجية القطري في واشنطن؟
التقى عشرات من أعضاء الكونجرس الأمريكي ومسؤولين في الإدارة الأمريكية، الأسبوع الماضي، في العاصمة واشنطن مع وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وبحسب تقرير نشرته وكالة رويترز اليوم الخميس 5 يوليو 2018، فقد التقى هذا الجمع لتناول العشاء في أحد الأحياء الراقية في العاصمة واشنطن على شرف وزير الخارجية القطري، عندما جلس وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين إلى جواره قائلا: “لقد كنت صديقا عظيما للولايات المتحدة”.
وقالت رويترز إن المشهد الذي جرى في جو من الألفة الشديدة، كان يختلف كل الاختلاف عما كان عليه الحال قبل عام، عندما اتخذت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قرارا بقطع علاقاتها مع قطر في يونيو/حزيران 2017.
واتهمت الدول الأربع قطر بإذكاء نيران الاضطرابات الإقليمية ودعم الإرهاب والتقارب مع إيران، وهو ما نفته الدوحة، وفي أعقاب المقاطعة نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغريدات تشير إلى أن قطر تمول الإرهاب، رغم أن مسؤولين أمريكيين آخرين شددوا على أنها حليف للولايات المتحدة.
ومر عام ولا تزال المقاطعة قائمة، إذ فشل الطرفان في تسوية نزاعهما، غير أن مقابلات مع مستشارين من الجانبين كشفت أن قطر تمكنت من إقناع بعض أعضاء الكونغرس والأمريكيين من أصحاب النفوذ أنها حليف للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب وضحية لمقاطعة ظالمة، وفقا لرويترز.
وقال عدد من أعضاء جماعات الضغط القطرية، إن هذه الاستراتيجية التي كلفت قطر العضو الصغير في منظمة أوبك عشرات ملايين الدولارات، تركزت على الوصول للمقربين من ترامب والضغط لاستمالة أعضاء الكونغرس.
ووجدت الولايات المتحدة التي تربطها علاقات تحالف وثيقة بدول الجانبين نفسها بين شقي الرحى وحاولت الوساطة دون طائل.
وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية لرويترز إن بلاده تخشى أن يسمح هذا الخلاف لإيران بتعزيز وضعها في منطقة الخليج إذا ما أيدت طهران القطريين.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن ترامب يريد “تهدئة الخلاف وتسويته في نهاية المطاف لأنه لا يفيد إلا إيران”.
وفي واقع الأمر تحسنت العلاقات بين إيران وقطر منذ المقاطعة. ففتحت طهران مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية القطرية عندما أغلقت السعودية والدول الأخرى مجالها أمام الطائرات القطرية وأعادت قطر العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إيران.
وقال مسؤول إيراني كان يشغل في السابق منصب سفير بلاده لدى الإمارات إن هذه المقاطعة “تنتهك حق دولة مستقلة مثل قطر في اختيار حلفائها”.
وامتنعت وزارة الخارجية الإيرانية عن طلب للتعقيب من “رويترز”.
جماعات الضغط.. تقلب الموازين
تتمتع قطر بثروة هائلة بفضل احتياطياتها من الغاز الطبيعي وقد أنفقت ما لا يقل عن 24 مليون دولار على الاستفادة من جماعات الضغط في واشنطن منذ بداية العام 2017، وفقا لرويترز.
وتبين وثائق مقدمة لوزارة العدل أن ما أنفقته قطر على جماعات الضغط بلغ 8.5 مليون دولار في عامي 2015 و2016، وفقا للوكالة.
وبحسب رويترز، استعانت قطر ببعض المقربين من ترامب. فقد قال رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني إنه عمل لحساب القطريين في أحد التحقيقات، إنه وزار الدوحة قبل أسابيع من اختياره محاميا شخصيا لترامب في أبريل/نيسان.
وامتنع جولياني عن الخوض في التفاصيل وقال لرويترز إنه لم يتحدث مع ترامب في أمر عمله لحساب قطر.
وقال اثنان من العاملين بجماعات الضغط إن قطر “حشدت كل طاقاتها في الكونغرس” لمعارضة مشروع قانون ضدها، وتعطل المشروع في الكونغرس بالفعل.
وقالت الوكالة إن قطر سعت للتواصل مع حلفاء مستبعدين، ففي يناير/كانون الثاني رتبت جماعات الضغط القطرية سفر مورتون كلاين رئيس المنظمة الصهيونية في أمريكا في الدرجة الأولى على الخطوط الجوية القطرية وحجزت له الإقامة في منتجع فندق شيراتون جراند الدوحة لحضور لقاءات مع قادة البلاد.
وذكرت الوكالة أنه “من تلك اللقاءات اجتماع منفرد استمر ساعتين مع أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثان.”، على حد قولها.
وقال كلاين إن المسؤولين القطريين وعدوه بمنع عرض فيلم وثائقي لقناة الجزيرة ينتقد أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة وباستبعاد الكتب المناهضة للسامية في معرض للكتاب بالدوحة والعمل من أجل إطلاق سراح إسرائيليين مخطوفين.
ولا يزال كلاين ينتقد قطر لكنه قال في مقابلة الأسبوع الماضي إنه تشجع ببعض الخطوات التي اتخذت لمعالجة مخاوفه. وقال إن قناة الجزيرة لم تبث الفيلم الوثائقي وإنه يواصل العمل مع المسؤولين في المسائل الأخرى.
وكانت لولوة الخاطر، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية القطرية، نفت ذلك في تصريحات لصحيفة “جولف تايمز” القطرية وقالت إن ذلك “يأتي في سياق محاولات دول الحصار المستمرة للتشكيك في نموذج قطر المنفتح والتقدمي في الحوكمة”. وأشارت إلى أن “دول الحصار تروج تلك التقارير للمطالبة مجددا بإغلاق قناة الجزيرة”.
وفي الخريف الماضي التقى ترامب بالشيخ تميم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال أحد أعضاء جماعات الضغط العاملين لحساب قطر إن رسالة الدوحة للولايات المتحدة تمثلت في أنها ستنفق المزيد من المال على القاعدة الأمريكية في البلاد وتشتري المزيد من الطائرات من شركة بوينج.
وفي غضون أسبوع من هذا اللقاء أعلنت شركة الخطوط الجوية القطرية أنها ستشتري ست طائرات من بوينغ قيمتها 2.16 مليار دولار. وامتنعت بوينغ عن طلب للتعقيب من “رويترز”.
كما التقى الشيخ تميم بترامب في البيت الأبيض في أبريل.
وقال جاسم آل ثاني المتحدث باسم السفارة القطرية في واشنطن، إن “إحلال الحقيقة محل أكاذيب دول الحصار استغرق وقتا وتطلب موارد بما في ذلك دعوة وفود لزيارة قطر والتحقيق في الحصار بنفسها”.