ماذا تعرف عن تيتانيك في الذكري الـ107 للكارثة؟
يصادف الرابع عشر من أبريل، من كل عام، ذكرى غرق سفينة تيتانك، التي ارتطمت بجبل جليدي في العام 1912، وأودت بحياة 1517 شخصاً من أصل 2223 كانوا على متنها.
غرق سفينة تيتانك
ربما كثير منكم لا يعرف أنَّ على متن سفينة تيتانك الجبارة، كان هناك عشرات الركاب العرب الذين لقوا حتفهم، وجزء كبير منهم كانوا من لبنان وسوريا.
كما كان هناك شخص يحمل الجنسية المصرية واسمه «حمد حسّاب»، الذي تمكن من النجاة بحياته بعد أن ركب قارب النجاة رقم 3، حيث تم اخلاؤها بالسفينة كارباثيا.
وجاء ترتيب الركاب العرب على تيتانك الخامس من بين 28 جنسية، وهي على الترتيب:
· بريطانيا 327
· أمريكا 306
· إيرلندا 120
· السويد 113
· العرب 81
والقتلى العرب كانوا 20 امرأة و45 رجلاً و16 طفلاً.
وأسماؤهم واردة في اللائحة الرسمية للركاب، الذين لا يوجد إلى الآن تصنيف لهم بحسب الجنسيات، حتى ولو في «إنسكلوبيديا تايتنكا»، وهي الأدق والأغنى بالمعلومات عن السفينة.
ومنذ ذلك الوقت وركاب تيتانك العرب منسيون في الأعماق، وبالكاد يذكرهم العالم.
ولا نجد ما يشير إليهم، إضافة للائحة الأسماء، سوى لقطة في فيلم Titanik الشهير في 1997 لمخرجه الكنديجيمس كاميرون، وفيها نسمع «يلّا يلّا» تقولها أم بلهجة لبنانية وهي تستعجل ابنتها للفرار من السفينة حين بدأت تغرق.
ويردّ زوجها مهدئاً من روعها: «بس بس خلليني شفلك» وهو مرتبك يقلب صفحات في ممر بالدرك الأسفل من «تيتانك» العملاقة، حيث تقبع الدرجة الثالثة.
وفي الممر ظهروا خائفين، بينهم الممثل ليوناردو دي كابريو، وهو يركض ممسكاً بيد صديقته الممثلة في الفيلم كيت وينسلت.
بينما كان الزوج المسكين يبحث في صفحات كتيّب يحتوي على بيانات «تيتانك»، عن مخرج في الممر ليعبر منه هارباً مع عائلته، وبعد هذه اللقطة التي دامت 6 ثوان فقط من الفيلم الهوليوودي، لم نعد نسمع أو نرى ما يذكرنا بعرب تيتانك المنسيين.
قصص بعض القتلى العرب.. لبناني كان من طاقم عمل السفينة
اللبناني الوحيد الذي كان على متن تيتانك من دون أن يكون من ركابها، كان أحد أفراد طاقمها المكون من 899 شخصاً، واسمه إبراهيم منصور مشعلاني.
وهو مولود في 1860 في لبنان، وكان حاصلاً على جنسية بريطانية، ومسؤولاً في السفينة عن قسم الطباعة، حيث يشرف على طباعة لوائح الطعام والبطاقات الشخصية لمن يرغب، وقضى قتيلاً مع بقية القتلى في السفينة.
المصري الذي كان من ركاب الطبقة الأولى
صعد المصري حمد حسّاب تايتنك، رفقة أحد الأثرياء الأمريكيين وزوجته، وكان الأمريكي دعاه ليرافقه في الرحلة على السفينة العملاقة، واشترى له تذكرة بالدرجة الأولى، سعرها 76 جنيهاً إسترلينياً و14 شلناً و7 بنسات، أي ما يعادل 8 آلاف دولار حالياً.
وهو الذي كان يتقاضى راتباً سنوياً مقداره 60 جنيهاً إسترلينياً عن عمله كدليل يرافق السياح.
نجا المليونير الأمريكي وزوجته والمترجم المصري، وكانوا من أوائل من هرعوا إلى موقع زوارق النجاة، حيث كان المصري حمد حسّاب، من الذين استقلوا قارب النجاة «كارباثيا 3»، وبعث رسالة تلغراف إلى أخيه سعيد، في 18 أبريل، بعد غرق السفينة بأربعة أيام، يقول فيها: «ما زلت على قيد الحياة».
فارس شهاب.. «عيب نموت بدون دبكة وأغاني»
تحكي الروايات التي رواها بعض مَن نجو من كارثة تيتانك، أن الأمير فارس شهاب هو شاب طويل القامة أنيق المظهر، تحلَّى برباطة جأش مميزة، لم يَهَبْ الموت الذي رأه بعينه، فترك السفينة تغرق والركاب يهرولون فزعين، وأخذ عوده وبدأ في العزف.
وظلَّ يعزِف على عوده حتَّى ابتلعته مياه المحيط، مشجعاً زملاءه قائلاً «شدّوا الهمة يا شباب، عيب نموت بدون دبكة وأغاني!».
فأخذ هو في العزف على العود، بينما اصطفَّ الآخرون ليرقصوا الدبكة في مشهد، ودّعوا من خلاله الحياة.
قتلى عرب فلاحون سافروا للبحث عن لقمة العيش
من أسماء القتلى الذين تمّ التعرف على أسمائهم، خليل الحاج حسين سعد 27 عاماً، وأمين الحاج حسين سعد 30 عاماً، ورشيد الحاج عبدالحسين بزي «لم يعرف عمره»، وأسعد الحاج حسن طرفة مكي 20 عاماً.
وبحسب الروايات التي تم تداولها في بعض القرى اللبنانية فإن غالبية القتلى العرب هم فلاحون كانوا متوجهين إلى كندا على متن السفينة، من ركاب الدرجة الثالثة، بحثاً عن لقمة العيش.
أغنية حردين الحزينة
واحتلّ ركّاب بلدة حردين اللبنانية الصدارة في لائحة مأساة لبنانيي تيتانك، إذ خسرت حردين أكبر عدد من الركاب اللبنانيين وهم من الشبان في العشرينيات من عمرهم، وما زالوا حتى اليوم يتذكرونهم بتلك الأغنية الحزينة:
ابكـي ونوحـي يـا حردين عالشبّان الغرقانين
غرق منّك 11 شب بسنّ الخمس وعشرين
مـنـهــم 7 عــزّابي والبقيّة مجوّزين
ما فيهـم واحــد شايب كلّن بالخمس وعشرين
كما كان من الركاب اللبنانيين بعض الأزواج الذين يمضون شهر العسل على ظهر السفينة، لكن لم ينجُ أي منهم.
تحريف الأسماء الأصلية في اللائحة الرسمية لقتلى تيتانك
نجد في اللائحة الرسمية أن بعض الأسماء تمت ترجمتها كما يبدو، فمن كان اسمه يوسف أصبح جوزيف، وبطرس أصبح بيتر، وهناك قتيل من مدينة طرابلس من عائلة «بدر» سموه Badt، ولولا أن اسمه الأول محمد، لما انتبه للبنانيته أحد.
كما هناك آخر من الناجين اسمه ناصيف قاسم أبي المنى، سجلوا عائلته على أنها Albimona، وهو من مصيف «شاناي» الشهير في لبنان.
هل فعلاً أطلقوا النار على اللبنانيين أثناء الصراع على قوارب النجاة
وفقاً للكاتبة الأمريكية السورية الأصل، ليلى سلوم إلياس، مؤلفة كتاب «الحلم فالكابوس» الذي يتحدث عن كارثة تيتانك وضحاياها العرب، واستمدت بعض ما فيه من صحف عربية كانت تصدر بنيويورك عام الكارثة.
أشارت الكاتبة إلى أن ناجين رووا ما حدث لذويهم فيما بعد، وأن عدداً من اللبنانيين تم قتلهم بالرصاص، لعدم انصياعهم لأوامر حرس بالسفينة.
وقالت إن السبب الرئيسي في مقتل أحدهم كان لأنه حاول الوصول إلى قارب نجاة، ليحتل مكاناً فيه، كان يسعى إليه آخر من ركاب الدرجة الأولى، وكان ذلك آخر صراع يائس تمت التفرقة فيه بين الطبقات الراقية والبسطاء.