مؤسسة الأمير تشارلز الخيرية مرتبطة بشبكة روسية
كشف تحقيق دولي أن مصرفاً استثمارياً أدار شبكة من الشركات الخارجية التي تنقل مليارات الدولارات إلى خارج روسيا، وهو مصرف يرأسه أوليجارشي تعاوَن من قبل مع الأمير تشارلز في أعمال خيرية.
وأوضح التحقيق الطريقة التي حصلت بها الشبكة على الأموال من شركات مرتبطة بعمليات احتيال كبرى، وفق هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
كان هذا الأوليجارشي، وهو روبن فاردانيان، رئيساً سابقاً لمصرف ترويكا ديالوغ.
إذ يقول إنه لم يكن يشارك في العمليات اليومية للمصرف.
وكانت أموال من هذه الشبكة تُرسل إلى مؤسسة الأمير للأعمال الخيرية للمساعدة في ترميم منزل دومفريس، وهو منزل فخم في مقاطعة أيرشاير.
قالت مؤسسة الأمير للأعمال الخيرية إن إسهامات فاردانيان أولي لها العناية القوية الواجبة ولم تُثر أي شكوك أو تحذيرات حولها.
وُرفع النقاب عن أعمال الشبكة التي تضم أكثر من 70 شركة خارجية من خلال تسريب 1.3 مليون عملية مصرفية سرية حصلت عليها منظمة مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد ( Organised Crime and Corruption Reporting Project)، وهو اتحاد للصحفيين الاستقصائيين في شرق أوروبا الذين شاركوا المعلومات والوثائق مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC وصحيفة The Guardian.
حصلت مؤسسة الأمير للأعمال الخيرية بين عامي 2009 و2011 على ثلاث دفعات من الأموال، إضافة إلى مبلغ يصل إلى 202 ألف دولار عبر مصرف ليتواني منحل.
وتوضح البيانات المصرفية المسربة أن آخر المبالغ المدفوعة أُودعت في حساب يعود لمؤسسة الأمير الخيرية.
وجاءت هذه المبالغ من شركة تسمى Quantus Division Ltd، التي عُرف الآن أنها كانت جزءاً من شبكة الشركات الخارجية التي أرسلت مليارات الدولارات إلى خارج روسيا.
أدار هذه الشبكة مصرف ترويكا ديالوغ الاستثماري في موسكو، الذي شغل فاردانيان منصب رئيسه التنفيذي آنذاك.
وعلى مدى الأعوام، تمتع فاردانيان باستمرار العلاقات حول الأعمال التجارية والخيرية مع أمير ويلز.
وفي عام 2010، حضر فاردانيان فعالية للاحتفال بأرمينيا وثقافتها في قصر وندسور، حيث تحدث الأمير عن منزل دومفريس وخططه لترميمه.
شبكة ترويكا
جاءت أغلب السِجِّلات المسربة من مصرف أوكيو بانكاس الليتواني (Ukio Bancas)، الذي أغلقته السلطات الليتوانية في 2013.
إذ دخلت أكثر من 3.5 مليار دولار بين عامي 2005 و2011 إلى حسابات شبكة تتكون من شركات خارجية ويديرها مصرف ترويكا ديالوغ، وخرجت 3.5 مليار دولار من حساباتها في نفس هذه المدة.
ويبدو أن الشركات اُستخدمت لنقل الأموال دون الإفصاح عن هويات المتورطين.
أُسست شبكة مصرف ترويكا ديالوغ لتقدم خدمة لمجموعة من العملاء -كان كثير منهم من النخبة الروسية- من أجل نقل الأموال حول العالم لاستخدامات تجارية وشخصية.
وقد استخدموا بعضها للدفع مقابل كل شيء بدءاً من الممتلكات في المملكة المتحدة، ومروراً باليخوت الفاخرة والقطع الفنية، ووصولاً إلى تذاكر مباريات كأس العالم.
حقق روبن فاردانيان وشركاؤه مليار دولار فيما بينهم عام 2011، عندما باعوا مصرف ترويكا ديالوغ إلى مصرف سبيربنك (Sberbank)، المملوك للدولة الروسية.
وتشير الوثائق التي اطلعت عليها BBC إلى أن الشركات في هذه الشبكة، ومن ضمنها شركة Quantus Division Ltd، دفعت واستقبلت أموالاً يقال إنها استُخدمت لشراء بضائع مثل الأطعمة، وأنظمة الإنارة، والسلع الإلكترونية، ومواد البناء، بل حتى الأدوات الصحية.
وعلى الرغم من هذا، ابتيعت هذه السلع عن طريق شركات من دون مكاتب ولا موظفين ولا تجارة، وهو ما يقترح أن هذه السلع لم تنتقل في الواقع إلى مالكين جدد.
عشرات الملايين
توضح سجلات مصارف أخرى تدفق عشرات الملايين من الدولارات إلى حسابات شركات في هذه الشبكة قادمة من شركات ذات صلة بجرائم كبيرة.
إذ تتضمن واحدة من كبرى عمليات الاحتيال التي اكتُشفت في روسيا، وهي عملية الاحتيال الضريبي بقيمة 230 مليون دولار التي اكتشفها المحاسب الضريبي الروسي سيرغي ماغنيتسكي.
في نوفمبر/تشرين الثاني، أي بعد نحو عام من الإبلاغ عن عملية، مات ماغنيتسكي في ظروف غامضة داخل سجن روسي.
وتوضح السجلات المسربة من مصرف أوكيو بانكوس أن شركات استفادت من الاحتيال الضريبي أرسلت 123 مليون دولار إلى شبكة ترويكا ديالوغ.
ولم تطلع BBC على أي أدلة تشير إلى تورط فاردانيان نفسه في أي من الأنشطة الإجرامية.
وقد أوضح محاموه أنه لم يكن مرتبطاً بالعمليات، أو الإدارة، أو الأنشطة الخاصة بقسم إدارة الثروات في مجموعة ترويكا ديالوغ، وأنه كان دائماً يتصرف بشفافية.
وقال متحدث باسم قصر الأمير تشارلز، كلارنس هاوس، إن الأعمال الخيرية لأمير ويلز تعمل مستقلة عن الأمير نفسه فيما يتعلق بجميع قرارات جمع التبرعات.
وقال متحدث باسم مؤسسة أمير ويلز الخيرية (The Prince of Wales’ Charitable Foundation) ومؤسسة دومفريس هاوس ترست الخيرية (The Dumfries House Trust ): «تُطبق المؤسستان الخيريتان عمليات العناية القوية الواجبة. وفي حالة الأمثلة التي سُلط عليها الضوء، لم تثَر أي شكوك أو تحذيرات حول هذه العمليات».