مؤتمر وارسو وضع إيران في موقع جديدا على الخريطة الدولية
وضع مؤتمر وارسو للأمن والسلام في الشرق الأوسط موقعا جديدا لإيران على الخريطة الدولية، حيث وجد نظام الملالي نفسه بين ضغط أمريكي بقوة 60 دولة، وزلة لسان إسرائيلية “مخيفة”.
ففي أروقة الملعب الوطني بالعاصمة البولندية، اجتمعت وفود من 63 دولة من جميع أنحاء العالم، للتباحث في قضايا الأمن والسلام في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب والتهديدات السيبرانية، بحسب الأجندة الرسمية التي أراد واضعوها خفض سقف التوقعات الكبيرة، لكن ما حدث كان العكس تماما.
فقد تحول المؤتمر إلى منصة لتشكيل تحالف دولي لمواجهة السياسات الإيرانية، خاصة تلك المتعلقة بدعم الميليشيات المسلحة في الدول العربية، والبرنامجين النووي والصاروخي، إضافة إلى العمليات الإرهابية على الأراضي الأوروبية.
ومع تأكيد الولايات المتحدة على اتساع أجندة الحدث الدولي، فقد استحوذت إيران على نصيب الأسد من كلمة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، الذي قال إن النظام الإيراني يمثل أكبر تهديد للسلم والأمن الدوليين باتفاق المجتمعين في “الليلة الماضية”.
وأشار بنس إلى الاجتماع الوزاري المغلق، الذي عقد مساء الأربعاء، وبدا أنه أسفر عن أمر “هام للغاية”، وصل إلى حد وصف الاجتماع بالتاريخي، كونه جمع الحلفاء والفرقاء على قضية لا خلاف عليها، هي أنشطة إيران التخريبية في الشرق الأوسط.
وتلك الليلة التي “لم يظهر فيها مدافع واحد عن إيران”، بحسب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ظهر أثرها سريعا في الكلمات الافتتاحية والختامية للمؤتمر، مع تأكيد الأميركيين على أن إيران ستتلقى مزيدا من العقوبات، إذا لم تكن العقوبات الحالية المؤلمة لاقتصادها كافية لتغيير سلوكها.
وقبل 48 ساعة على انطلاق المؤتمر، كانت مدافع إسرائيلية تدك مواقع للحرس الثوري الإيراني بالقنيطرة في سوريا، في رسالة إلى طهران، قبل أن تحط طائرة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في مطار فريدريك تشوبين في وارسو، بأنها لا تزال على طريق التصعيد العسكري، حتى تسحب إيران ميليشياتها من هذا البلد.
لكن ثمة رسالة أخرى وقعت من زلة في تغريدة لنتانياهو، الذي كتب بعد الاجتماع المغلق أن اللقاء استهدف “دفع المصالح المشتركة للحرب ضد إيران”، وذلك قبل أن تحذف التغريدة في وقت لاحق، بذريعة أن الترجمة الحرفية من العبرية إلى الإنجليزية أعطتها معنى مغايرا.
وكان الخطأ اللفظي كفيلا برفع معدلات الأدرينالين في طهران، مما دفع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى وصف ما جاء فيها بـ”أوهام” نتانياهو التي انكشفت للعالم.
وبعيدا عما اعتبرته طهران أوهاما، فقد ترسخ واقع جديد في وارسو، بتوافق أكثر من 60 دولة على ضرورة مواجهة سلوك طهران الضار، فيما وجدت الدول المتضررة من تدخلات نظام الملالي وميليشياته، دعما أشبه بالتعهد.
وفي تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية” قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، إن “جميع المشاركين أبدوا التزاما بمنع إيران من زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة”.
و”هذه خطوة مهمة جدا في تصدي العالم لسياسات إيران العدوانية”، بحسب الجبير.
وتدعم إيران ميليشيات الحوثي الانقلابية في اليمن وتمدها بحسب تقارير دولية بالصواريخ الباليستية التي تطلقها على الأراضي السعودية وداخل اليمن، في إطار تمرد عسكري أشعل حربا يعاني منها اليمنيون.
وقال وزير الخارجية اليمني خالد اليماني لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن المؤتمر بدأ مرحلة مهمة من العمل ضد الأنشطة الإيرانية في المنطقة، مشيرا إلى أن طهران هي السبب الرئيسي لمماطلة الحوثيين في تنفيذ اتفاق ستوكهولم.
وخارج الملعب الوطني، كان حشد من أنصار المعارضة الإيرانية يلوح بأعلام ما قبل نظام الملالي، مطالبا المجتمع الدولي بالعمل من أجل إسقاط هذا النظام.
وعبر كلمة متلفزة، وجهت زعيمة مجلس المقاومة الايرانية، حركة مجاهدي خلق، نداء إلى مؤتمر وارسو بضرورة اتخاذ موقف أكثر حزما تجاه طهران.
وفيما لم يفصح بومبيو في المؤتمر الصحفي الختامي عما جرى الاتفاق عليه تحديدا، فإن الأجندة الواسعة التي ضمت ملفات شرق أوسطية عدة، بحسب بومبيو، سلكت سبيلا واحدا للتعامل مع هذه الملفات، عندما قال إن الخطر الأهم في الوقت الراهن هو إيران”.
“فمن الصعب التحدث عن التحديات في لبنان دون التحدث عن حزب الله، ولا عن التحديات في سوريا دون التحدث عن فيلق القدس، ولا عن التحديات في اليمن دون التحدث عن الحوثيين”.