ليبيا: استمرار المعارك حول غريان وسلامة يُعدّ لتسوية سياسية
قالت القوات التابعة لحكومة الوفاق، أمس الخميس، إنها رصدت انسحابا جزئيا لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر من المحاور القتال الرئيسية جنوبي العاصمة طرابلس، نحو مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس).
يأتي ذلك عقب سيطرة قوات حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، على مدينة غريان (100 كلم جنوب العاصمة طرابلس)، التي تعتبر مركز القيادة والتحكم للعمليات القتالية لحفتر في طرابلس.
وأفادت عملية بركان الغضب، التابعة للوفاق، على صفحتها الرسمية على الفيسبوك، أن سرايا الرصد والاستطلاع التابعة لها، والمتمركزة في محيط طرابلس، ترصد انسحاب جزئي لقوات حفتر من محاور القتال جنوبي العاصمة باتجاه ترهونة.
من جهة أخرى، أعلنت قوات تابعة لحكومة الوفاق، الخميس، اعتراضها رتلا من قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أثناء محاولته الهروب من مدينة الأصابعة (جنوب غرب مدينة غريان)، إلى مدينة سبها، جنوبي البلاد.
وفي مدينة غريان الاستراتيجية لم تهدأ الأوضاع بعد استعادتها من قوات القائد العسكري للمنطقة الشرقية خليفة حفتر. وتقع غريان على بعد ثمانين كلم جنوب غرب طرابلس، وهي مدينة جبلية محصنة طبيعيا، وتُعتبر مفتاحا لضواح ومدن عدة في جنوب طرابلس مثل خلة الفرجان وقصر بن غشير وصولا إلى مدينة ترهونة، التي تعتبر معقلا لقوات حفتر. وتوقع الأدميرال المتقاعد بشير الصفصاف في تصريح لـ«القدس العربي» أن تعمل قوات حفتر جاهدة على استعادة السيطرة على غريان، لأن التخلي عنها يشكل هزيمة عسكرية لحفتر وبداية النهاية لعملية الزحف على طرابلس.
وحضت القيادة التابعة لحفتر في بيان أمس «كافة جنود القوات المسلحة في مدينة غريان بالبدء في سحق كافة الخلايا النائمة التي تحاول زعزعة الأمن داخل المدينة»، في إشارة الى قوات حكومة الوفاق. وأوضح الأدميرال الصفصاف أن قوات «البنيان المرصوص» التي أخرجت مقاتلي «الدولة» من مدينة سرت في عام 2016، ما زالت لم تدخل المعركة ضد حفتر، وهي كفيلة بتغيير ميزان القوى العسكري تغييرا جذريا. كما قالت قيادة حفتر إن طائراتها الحربية «شنت غارات متتالية وعنيفة على تمركزات قوات الوفاق في معسكر الثامنة في مدينة غريان. وكان المتحدث باسم الجيش الوطني (قوات حفتر) اللواء أحمد المسماري، أكد في وقت سابق من مساء أمس، أن القتال في غريان ما زال مستمرا.
سياسيا قالت مصادر إيطالية إن وزير الخارجية الإيطالي إينزو ميلانيزي سيعقد اليوم الجمعة، اجتماعا في مقر الوزارة في روما مع المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة. وأجرى سلامة أخيرا جولة محادثات مع شخصيات نافذة ورؤساء عشائر في المنطقة الشرقية، بالإضافة إلى القائد العسكري للمنطقة خليفة حفتر، في مقره بقاعدة الرجمة القريبة من بنغازي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح. ويسعى سلامة من خلال جولة الاتصالات إلى إقناع مختلف الفرقاء بالعودة إلى مائدة المفاوضات والوصول إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية. وأكدت مصادر قريبة من البعثة الأممية أن المبعوث الأممي يعمل في هذا السياق على وقف القتال في التخوم الجنوبية لطرابلس، حيث تسعى قوات اللواء المتقاعد حفتر إلى الاستيلاء على المدينة منذ الرابع من أبريل الماضي من دون جدوى. وتُعتبر إيطاليا لاعبا رئيسيا في الساحة الليبية، وهي تدعم حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، ما أدى إلى احتكاكات علنية وعنيفة مع غريمتها فرنسا حول إدارة الملف الليبي.
وفي السياق أدرج مركز التنبؤات الاستراتيجية الأمريكي «ستراتفور»، معارك طرابلس ضمن الملفات المعقدة وغير القابلة للتهدئة خلال الفترة المقبلة الممتدة إلى ثلاثة أشهر. وجاء في توقعات المركز، وهو مقرب من جهاز الاستخبارات، بناء على معطيات من الداخل عن الوضع في منطقة شمال أفريقيا، أن المعركة المحتدمة على طرابلس بين الجيش الذي يقوده خليفة حفتر، والقوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني ستستمر، إلا أن المركز أكد أنه «على الرغم من استمرار القتال، يجب أن تبقى صادرات الطاقة من هذه الدولة الغنية بالبترول ثابتة ومستقرة».
وفي ورقته السابقة لشهر أبريل/ نيسان توقع «ستراتفور» استغلال صناعة النفط الليبية كوسيلة ضغط كلما استمر القتال لفترة أطول بعد عملية التصعيد العسكري في محيط طرابلس. واعتبر أن القتال الأخير لم يُمكن أي طرف من وقف إنتاج أو تصدير النفط في ليبيا. وتأتي ليبيا في المرتبة الثالثة بين مصدري النفط في القارة الأفريقية، ولديها أكبر احتياط من هذه المادة في القارة.