ليبرمان قلب الطاولة على نتنياهو بعد حرمانه من الحرب علي غزة
يمكن القول إن أفيغدور ليبرمان استقال من منصبه وانسحب حزبه من الحكومة، لأنه لم يستطع ابتلاع أمرين إجهاض عملية خاصة في غزة، ونجاح الوساطة المصرية في وقف تدهور الموقف.
وهذا هو ما أقر به ليبرمان في قراره المفاجئ على خلفية الأحداث العاصفة الأخيرة التي فجرت بشكل نهائي فيما يبدو الخلافات المتراكمة بينه وبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن ليبرمان تصرف بما تمليه صفته باعتباره أحد الصقور الأكثر ضراوة في الحكومة الإسرائيلية، وهذا بالطبع لا يضفي صفة الحمل الوديع على نتنياهو الذي لا يقل عنه “صرامة وتطرفا” في مواقفه حيال قضايا أساسية مثل الموقف من حماس وإيران وحزب الله، إلا أن ما يميز رئيس الوزراء الإسرائيلي هو طريقته المختلفة في الوصول تدريجيا إلى أهدافه من دون أن يغيض من حوله أو يخسرهم.
وعلى ما يبدو كان يعقد وزير الدفاع المستقبل على هذه الفرصة التي سنحت له في غزة ليشعل حربا كبيرة “يؤدب” بها حماس ليس فقط على صواريخها وقذائفها ومثيلاتها من المنظمات، بل وعلى خسارة ضابط في العملية الخاصة الأخيرة التي انتهت بالفشل.
وهكذا لم يستطع طبع ليبرمان المتفجر و”صقوريته” المزمنة أن يتحمل أن تنتزع الوساطة المصرية من بين أصابعه غزة، التي كان يعتقد أن يديه أصبحتا طليقة فيها، وأن القطاع قاب قوسين أو أدنى من انتقامه المنشود.
يصعب بالطبع التنبؤ بالمضاعفات والتأثيرات التي سيتركها انسحاب ليبرمان وحزبه من الساحة الرسمية الإسرائيلية، إلا أن المؤكد أن الرصاص والقذائف والصواريخ الإسرائيلية لن تتوقف عن الانطلاق لسبب وبدونه في غزة وغيرها، طالما ظلت إسرائيل في حصانة دائمة وبلا رادع وكما توصف عادة في وسائل الإعلام “الأم تيريزا” للغرب وخاصة الولايات المتحدة.
كما أن مواقف إسرائيل بعد ليبرمان لن تصبح أكثر طراوة ولا لينا، إذ أن التصلب والانحياز التام لنهج القوة الغاشمة، أصبحا منذ سنوات طويلة سمة لسياسة إسرائيلية تقليدية، بل ويمكن القول دون مبالغة إن ليبرمان هو أكثر من يعبر عنها باندفاعه الخالي من أي كوابح، ولأنه لا يحتمل ضبط انفعالاته التي يبدو أنها نجحت أخيرا وعصفت به.