“لو لم تصلكم حقوقكم فاقتلوني” الكشف عن رسائل كتبها الأب قبل “مذبحة الرحاب”..التحقيقات قد تفجر قنبلة!
تواصل النيابة العامة المصرية التحقيق في قضية مقتل أسرة كاملة في إحدى المدن الراقية شرقي العاصمة المصرية والمعروفة باسم “مذبحة الرحاب”، والتي أثارت جدلاً كبيراً بين المصريين.
سكان المدينة التي تتميز بالخصوصية والرقي، كانوا قد استيقظوا يوم الأحد 6 مايو الجاري على وقع جريمة انتحار عماد سعيد (57 عاماً) بعدما قتل زوجته وأولاده الثلاثة.
لكن الأمر لم يدم طويلاً على هذه الحال، فقد تحوّل الانتحار بسبب كثيرة الديون إلى جريمة قتل للسبب نفسه. وقبل أيام نشرت وسائل إعلام محلية وعربية أن النيابة العامة احتجزت ثمانية مشتبه بهم وأن خلافات مالية هي التي تسببت في هذه الجريمة.
“عربي بوست”، ومن خلال أحد المصادر القريبة من التحقيقات نقل خلال الفترة الماضية كثيراً من التفاصيل المتعلقة بالواقعة، التي يؤكد المصدر أن توصيفها النهائي هو “قتل عمد مع سبق الإصرار والترصّد”.
المصدر أكد أن التحقيقات أثبتت وجود خلافات مالية كثيرة وكبيرة ومعقدة، لربّ الأسرة، فضلاً عن أن الحياة المرفّهة التي كان يعيشها -رغم أزماته المالية- جعلت النيابة لا تستبعد القتل بدافع الانتقام، وإن كان السبب النهائي للقتل لم يتحدد بعد.
الشرطة احتجزت 14 شخصاً
وأضاف المصدر “تم بالفعل احتجاز ثمانية أشخاص بينهم محام وقاضيان وصاحب معرض سيارات وصاحب الفيلا التي وقعت فيها الجريمة، لكن الاحتجاز شمل أيضاً 6 من أفراد الشركة المكلّفة بحراسة المدينة.
الأربعة عشر شخصاً المذكورين تم احتجازهم ما بين 8 إلى 10 أيام في أحد أقسام القاهرة الجديدة -دون قرار نيابة- ثم أخلي سبيلهم جميعاً مطلع شهر رمضان، بحسب المصدر.
وخلال الفترة الماضية، راجعت النيابة كافة مراسلات الأب القتيل وأولاده وزوجته، وتم الاستماع لأقوال الجيران وأيضاً تفريغ المكالمات وكاميرات المراقبة الخاصة بموقع الجريمة، وتبيّن أن عماد سعيد (القتيل) كانت لديه بالفعل خلافات مالية كبيرة تكفي لارتكاب جريمة مثل التي وقعت.
المصدر لفت أيضاً إلى أن عماد سعيد قال لدائنين في مراسلات على واتساب، إنه “سينتحر لو لم يجد مخرجاً من هذه الضائقة”، وفي رسائل أخرى قال “لو لم تصلكم حقوقكم فاقتلوني”.
غالبية هذه الرسائل، يقول المصدر، لا تتعلَّق بخلافات بيع وشراء، وإنما بديون نقدية وإيجارات سيارات وأيضاً إيجارات متأخرة للفيلا الفاخرة التي تمت فيها الجريمة.
التحقيقات قد تفجِّر قنبلة
لكن النيابة العامة ما زالت تتعامل بحساسية كبيرة مع القضية وتعتقد أن النتيجة النهائية للتحقيق قد تفجر قنبلة؛ خصوصاً وأن جريمة كهذه لن تقع بسبب إيجارات متأخرة لا يصل مجملها إلى ثمن بعض المقتنيات التي وجدت بحوزة القتلى، بحسب المصدر.
الأمر، يضيف المتحدث: “أشبه بقضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم قبل نحو 10 سنوات، عندما أثيرت تكهنّات حول القاتل ثم كانت المفاجأة أنه رجل أعمال مشهور جداً على المستويين المصري والعربي. هذه القضية قد تفضي إلى نتيجة مماثلة. قد يكون المحرّض على القتل اسماً كبيراً ومعروفاً”.
وتابع “هناك علامات استفهام كثيرة، فالسلاح المستخدم في الجريمة موجود لكن خزينة الرصاص غير موجودة، كما أن بعض الطلقات المستخدمة مختلفة عن نوع السلاح الموجود، على ما يبدو”.
مضيفاً “الفيلا شهدت مشادات كثيرة بينه وبين دائنين يرون أنه يعيش حياة مرفَّهة جداً؛ يسكن في فيلا ثمنها لا يقل عن 20 مليون جنيه (مليون 200 ألف دولار) ولديه سيارات بمئات الآلاف. هناك من كان يعرف أن هذه الأشياء مستأجرة بل وعليها إيجارات متأخرة، لكن بعضاً آخر لم يكن مقتنعاً بكل هذا.
وتابع “هناك من كان يعتقد أن الرجل يتلاعب به. وربما هذا دفعه للانتقام. هذه فرضية قائمة لكنها ليست أكيدة. كل الفرضيات ليست أكيدة حتى اللحظة، اللهم إلا مسألة القتل العمد”.
وجدد المصدر تأكيده “ما أعرفه حتى اللحظة أن أغلب الخيوط المهمة غير معلنة، ولن تُعلن”، مؤكداً “بعيداً عن كل التكهّنات، في النهاية سيتم الكشف عن كل المتورطين في هذه القضية أيّاً كانت أسماؤهم وأيّاً كانت مكانتهم”.
مافيا أراضي الأوقاف
أحد أصدقاء الأب القتيل، قال إن حياته (عماد) كانت مثار تساؤلات وإن موته كان صدمة في الوقت نفسه، فهو رجل مهذَّب وخلوق وخيِّر، لكنه في الوقت نفسه كان يتلاعب بمن حوله في السوق أو بمن يتعاملون معه في أمور أو في نطاق بعينه.
هذا المتحدث، وهو مدير عام سابق بإحدى شركات القطاع العام وكان يعرف عماد سعيد منذ أكثر من 20 عاماً كما يقول “كان عماد ثريّاً جداً ثم أصبح مديناً لكثيرين ولديه أزمة مالية كبيرة”، مضيفاً “كان يتاجر في أراض أغلبها محل خلاف أو محل كلام من الناحية القانونية وخصوصاً أرض الأوقاف. كان يعتمد على أشخاص لا أعرفهم لكنهم نافذون. وقبل حوالي خمس سنوات دخل في قطعة أرض استنزفته مالياً ويبدو أنها كانت سبباً فيما جرى”.
عماد، كما يقول صديقه، لم يكن يخفي أزمته المالية، ومع ذلك كان يعيش حياة مرفهة معتمداً على ديون كان يثق من أنه سوف يسددها فور بيع الأرض التي دخلت ساحة المحاكم وطال نظرها وبالتالي زادت معها ديونه”.
كما أن القتيل لم يكن يتعمّد استئجار فيلا وسيارة وإنما كان مضطراً لذلك لأنه لم يكن يملك شراء فيلا بأكثر من 20 مليوناً ولا شراء سيارتين على الأقل بأكثر من مليون جنيه؛ فالأسهل أن يستأجر.
الحديث عن مساحة أرض تخص الأوقاف وترتيب أوراق تثبت ملكيتها لشخص ما باعها بدوره للقتيل، كلها أمور قد تكون حقيقية، يقول صديق عماد، الذي رفض الدخول في تفاصيل أكثر فيما يتعلق بهذه الأرض التي تبدو سبباً في إنهاء حياة صديقه وأسرته على هذا النحو المأساوي. هو فقط يقول إن تجارة عماد كانت غامضة وعلاقاته أيضاً.
وكانت وسائل إعلام مصرية تحدثت عن خلاف على قطعة أرض تخص أحد الواقفين، وقالت إن القتيل استخراج أوراق ملكية لهذه الأرض بناء على تشابه في الأسماء بين الواقف وبين أحد معارفه، وأن هذه الأرض هي كلمة السر في الجريمة.