لندن تتهم موسكو ودمشق بتعطيل دخول خبراء دوليين الى دوما للتحقيق في هجوم كيميائي
اتهم دبلوماسي بريطاني الاثنين روسيا وسوريا بتعطيل دخول خبراء دوليين الى بلدة دوما في الغوطة الشرقية للتحقيق في هجوم كيميائي مفترض رد عليه الغرب بقصف مواقع عسكرية في سوريا، وذلك بحجة “مخاوف امنية”.
وتزامن هذا التصريح مع اجتماع طارىء تعقده منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الاثنين في لاهاي حول الهجوم المذكور على مدينة دوما في الغوطة الشرقية قرب دمشق.
وذكر السفير البريطاني الى هولندا بيتر ويلسون في مؤتمر صحافي ان مدير منظمة حظر الاسلحة الكيميائية احمد اوزومكو صرح في اجتماع مغلق ان المفتشين لم يتمكنوا من الدخول الى الموقع حتى الان.
وأضاف ان اوزومكو قال ان “النظام السوري والروس تحدثوا عن مخاوف أمنية”.
وأضاف ان الروس والسوريين “لم يتمكنوا من ضمان امن الوفد للتوجه الى دوما في هذه المرحلة” مضيفا انه لم يتم منحهم جدولا زمنياً معينا للزيارة.
وبعد يومين على ضربات غربية استهدفت مواقع سورية مستبقة نتائج التحقيق، توافد سفراء دول عدة، بينهم فرنسا وبريطانيا وروسيا، إلى مقر منظمة حظر الاسلحة الكيميائية، الحائزة على نوبل للسلام بفضل عملها في سوريا، لعقد لقاءات خلف الأبواب المغلقة.
ووصل فريق تقصي الحقائق الى دمشق ظهر السبت بعد ساعات على الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا فجراً ودمرت ثلاثة مواقع يشتبه بأنها مرتبطة ببرنامج السلاح الكيميائي السوري.
وكان من المتوقع أن يبدأ فريق تقصي الحقائق عمله الميداني الأحد، إلا أنه عقد لقاءات مع مسؤولين سوريين في دمشق وسط تعتيم اعلامي من الطرفين حول برنامج عمله للتحقيق في الهجوم الكيميائي المفترض في دوما الذي ادى في السابع من نيسان/أبريل الى مقتل أربعين شخصاً، وفق مسعفين وأطباء محليين.
ونفى الكرملين بأن روسيا تعطل وصولهم الى المنطقة.
وصرح ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “نحن نعتبر هذه الاتهامات ضد روسيا لا اساس لها” مضيفا ان موسكو ايدت دائما اجراء “تحقيق حيادي”.
واستهدفت الصواريخ التي اطلقتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مواقع يشتبه بأنه يتم فيها انتاج اسلحة كيميائية. وشكلت تلك اكبر ضربة ضد النظام السوري خلال الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.
– أبشع الاكاذيب –
من جهتها، دعت فرنسا في اجتماع منظمة حظر الاسلحة الكيميائية الى تمكين الاخيرة من تفكيك برنامج سوريا “السري” للاسلحة الكيميائية.
وقال السفير الفرنسي فيليب لاليو خلال اجتماع لاهاي إن “الأولوية اليوم تكمن في منح اللجنة الفنية (في المنظمة) الوسائل لإنجاز تفكيك البرنامج السوري”.
وأضيف “نعلم جميعا بأن سوريا أبقت على برنامج كيميائي سري منذ 2013” عند انضمامها إلى اتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية وتدمير ترسانتها.
وأكد ان “الحقائق موجودة هناك، وهم يطلقون ابشع الاكاذيب، وينفون الامر”.
الا ان محدودية الهجمات وحقيقة ان دمشق اتيح لها الوقت الكافي لنقل معداتها الرئيسية بعد التحذير المسبق من الغرب لروسيا، حليفة دمشق، اطلق العنان للشكوك.
واتهمت الدول الغربية دمشق باستخدام غازي الكلور والسارين في الهجوم في حين تنفي دمشق وحليفتها موسكو استخدام أسلحة كيميائية.
وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الاثنين “تم عقد عدة اجتماعات مع الوفد نوقش خلالها التعاون بين الجانبين لتنفيذ المهمة المطلوبة بدقة وشفافية وحيادية”، مضيفا أن بلاده “شددت في هذه الاجتماعات على استعدادها التام للتعاون ولتوفير كل التسهيلات اللازمة لوفد تقصي الحقائق للقيام بمهامه”.
– غموض حول استراتيجية واشنطن –
وتواجه البعثة مهمة صعبة في سوريا بعدما استبقت كل الأطراف الرئيسية نتائج التحقيق، بما فيها الدول الغربية. وتتعلق المخاطر أيضاً باحتمال العبث بالأدلة في موقع الهجوم المفترض في دوما التي دخلتها قوات روسية وسورية بعد ساعات من الضربات الغربية.
ويهدف عمل البعثة بالدرجة الأولى الى تحديد ما اذا كان تم استخدام مواد كيميائية، ولا يقع على عاتقها تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم.
وفيما أشادت واشنطن بالضربات معتبرة أنها حققت “أفضل” نتيجة ممكنة، قللت كل من السلطات السورية وفصائل المعارضة من تداعياتها، خصوصاً أن المواقع المستهدفة كانت خالية بعدما بلغت الدول الغربية روسيا بأمرها.
وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن ضربات جديدة ضد سوريا ستحدث “فوضى” في العلاقات الدولية، فيما أكد البنتاغون أنه لا يعتزم ذلك.
ولكن يبدو أن الدول الغربية وضعت الجهود الدبلوماسية نصب اهتمامها، وستجري مناقشات في مجلس الأمن اعتبارا من الاثنين حول مسودة قرار جديدة بشأن سوريا قدمها الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون بعد ساعات من الضربات، تنص بصورة خاصة على إنشاء آلية تحقيق جديدة تتعلق باستخدام أسلحة كيميائية في سوريا.
من جهة أخرى، لا يزال الغموض يحيط باستراتيجية واشنطن حيال سوريا، إذ أكد البيت الأبيض الأحد أن ترامب مصمم على سحب قواته في أقرب وقت، بعد ساعات من اعلان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس أقنعته بالبقاء “لمدة طويلة”.
وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية ساره ساندرز إن “الرئيس كان واضحا، إنه يريد ان تعود القوات الاميركية باقرب وقت ممكن الى الوطن”.
وجاءت تصريحات المتحدثة بشأن الانسحاب لتتناقض مع ما أعلنه ماكرون في مقابلة تلفزيونية مطولة مساء الأحد، مؤكداً أنه أقنع ترامب بعدم سحب القوات الأميركية من الأراضي السورية.