لماذا يسافر الصينيون إلى إفريقيا؟
ارتفعت كمية رحلات الطيران المباشرة بين إفريقيا والصين إلى أكثر من 600% خلال العقد الماضي. لم يعد استخدام الطائرات اليوم مقصوراً على العمّال والتجار الباحثين عن فرص لتحقيق الثراء، بل امتد ليشمل السائحين والطلّاب في رحلات قصيرة، سعياً إلى الترفيه والمعرفة، بحسب تقرير لموقع Quartz الأمريكي. .
بعضهم من أجل المال
أرسلت «استراتيجية الخروج» الصينية، التي نفذتها عام 1999، العاملين في الشركات الحكومية الصينية إلى إفريقيا، فضلاً عن الاستثمارات المالية. ويُظهر السجل الرسمي للصين وجود حوالي 200 ألف عامل إنشاء ومهندس ومترجم ومسؤول تنفيذي صيني في إفريقيا في عام 2017. وعادة ما يعود العاملون إلى الصين لزيارة أسرهم مرة أو مرتين كل عام.
بعض العاملين يفضلون البقاء بعد انتهاء تعاقداتهم مع الشركات الحكومية من أجل تأسيس مشروعاتهم الخاصة. وتصل تقديرات هوارد فرينش، مؤلف كتاب China’s Second Continent: How a Million Migrants are Building a New Empire in Africa، لعدد العاملين الصينيين في إفريقيا إلى ما يصل إلى مليوني صيني.
وعلى الجانب الآخر، يذهب الأفارقة أيضاً إلى الصين من أجل المال. ولكن على عكس الصينيين، لا يحظون غالباً بدعم من دولهم. بعضهم تجّارٌ وروّاد أعمال يذهبون إلى الصين لعقد الصفقات وتصدير البضائع الصينية إلى بلادهم. وهناك أيضاً عدد من أصحاب الأعمال وعارضي الأزياء، ولكنهم واجهوا العديد من العقبات الاجتماعية والقانونية.
ويتواجد أكبر مجتمع للمهاجرين الأفارقة في الصين بمدينة غوانزو، المركز الصناعي والميناء التجاري جنوب الصين. وسجلت السلطات الصينية 200 ألف حالة دخول للمدينة من قبل زوّار أفارقة في عام 2016.
بعضهم من أجل الترفيه
ربما يكون أصحاب الأعمال هم من بدأوا الطلب على السفر الجوي بين إفريقيا والصين، ولكن الرحلات الجوية اليوم تخدم، بشكل متزايد، السائحين الباحثين عن المتعة والترفيه.
تضاعفت الرحلات الصينية إلى الخارج بمقدار ثلاثة أضعاف خلال العقد الماضي. وتعكس الخمس دول الإفريقية الأكثر زيارة من قبل الصينيين هذا التوجه.
معظم السائحين الصينيين الباحثين عن الترفيه يسافرون إلى إفريقيا من شنجهاي. وينفقون في المتوسط 1,683 دولار لرحلة تستغرق أسبوعاً، وفق تقرير خاص صادر عام 2018 من أكاديمية الصين للسياحة. وتضمنت قائمة المدن الأكثر زيارة كلاً من القاهرة، وبورت لويس عاصمة موريشيوس، والدار البيضاء في المغرب.
ولجذب السياحة الصينية، تنازلت المغرب عن متطلبات التأشيرة في عام 2016 للمسافرين أصحاب الجنسية الصينية لمدة 90 يوماً أو أقل. وزاد عدد السائحين الصينيين في المغرب من 43,000 سائح عام 2016 إلى أكثر من 107,000 سائح عام 2017.
واتبعت تونس نفس الإجراءات الخاصة بالتأشيرة للمسافرين الصينيين عام 2017، وتضاعف عدد زوارها الوافدين من الصين بمقدار ثلاثة أضعاف. ووفقاً لتقرير معهد دراسات الهجرة، عدّلت كل من أنجولا، وبوتسوانا، وإثيوبيا، وجنوب إفريقيا ورواندا وزيمبابوي متطلبات التأشيرة في عام 2018 لتسهيل سفر أصحاب الجنسية الصينية إلى تلك البلاد. وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت سيراليون عن سياسة جديدة تقضي بمنح تأشيرة عند الوصول لعدد من الدول من بينها الصين، مما يجعلها الدولة الإفريقية الثامنة والعشرين التي يمكن للسائحين الصينيين زيارتها دون الحصول على تأشيراً مسبقاً.
ويفوق عدد المسافرين الصينيين من غير رجال الأعمال بشكل كبير أعداد رجال الأعمال الصينيين المسافرين إلى كل من كينيا وجنوب إفريقيا.
حتى مع الزيادة السريعة في أعداد الوافدين، لا تعتبر إفريقيا الوجهة الأساسية للسائحين الصينيين. إذ بلغت نسبة الرحلات الصينية إلى إفريقيا 0.62% فقط من إجمالي 130 مليون رحلة خارجية للمسافرين الصينيين في 2017.
بعضهم من أجل التعليم
المواطنون الأفارقة يسافرون إلى الصين أيضاً. ويشكّلون ما يصل إلى 2.2% من إجمالي الوافدين إلى الصين عام 2018، بعد أن كانوا يمثلون نسبة 1.8% فقط من الوافدين في 2009. ويعتبر عدد الأفارقة في الصين اليوم أكثر من أي وقت سابق على الإطلاق.
تعد الصين ثاني أشهر وجهة للتعلّم بالخارج، بعد فرنسا، للطلّاب من الدول الإفريقية. ذهب أكثر من 81,000 إفريقي إلى الصين بغرض الدراسة في 2018. ويشكّل الأفارقة الآن المجموعة الأكبر من الطلاب الأجانب في الصين.
تعمل بكين على تنشئة الجيل القادم من القادة الإفريقيين، من خلال التعليم، وغالباً ما تقدم منح للدراسات الجامعية والدراسات العليا للطلّاب من الدول الإفريقية. وكما ذكر سابقاً موقع Quartz: «يتوجه الطلّاب الأفارقة إلى الصين للعديد من الأسباب؛ بعضهم يبحث عن فرص تعليم معقولة التكلفة، حتى بدون مساعدة أو منح، والبعض الآخر يبحث عن فرصة لإنشاء شبكة علاقات وأعمال أو لتعلم لغة البلد التي يعتبرونها قوة عالمية صاعدة».