لماذا يجب الإبلاغ عن العنف الذي يمس نشطاء اليسار الإسرائيلي؟
هاجم أول أمس شخصان مجهولان ناشط اليسار يونتان فولك عند خروجه لاستراحة الظهيرة. عرفوا أين يكمنون له، لاحقوه، وبعد ذلك جاء الضرب واللكمات وطرحوه أرضاً، وركلوه. عندما نجح في النهوض، استل أحدهما سكيناً وجرح وجهه، جرح غير عميق لكنه قرب العين. “لقد تولد لدي الانطباع بأن الشخص المهاجم نفسه ذعر من أن السكين قد جرحته”، قال فولك. المجهولان صرخا بكلمات مثل “يساري”، “فوضوي”، “ابن عاهرة”. “لقد ظهرا لي كشخصين عاديين”، قال فولك. هل هذا حدث يستحق نشره في الصحف؟
نعم، يستحق. حتى لو من أجل من سيأتي بعده، أي الملاحظات التي نشرت عبر “فيسبوك” في التعليق الذي كتبته المنظمة اليمينية “حتى هنا” في 29 أيار/مايو، بعنوان “ساعدونا في العثور على يونتان فولك”. شخص عرف نفسه باسم بري بوسكيلا كتب “ربما أصبح في القبر”. وشخص عرف نفسه بعيران غواتا كتب: “لماذا لا نقوم بإنزاله”. ومن كتب تحت اسم افيعاد داين قال: “في دولة سليمة يعدمون الشخص بسبب الخيانة”. آخرون زينوا بملاحظاتهم تعليق “حتى هنا” اكتفوا بتأييد سجن أو طرد فولك من الدولة. المتواضعون فقط قاموا بشتمه.
في الوقت نفسه، في التقرير نفسه والتطرق الخاص لمهاجمة اليساري اليهودي، يمكننا أن نكون شركاء في تطبيع العنف ضد الفلسطينيين. يهود ملثمون وغير ملثمين يهاجمون فلسطينيين أو يهددونهم، بما في ذلك في القدس والخليل، بما في ذلك سائقو الحافلات الإسرائيلية. الهجمات بدرجات مختلفة من الأضرار الجسدية وتحطيم الممتلكات تجري منذ عشرات السنين، وازدادت في العقدين الأخيرين. الظاهرة مستمرة، ضمن أمور أخرى، لأن السلطات الإسرائيلية لا تلاحق المهاجمين اليهود أو أنها لا تكلف نفسها عناء تقديمهم للمحاكمة – حتى عندما يتم توثيقهم ويعرف مكان قدومهم وذهابهم.
هذا هو السبب في أن فولك لم يقدم شكوى إلى الشرطة؛ فهو غير مستعد للحصول على معاملة خاصة لأنه يهودي. لنكن واقعيين، حتى لو ذهب لتقديم شكوى، فهل يمكن التصديق أن الشرطة ستكلف نفسها عناء البحث عن مجهولين هاجموا شخصاً يسارياً – فوضوياً مثله؟ بالنسبة للشرطة والجيش، وليس فقط بالنسبة لليمين، اليهودي الذي يعارض الاحتلال سيئ مثل الفلسطيني تقريباً. في بداية الأسبوع الماضي، هاجم شرطي –بوجود عدسات– شخصاً يسارياً آخر (غاي بوتفيه، عضو في تعايش)، الذي تظاهر مع فلسطينيين ويهود ضد السلب في قرية سلوان.
إن ظاهرة مهاجمة الفلسطينيين من قبل اليهود لم تتوقف لأنها جزء لا يتجزأ من العنف الرسمي بتصريح. فهذه وتلك تخدمان أهداف السلب. عدد صغير من الهجمات فقط يبلغ عنه في وسائل الإعلام الإسرائيلية. وحتى عندما يكون هناك إبلاغ، فإنه يمر من فوق رأسنا. مهاجمة فولك تخلق اهتماماً أكبر لأنه يهودي هوجم في تل أبيب. هكذا يسعى التقرير الخاص عنه إلى تقويض نشاطه ضد العنف البنيوي الإسرائيلي، الذي يستهدف الفلسطينيين.
من جهة أخرى: نعم. من الجدير الإبلاغ عنه والكتابة عنه. لأنه علينا مواصلة الإيمان بأن هناك أشخاصاً عاديين آخرين يكرهوننا، الذين لا يسمعون صوتهم الآن، ربما لأن شيئاً ما معروفاً في تدرج العنف يدق لديهم. في البداية، أخذوا اليهودي الذي هو ليس نحن، لذلك صمتنا. وبعد ذلك، أخذوا الشيوعي، الذي هو بالطبع ليس نحن. وبعد ذلك، جاء دور الآخرين وواصلنا الصمت. وعندما هاجمنا الزعران، لم يبق من يقف إلى جانبنا.
أن تبلغ يعني أنك تكفر بعدم منع حدوث تكرار تاريخي. أن تبلغ يعني بأنك تؤمن بأن الأشخاص العاديين سيستيقظون، وسيدركون أن من هاجموا فولك ومطاردي اليسار هم أشخاص خطيرون على الجميع. أن تبلغ يعني دعوتكم للانضمام إلى النشاط ضد تجريد الفلسطينيين من وطنهم في وطنهم.