لماذا يجب أن يُنهي الجمهوريون محاكمة عزل ترامب سريعاً؟
ربما يبدو العنوان غريباً، لكن تاريخ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في توريط نفسه عندما يواجه الإعلام يشير إلى أن هذا قد يحدث فعلاً، فما قصة ترامب مع التصريحات غير المناسبة في توقيتات تضعه في أزمات؟
ماذا قال ترامب؟
على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي في سويسرا علق ترامب، أمس الأربعاء 22 يناير، على محاكمة عزله في مجلس الشيوخ، وأشاد بفريق الدفاع الذي يمثله قائلاً: «إننا نؤدي بشكل جيد جداً، ولكن بأمانة نحن نمتلك كل المواد وهم ليس لديهم المواد».
و»المواد» هنا المقصود بها المستندات والتسجيلات والشهادات التي توضح حقيقة ما حدث في القضية التي يحاكم بسببها، وهي ما يعرف إعلامياً بـ «أوكرانيا جيت»، وبحسب وصف ستيفن كولينسن في تحليل له نشرته شبكة سي إن إن اليوم الخميس 23 يناير/كانون الثاني، فإن توقيت تصريحات ترامب يمثل «إشكالية»، على أقل تقدير.
لماذا يمثل هذا التصريح مشكلة لفريق الدفاع؟
المحاكمة التي انطلقت رسمياً في مجلس الشيوخ الثلاثاء 21 يناير، تشهد خلافاً جذرياً بين الجمهوريين في المجلس بزعامة ميتش ماكونيل (يمثلون الأغلبية بفارق 3 أصوات فقط) والديمقراطيين بشأن مسألة السماح باستدعاء شهود وإدخال أدلة ومستندات جديدة.
وكانت خطة ماكونيل تقوم على رفض الشهود والأدلة الجديدة بشكل قاطع، لكنه اضطر لتقديم تعديلات على إجراءات المحاكمة في آخر لحظة شملت مد الفترة الزمنية للبيانات الافتتاحية من يومين إلى ثلاثة وأيضاً فتح الباب لتصويت جديد بشأن مسألة استدعاء شهود وإدخال أدلة جديدة من خلال تصويت آخر عقب انتهاء المرافعات الأولية، والسبب معارضة بعض الأعضاء الجمهوريين للإجراءات الأولية التي أعدها ماكونيل.
في هذا السياق يصبح تصريح ترامب بأن فريقه «لديه كل المواد وهم لا يمتلكون المواد» بمثابة اعتراف علني بأنه وفريقه منعوا وصول مواد ذات صلة بالقضية لمجلس النواب، ما يثير الشكوك ويدعم موقف فريق الادعاء الديمقراطي بشأن ضرورة السماح باستدعاء شهود وإدخال أدلة جديدة استجلاء للحقيقة كاملة.
النقطة الأخرى تتعلق بموقف الأعضاء الجمهوريين الذين لا يدعمون ترامب بشكل مطلق وينتظرون سماع المرافعات الأولية حتى يقرروا موقفهم من مسألة الشهود، وعندما يسمع هؤلاء تصريح ترامب من المرجح أنهم سيحسمون موقفهم ويصوتوا لصالح استدعاء الشهود حتى تتضح كل الحقائق.
كيف يرد فريق الدفاع؟
ترامب وفريق الدفاع عنه يتمترسون خلف ما يعرف باسم «المزايا التنفيذية» وهو مصطلح يعني حق الرئيس ومساعديه في حجب حقائق ومستندات يعتقدون أن الكشف عنها يعرض «الأمن القومي للبلاد للخطر»، لكن هذه الحقوق التي يستخدمها ترامب بصورة مطاطة -بحسب خصومه- لها حدود وليست مطلقة، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة لكشف الحقيقة هي استجواب الشهود فيما يخص الاتهامين الموجهين لترامب وهما (استغلال النفوذ والضغط على أوكرانيا بحجب مساعدات أقرها الكونغرس مقابل فتح تحقيق فساد ضد هانتر بايدن ابن جو بايدن المرشح الديمقراطي المحتمل في انتخابات هذا العام وعرقلة تحقيق الكونغرس عن طريق إصدار أوامر للشهود بعدم الامتثال).
تاريخ ترامب مع التصريحات الإشكالية
والواقع أن تاريخ ترامب من التصريحات التي يورّط نفسه من خلالها طويل وممتد، بداية من 2016 أثناء حملته الرئاسية عندما طالب روسيا في مقابلة تلفزيونية قائلاً: «لو أنكم تستمعون»، بأن يبحثوا عن 30 ألف بريد إليكتروني مفقود من سجلات هيلاري كلينتون، وفي نفس اليوم بدأت روسيا بالفعل في تسريب تلك الرسائل.
وبعد أن قام بفصل مدير عام المباحث الفيدرالية جيمس كومي بعد أن أصبح رئيساً، قال على الهواء في «إن بي سي» إنه فعل ذلك بسبب التحقيقات في التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية، وهو ما عرّض ترامب لمواجهة اتهام عرقلة العدالة.
وبعد أن انطلقت إجراءات عزله الحالية بسبب الضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق فساد بشأن جو بايدن، انفعل على الهواء وطالب «الصين أيضاً بأن تفعل الشيء نفسه»، وفي يونيو/حزيران الماضي قال ترامب على الهواء إنه لو عرضت عليه حكومة أجنبية معلومات سيئة عن أحد منافسيه السياسيين: «أحب طبعاً أن أعرف تلك المعلومات».
هذا التاريخ الممتد لترامب من التصريحات غير المناسبة ربما يكون السبب الرئيسي الذي دفع ماكونيل للسعي إلى أن تكون محاكمة ترامب في مجلس الشيوخ هي الأسرع في التاريخ، لكن يظل السؤال إذا ما كان ذلك لا يزال ممكناً بعد تصريحات ترامب أمس في دافوس؟