لماذا يجب أن يهتم الأردنيون بعودة الغاز المصري؟
وسط حالة من التفاؤل، بدأ رسمياً الضخ التجريبي للغاز الطبيعي المصري إلى محطات توليد الطاقة في الأردن، وذلك بعد توقف دام لسنوات، بعد تعرض خط إمدادات الغاز الطبيعي المصري إلى الأردن، لتفجيرات عدة بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، مما أدى لتوقفه وأوقع المملكة في مأزق البحث عن قنوات أخرى.
وأوضح أحد المصادر أن الضخ التجريبي للغاز المصري بدأ بالفعل، لتجربة خطوط الإمداد المزودة للغاز، مشيراً إلى أن الضخ الفعلي والحقيقي سيبدأ في بداية يناير/كانون الثاني 2019.
ثلث احتياجات الأردن من الغاز
وذكر عضو لجنة الطاقة النيابية في مجلس النواب الأردني موسى هنطش في حديثه لـ «عربي بوست»، أنّ الكميات المتفق عليها ستصل إلى 100 مليون قدم مكعب يومياً، وهو ما يمثل نحو 30% من احتياجات الأردن اليومية من الغاز التي تقدر بـ 335 مليون قدم مكعب.
وشدد هنطش على أنّ تعطل توريد الغاز كان من الجانب المصري، «الذي يتحمل المسؤولية في ذلك»، منوهاً بأنّ الأردن كان يحق له التقدم بدعوى ضد مصر بسبب الخسائر التي مُني بها في إيرادات الغاز، إلا أنّ الحكومة الأردنية راعت الظروف الأمنية التي مرت بها مصر عبر تعرض الخط للتفجيرات أكثر من مرة.
انعكاسات إيجابية على الطاقة والكهرباء
وأوضح هنطش أنّ هناك تأثيرات وعوائد إيجابية ستعود بالنفع على الوضع الاقتصادي الأردني، خاصة ما يتعلق بتسعيرة الطاقة والكهرباء، إذ يعتمد الأردن بشكل كبير على الغاز في توليد الطاقة الكهربائية.
وأضاف أن تكلفة الغاز المصري ستكون أقل من تكلفة باخرة الغاز العائمة في العقبة، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على أسعار الطاقة وتكلفة توليدها من قبل شركة الكهرباء الوطنية «نيبكو».
وفي سياق متصل، ذكر المختص في شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي، أنّ توفر الغاز المصري الرخيص من شأنه «وقف ارتفاع فاتورة الكهرباء المتزايد على المواطن الأردني»، مشدداً على أنّ استعادة شركة الكهرباء الوطنية مصدر الغاز في توليد الطاقة الكهربائية، من شأنها أن تخفض أسعار التعرفة الكهربائية على المواطن.
يذكر أنّ الاتفاق الأصلي حول تصدير مصر الغاز الطبيعي للأردن كان قد وُقِّعَ عام 2004، عندما التزمت مصر بتقديم 250 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً بقيمة 2.5 دولار لكل وحدة حرارية. لكن الحكومة المصرية بعد ثورة يناير وتحديداً في شهر أبريل/نيسان 2012، رفعت السعر إلى 5 دولارات للوحدة، وهو السعر الذي لا يزال أقل مما ستدفعه شركة الكهرباء الوطنية الأردنية مقابل إنتاج حقل ليفياثان الإسرائيلي.
ارتفاع أسعار الكهرباء في الأردن
وكان الأردن شهد أزمة كبيرة في مصادر الطاقة والنفط، بدأت تحديداً في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حين بدأت أسعار الكهرباء تتزايد عبر فرض بند إضافي على فاتورة الكهرباء يسمى «فرق أسعار الوقود»، وذلك بالتزامن مع وصول سعر خام برنت 62 دولاراً للبرميل الواحد.
في ذلك الوقت فرضت حكومة الملقي في أول تفعيل لهذا البند ارتفاعاً على سعر فاتورة الكهرباء بواقع (4 فلس/ ك.و.س) اعتباراً من تاريخ 1 ديسمبر/كانون الأول 2017، لتغطية خسائر شركة الكهرباء الوطنية حسب توصيات صندوق النقد الدولي، بسبب اعتماد الأردن حينها على الوقود النفطي لتوليد الكهرباء بسبب انقطاع الغاز المصري إثر سلسلة التفجيرات الإرهابية في سيناء.
وأوضح الشوبكي أنّ الارتفاعات في فاتورة الكهرباء تتابعت من حكومة الملقي إلى حكومة عمر الرزاز إلى أن وصلت اليوم إلى (22 فلساً/ك.و.س)، مؤكداً أنّ الفترة القادمة ستشهد انخفاضاً لأسعار الكهرباء بالأردن بعد انعدام الأسباب الموجبة لرفع سعر الكهرباء، ووصول سعر النفط اليوم إلى أقل من 60 دولاراً للبرميل، اَي أقل من السعر الذي ابتدأ عنده رفع سعر الكهرباء قبل سنة.
ويرى الشوبكي أنّ الوقت قد حان لتتخذ الحكومة إجراء وقف بند فرق أسعار الوقود والرجوع لسعر الكهرباء قبل سنة، بل وتخفيض أصل السعر في الكهرباء والعودة لأسعار الكهرباء سنة 2010، بسبب توفر الغاز المصري الرخيص الذي ستعتمد عليه الأردن من جديد بتوليد الطاقة الكهربائية، إضافة إلى تنامي وتعدد مصادر إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة.
الغاز المصري سيشكل أحد الروافد الأساسية لتوليد الطاقة بالأردن
وسيشكل الغاز المصري أحد الروافد والمصادر الأساسية في توليد الطاقة بالأردن، حيث تبلغ نسبة الاعتماد عليه 80% من مجمل الطاقة المشغلة للكهرباء، فيما تعتمد النسبة المتبقية البالغة 20% على مصادر أخرى كالنفط المستورد، والطاقة البديلة والمتجددة كالطاقة الشمسية التي من المقرر الاعتماد عليها قريباً وإدخالها إلى السوق الأردنية، بحسب ما أكده النائب في مجلس النواب الأردني موسى هنطش.
ويكشف هنطش أنّ الأردن سوف تدخل قريباً عبر شركة الكهرباء الوطنية تقنية الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء مثل: الاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح، مشيراً إلى أنّ شركة الكهرباء ستتعاقد مع 20 شركة أجنبية تعمل في مجال توليد الطاقة الكهربائية عبر الطاقة الشمسية، الأمر الذي سيخفض فاتورة الكهرباء على المواطن بنسبة كبيرة جداً تصل إلى خمسة أضعاف.
ويشير هنطش إلى أنّ الاعتماد على الطاقة الشمسية البديلة في توليد الكهرباء سيبدأ بشكل فعلي بداية عام 2020 بنسبة 20% من حجم الطاقة الكهربائية مجتمعة، لكنّه لن يكون قادراً على تغطية جميع احتياجات السوق الأردنية من الكهرباء، بسبب عدم توفر المقدرة عند الحكومة الأردنية على توفير القيمة التشغيلية لمثل هذا النوع من الطاقة، إضافة إلى أنّ الاعتماد في توليد مثل هذه الطاقة سيكون على شركات أجنبية وليس وطنية.
خطوة ستخدم الأسواق الأردنية
وفي هذا السياق رحّب نقيب الجيولوجيين الأردنيين صخر النسور، في تصريحات خاصة لـ «عربي بوست»، بعودة ضخ الغاز المصري إلى الأردن، مؤكداً أنّ هذه الخطوة ستفتح المجال أمام الحكومة الأردنية لتوفير مصادر أخرى للطاقة كالاعتماد على الصخر الزيتي مستقبلاً في توليد الطاقة الكهربائية، وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وخامات اليورانيوم، وكل هذه التقنيات من شأنها أن تقلل وتخفض من تكاليف إنتاج الطاقة.
وطالب النسور الحكومة الأردنية بضرورة وضع خطة استراتيجية واضحة وشاملة يكون مبدأها الأساسي التخفيف من الاعتماد على النفط والمشتقات البترولية في توليد الطاقة الكهربائية، بل توفير كل تقنيات الطاقة البديلة التي سوف تخفض بشكل كبير من حجم الأعباء التي يعاني من السوق والمستهلك الأردني ومن معاناته مع ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز واعتماده المباشر عليها في توليد الطاقة.
وبهذا الخصوص لا تزال وزارة الطاقة الأردنية ومن خلال استراتيجيتها للأعوام 2015 – 2025 تزيد من مساعيها في تنويع مصادر تزويد السوق الأردنية من احتياجاتها من الطاقة، من خلال زيادة مساهمة المصادر المحلية في خليط الطاقة الكلي، والتي يأتي على رأسها استغلال الصخر الزيتي لإنتاج النفط وتوليد الكهرباء، وترشيد استهلاك الطاقة وتحسين كفاءتها في كافة القطاعات.