لماذا يبقى “جبل الهيكل” في أيدي العرب؟
من الواضح أنه يجب على اليهود الحداد على خراب الهيكل، جميعهم وليس حفنة المتعصبين المسيحانيين الذين يحوكون عباءات الحاخامات. كل يهودي يحب إسرائيل ويحب السلام، خصوصاً اليهود الليبراليين الذين توجههم حقوق الإنسان وحرية الدين والمساواة الاجتماعية وحرية التعبير وكره العنصرية، عيه التوجه إلى الحرم قصد الحج، ليس من أجل إحياء ذكرى خراب الهيكل ذاك، بل من أجل البكاء على خراب الهيكل. الهيكل الذي تهب رياح مجمدة من جدرانه المهدمة، الذي قادته فاسدون، وقضاته يطردون أطفالاً وأمهاتهم من البلاد الموعودة، ووزراؤه يقدمون للمحاكمة، وجيشه يحتل 5 ملايين شخص، والحاخام الأكبر المسؤول عن طهارة المعايير أسير بإرادته في حضن الطاغية والمواطنين، وأصحاب البيت ما زالوا على قناعة بأنهم الشعب المختار.
عنوان مقال هيئة التحرير “خنوع لحفنة متطرفة” (“هآرتس”، 12/8) وقع في الفخ الذي نصبته هذه الحفنة. صحيح أن حوالي 200 من زعران الدين أمروا بدخول الحرم، لكنهم ليسوا حفنة. هم أجبروا الشرطة على السماح لهم بالدخول حتى بثمن حدوث مواجهة عنيفة. وقد نجحوا في لي ذراع الحكام، لأنهم يعرفون أن خلفهم جمهوراً واسعاً معظمه لم يزر الحرم يوماً، وجزء منه ينوح بسبب إغلاق دور السينما والمقاهي في يوم 9 آب. ولكنه لا يستطيع احتمال أن المسلمين يملوا على دولة اسرائيل أوقات الصلاة وقواعد الزيارة للأماكن المقدسة.
ذات مرة، سميت هذه الحفنة بـ “مجانين شاذين”، “أعشاب غريبة” و”شبيبة التلال” – القاب تصغير كاذبة، استهدفت تقليل إبعاد الخطر الحقيقي. الآن هم أبناء الجيل الثاني والثالث من الزعران الذين استولوا على مغارة الماكفيلاه (الحرم الإبراهيمي) وحددوا بقوة الذراع ترتيبات الصلاة فيها، واحتلوا بيت هداسا في الخليل وبنوا حي أبينا إبراهيم في قلب المدينة العربية، وطهروا شوارع كاملة من السكان العرب. من هناك انتقلوا إلى بناء البؤر الاستيطانية التي تحولت إلى أحياء وبلدات شرعية تحت حكومات، التي في البداية فقط، “فقط”، خضعت للضغط القومي المتطرف، وبعد ذلك انضمت بحماسة إلى أعمال عصابات السطو.
احتراماً لهم، تم تغيير وتعديل قوانين وضخ مليارات الشواقل من قبل الدولة، ووضع الجيش نفسه في خدمتهم من أجل الحفاظ على ممتلكاتهم وحياتهم، وبعد خمسين سنة تقريباً يتوسل زعماء سياسيون من اليمين والوسط لهذه الحفنة كي تعطيهم تذكرة دخول إلى قلوبهم، ومن أجل أن تمنحهم الشرعية كأبطال وطنيين.
باستثناء اليسار الراديكالي والأحزاب العربية، لا يكلف أحد نفسه عناء السؤال: فلان مؤيد للانسحاب أم ضده، هل هو مع بناء مستوطنات أم اقتلاعها، ولا نريد ذكر تقسيم القدس. هذا السؤال يحول السائل إلى شخص غريب الاأطوار، وهو يلزم الشخص الذي سئل بأن يرد: أهو يؤيد انتحاره السياسي أو يفضل العيش.
بات الحرم أحد الاختبارات الأخيرة التي بقيت لفحص الأهلية القومية والعنصرية للزعماء الحاليين الذين يطرقون باب الكنيست والحكومة. حفنة الناخبين تريد أن تعرف من مع ومن ضد فتحه طوال الوقت أمام اليهود، والطلاب مدهوشون. باستثناء عمير بيرتس الذي هاجم بنيامين نتنياهو بسبب خضوعه لضغط اليمين (أليس هذا هو نتنياهو نفسه الذي كان بيرتس مستعداً للجلوس معه في حكومة واحدة؟)، كان من الصعب أن نسمع إجابة واضحة وقاطعة. بني غانتس؟ يئير لبيد؟ موشيه يعلون؟ اهود باراك؟ اورلي ابكاسيس؟ ربما عقلاء اليمين؟ شخص ما؟ الخوف من الحفنة يشلهم.
الحرم هو هذا الموضوع القومي الجديد. من ناحيتهم، يمكن أن يتم تدميره مرة تلو أخرى لأن حق الحداد على خرابه هو الاختبار الحقيقي للشجاعة والقيادة. الحفنة الحقيقية هي التي تنظر بدهشة إلى الخراب، وتضرب كفيها وتفهم أن هذا هو مستقبلها.