لماذا لا يتقبل أردوغان الهزيمة؟
لا يزال حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، يرفض نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة التي مُني خلالها بهزيمة كبيرة، تمثلت في خسارته مدنا رئيسية، مثل إسطنبول وأنقرة.
وبدا حزب العدالة والتنمية غير مستوعب للهزيمة، وانتابته حالة غريبة، في حين كان خصومه على الدوام يتقبلون الهزيمة بصدر رحب، فلماذا يرضى أردوغان وحزبه الهزيمة لغيرهم ولا يقبلونها لأنفسهم؟
وفي إطار الإجابة عن هذا السؤال، يقول الباحث السياسي حسان القبي لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن ردة فعل حزب أردوغان على نتائج الانتخابات الأخيرة والطعن بها يعد مؤشرا نفسيا على الهزيمة لحزب كان يحسب أن الفوز شيء عادي”.
وأضاف القبي أن “اعتياد حزب العدالة والتنمية على الفوز جعل الهزيمة بمثابة صفعة له، خصوصا أن الهزيمة جاءت بعد سنوات طويلة من السيطرة على إسطنبول وأنقرة”.
ويسيطر حزب العدالة والتنمية منذ العام 2002 على بلديات المدن الكبرى، مثل إسطنبول وأنقرة، إلا أنه خسرهما في الانتخابات الأخيرة لصالح مرشحي حزب الشعب الجمهوري المعارض.
وقال القبي إن “أردوغان يعتقد أنه يمثل شخصية الإمبراطور الذي لا يهزم”، مضيفا أن تراجع حزب العدالة والتنمية “كان متوقعا في ظل الأزمات الداخلية، مثل تدهور الليرة، وزيادة البطالة والانشقاق داخل المجتمع التركي”.
وتوقع القبي انهيار حزب أردوغان “بشكل كامل”، قائلا إن “هذه بداية النهاية لنظام أردوغان”، مشيرا في هذا السياق إلى “التصريحات غير المتزنة لأدوغان التي جعلت تركيا بلدا بموضع عدم رضى في أوروبا والعالم”.
وأعطت ردة فعل حزب أردوغان على نتائج الانتخابات البلدية في تركيا، مؤشرات على مساعي الحزب لتفكيك النظام الديمقراطي في البلاد، خاصة أنه لم يخدمه هذه المرة.
وهذا ما دفع سليم كورو، المحلل في مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية في أنقرة، للتساؤل: “هل وصلت شعبية أردوغان إلى حدودها القصوى؟”.
وفي إطار إجابته عن هذا السؤال، قال كورو في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، إن خطاب أردوغان عقب الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات كان “قصيرا وغامضا وباهتا هذه المرة”.
وأوضح أن أردوغان بدأ يقر بالهزيمة حين اكتفى بالقول إن حزبه “حقق أداء جيدا في العديد من المحافظات، ولم يذكر اسمها”، مضيفا –والكلام لأردوغان: “دعنا نرى كيف يحكمون”.
ووصف كورو في مقاله الذي نشر بصحيفة “نيويورك تايمز” أردوغان بأنه “غير صادق مع نفسه”، موضحا: “إنه يريد السيطرة على الحيز السياسي وتحويل البلد لصالحه، وفي الوقت نفسه قمع كل خصومه السياسيين”.
وأوضح: “إنه (أردوغان) يتعامل مع معارضيه باعتبارهم خونة وإرهابيين، لكنه في الوقت نفسه لا يزال يخوض المعركة الانتخابية بمشاركتهم”.
وختم كورو بالقول إن “على أردوغان أن يغير من أسلوب تعامله السياسي مع الخصوم، وإلا فإن نظامه سينهار تحت وطأة تناقضاته”.