لماذا قلق ترامب من الجنرال فلين بقضية التدخل الروسي في الانتخابات؟
في كلِّ مرحلةٍ تقريباً من مراحل التحقيق في قضية التدخُّل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُطمئن مايكل فلين، مستشاره السابق للأمن القومي، بأن البيت الأبيض يسانده، وأن الرئيس نفسه يعتقد أنه رجل مخلص.
وقالت شبكة CNN الأمريكية إنها علمت الآن السبب وراء ذلك، بحسب ما نشرته من تفاصيل قالت إنها لم تكن ظاهرة من قبل، الجمعة 17 مايو 2019.
وثائق المحكمة كشفت الكثير
وأشار موقع الشبكة إلى أن ترامب كان قلقاً -وقد تبيَّن ذلك بالفعل- من أن فلين لديه معلومات ربما تكون مثيرةً للمتاعب بالنسبة للرئيس إذا ثبت اتصاله بروسيا. وأنه إذا تعاون فلين مع المُحقِّق الخاص روبرت مولر في التحقيق، كما فعل في نهاية الأمر، سيكون لذلك عواقب سلبية على الإدارة.
وأظهرت وثائق المحكمة التي كُشِفَ عنها مساء الخميس الماضي 16 مايو، تفاصيل لم تكن معروفةً سابقاً عن تعاون فلين. وإليكم المعلومات الرئيسية في القصةكما أوردتها CNN.
«كشفت وثائق محاكمة فلين، يوم الخميس، أن المستشار الأول للأمن القومي المُقال قد تعاوَنَ في تحقيق مولر في ثلاثة محاور على الأقل: التواصل بين فريق ترامب الانتقالي وروسيا، ونشر موقع التسريبات «ويكيليكس» للرسائل الإلكترونية خلال الحملة الرئاسية، وجهود الرئيس للتدخُّل في التحقيق.
وساعد فلين أيضاً محكمة المنطقة الشرقية من ولاية فرجينيا، والادعاء العام في قسم الأمن القومي بوزارة العدل، في القضية التي لا تزال مفتوحة ضد شريكه السابق في جماعات الضغط، الذي يُزعم «أنه عمل بشكل غير قانوني لصالح تركيا».
وكان من بين الأشياء التي قدَّمها فلين ومحاموه إلى المُحقِّق الخاص، رسالة بريد صوتي من أحد معاوني ترامب لمحامي فلين، يطلب فيها «التحلي بقدرٍ من الحذر» في حالة إذا كان فلين يُخطِّط للتعاون مع الحكومة، وما يمكن أن يقوله لهم.
وجاء هذا الطلب في اليوم نفسه الذي نكث فيه محامو فلين اتفاقهم بشأن التعاون مع محامي البيت الأبيض، وقبل أيام قليلة من تلقّي فلين عرضاً من مولر لتخفيف العقوبة مقابل الإقرار بالذنب.
ترامب يرد
وعلَّق ترامب أمس الجمعة 17 مايو، على ذلك بتغريدةٍ على موقع تويتر قائلاً: «يبدو الآن أن الجنرال فلين كان قيد التحقيق قبل فترةٍ طويلة من انتشار الخبر. وكان من المستحيل بالنسبة لي أن أعرف هذا، ولكن إذا كان الأمر كذلك ومع كوني أحد شخصين مرشحين للرئاسة، لماذا لم أُخبَر بذلك حتى أتمكَّن من إجراء تغيير؟».
وبينما يُعَدُّ نبأ رسالة البريد الصوتي حديثاً، فإنه يتماشى مع حالة القلق الواضح -الممزوج بالاهتمام والرعاية- من جانب إدارة ترامب تجاه فلين.
بدأ هذا الأمر في فبراير/شباط 2017، عندما طالب ترامب، خلال لقائه برئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي الأسبق جيمس كومي، بـ «تجاهل هذا الأمر»، في إشارةٍ إلى التحقيق مع فلين وتصريحاته غير الدقيقة حول اتصالاته مع روسيا (وهذا وفقاً للمذكرة الفورية التي كتبها كومي عن اللقاء).
وبنهاية مارس/آذار 2017، غرَّدَ ترامب على تويتر ليؤكِّد أنه لا يزال يساند فلين. وقال: «يجب أن يطلب مايك فلين الحصانة، لأن هذه مطاردة دون أدلة (بسبب الخسارة الفادحة في الانتخابات) من قبل وسائل الإعلام والديمقراطيين، لم يسبق لها مثيل في التاريخ!».
وغرَّدَ ترامب على موقع تويتر في ديسمبر 2017، قائلاً: «إذاً فإن الجنرال فلين يكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي وحياته تُدمَّر، بينما تكذب المحتالة هيلاري كلينتون عدة مرات، في «استجواب» مكتب التحقيقات الفيدرالي الشهير، دون أن تدلي بالقسم ودون تسجيل… ولا يحدث لها شيء. نظامٌ مُشوَّه أم مجرد معايير مزدوجة؟».
ووفقاً لتقرير مولر، فقد تواصل محامي ترامب الشخصي، في الوقت نفسه تقريباً، مع محامي فلين لإبلاغهم أن ترامب يحمل دائماً «مشاعر حارة» تجاه فلين، وأن تلك المشاعر لا تزال حاضرة.
وطلب محامي ترامب أن يخبر فلين ترامب ما إذا كان على علمٍ بأيِّ «معلوماتٍ من شأنها توريط الرئيس»، ورفض محامو فلين هذا العرض، قائلين إنهم أصبحوا لا يعملون بموجب اتفاق دفاع مشترك. فردَّ محامو ترامب أنهم سيخبرون الرئيس بأن تصرفات فلين تعكس «عداءً» تجاهه.
رسائل ترامب الواضحة
وكَتَبَ ترامب لاحقاً تغريدة في ديسمبر 2018، بينما كانت وثيقة إدانة فلين على وشك أن تُكشَف: «حظاً سعيداً اليوم للجنرال مايكل فلين في المحكمة. سيكون من المثير للاهتمام أن نستمع إلى أقواله، رغم الضغط الهائل الذي يتعرَّض له بشأن التواطؤ الروسي في حملتنا السياسية العظيمة، والناجحة للغاية كما هو واضح، لم يكن هناك تواطؤ».
كانت الرسائل واضحة تماماً طوال هذين العامين:
1- رغب ترامب في العفو عن فلين/إطلاق سراحه.
2- أراد ترامب أن يعرف فلين أنه لا يزال رجُله.
3- أراد محامي ترامب أن يعرف بالضبط ما كان فلين يخبر المحقق الخاص به.
4- أراد محامو ترامب إبلاغ فلين بأن ترامب لن يكون سعيداً بتعاونه.
وبالنظر لهذه المعطيات يمكن استنتاج أن: كان ترامب قلقاً للغاية حول ما يعرفه فلين وما سيكشف عنه لمولر. ولذا اتخذ عدة إجراءات لضمان عدم قيام فلين بذلك.
لكن الغريب في الأمر هو قيام فلين بذلك، إذ انتهى الأمر بعدم اتهام ترامب أو أيِّ شخصٍ من المحيطين به بالتواطؤ مع الروس حتى هذه اللحظة.
وكما توضح وثائق المحكمة المعلنة يوم الخميس 16 مايو، فقد كان فلين الشاهد الرئيسي في تحقيق مولر في عدة أمور. وأدرك ترامب ذلك، على الأقل بالنسبة لتهمة التواطؤ، لذا فقد فَعَلَ أشياءً لمنع فلين من التحدُّث عن الدليل، مما قدَّم دليلاً في نهاية المطاف على عرقلته المُحتَمَلة للعدالة.
وحتى الآن، أوصى مولر بعدم توجيه أي اتهامات بالتواطؤ أو العرقلة، وهو ما يجعلك تتساءل: لماذا كان ترامب قلقًا للغاية من تعاون فلين؟ والسؤال هنا لـCNN.