لماذا تُدرِّب البحرية الأمريكية الحيتان والدلافين وأسود البحر؟
سباق تسليحي جديد بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين روسيا، لكن هذه المرة ليس على المقاتلات الحربية والغواصات المائية، بل إنما على بعض الكائنات الحية التي تعيش تحت الماء مثل الدولفين وأسد البحر.
وبحسب تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية عُثر الأسبوع الماضي قبالة ساحل النرويج على حوتٍ أبيض يُعتقد أنه مدرب من قبل البحرية الروسية، ولكنه ليس الجندي الوحيد ذا الزعانف الموجود في المحيطات.
تُدرِّب البحرية الأمريكية الدلافين وأسود البحر منذ حرب فيتنام، كجزءٍ من برنامج الثدييات البحرية. وفي حين أن ما دُرِّب عليه الحوت الروسي ليس واضحاً تماماً، فإن ثدييات أمريكا البحرية –وهي بالتحديد نحو 70 دولفيناً قاروري الأنف و30 أسد بحر في القاعدة البحرية في سان دييجو بولاية كاليفورنيا– تبحث عن الأشياء وتذهب في دوريات في المناطق المحظورة.
الثدييات البحرية كائنات ذكية
ليس من المُفاجئ أن تتجه بلدان مثل الولايات المتحدة وروسيا إلى الثدييات البحرية لإجراء البحوث في المياه. فتُعدُّ الدلافين وأسود البحر كائنات ذكية وقابلة للتدريب، وتستطيع حواسها الطبيعية التغلب على قدرات أي آلة أو حاسوب من صنع الإنسان، بحسب الصحيفة البريطانية.
فبالإضافة إلى قدرتها على الغوص لأعماقٍ بعيدة جداً، تتمتَّع الدلافين بقدرتها على «تحديد الموقع بالصدى»، ما يسمح لها بتحديد مواقع الألغام المدفونة تحت المياه، في حين تتمتَّع أسود البحر بحاسة بصر ممتازة ساعدت القوات البحرية على العثور على معداتٍ مفقودة.
مع أن المبلغ قد يبدو تبديداً لأموال دافعي الضرائب، فقد استُثمِر نحو 28 مليون دولار لتشغيل البرنامج، لجعل الدلافين وأسود البحر تؤدي أدواراً مشابهة لحديقة الأحياء المائية وتقوم بمهمات غاية في الأهمية. فقد ساعدت تلك الكائنات في إزالة الألغام في مياه الخليج أيام حرب الخليج وفي أثناء حرب الولايات المتحدة على العراق في عام 2003، بحسب الصحيفة البريطانية.
تفوق الكائنات البحرية على الآلة
حتى مع التقدُّمات التكنولوجية الكبيرة في المجال الحربي في السنوات القليلة الماضية، لا تزال قدرات الكائنات البحرية الطبيعية تتفوَّق على أي آلي في مجال الكشف عن الأجسام تحت الماء. في عام 2012، أعلنت القوات البحرية أنها ستلجأ إلى الآليين عوضاً عن برنامج الكائنات البحرية. وخُصِّص نحو 90 مليون دولار لعمل الأبحاث المطلوبة، وكان من المفترض أن يبدأ الآليون في العمل عام 2017، ولكن هذا لم يتحقق بعد.
ووفقاً للموقع الإلكتروني للبحرية الأمريكية: «في يوم من الأيام سيكون ممكناً إتمام هذه المهمات باستخدام غواصات من دون غواص، ولكن حتى الآن لا تضاهي التكنولوجيا قدرات الحيوانات».
ومع أن كثيرين يشيدون بما تفعله تلك الحيوانات لإنقاذ الأرواح، فإن البرنامج لم يمر دون إثارةٍ للجدل. إذ يقول المدافعون عن الحيوانات إن الإبقاء على هذه الكائنات في الأسر عملٌ غير إنساني. بينما تؤكد القوات البحرية من جانبها أن الدلافين وأسود البحر تحظى «بأفضل معايير الرعاية»، ذلك وفقاً لبيان لها.
كان برنامج الكائنات البحرية أيضاً مصدراً لعديدٍ من الشائعات، بما في ذلك بعض البلاغات التي تعود إلى أوائل تسعينيات القرن العشرين، وتفيد بأن القوات البحرية قد درَّبت الدلافين على القتال، وعلى قتل غواصي العدو. وقد انكرت البحرية هذا الزعم، قائلة إنه من المستحيل تدريب الدلافين على القتال.