لماذا تعد «صفقة القرن» فاشلة قبل أن تبدأ؟
يستعبد محللون سياسيون فلسطينيون إمكانية نزع وتفكيك سلاح المقاومة في «قطاع غزة»، بحسب مطلب صفقة القرن المزعومة، وتحويل قطاع غزة إلى منطقة منزوعة السلاح.
وطالبت الصفقة، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء الماضي في واشنطن، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، بـ «تفكيك» سلاح الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وإعلانه منطقة منزوعة السلاح.
كما أكد نتنياهو، خلال كلمته في المؤتمر، ضرورة «إخلاء قطاع غزة من السلاح».
ووفق ترجمة خاصة، لوكالة الأناضول، للمقترحات التي تضمنتها خطة الإدارة الأمريكية، فإن صفقة القرن المزعومة تشترط تجريد قطاع غزة بالكامل من السلاح، قبل تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها الواردة بالخطة، وقبل إحداث أي «تحسينات كبيرة لحياة السكان في القطاع».
وجاء في المقترحات أيضاً «ستنفذ إسرائيل التزاماتها بحسب الاتفاق فقط في حال: سيطرة السلطة الفلسطينية أو أي هيئة وطنية أو دولية أخرى مقبولة لدى دولة إسرائيل بالكامل، ونزع سلاح حماس، والجهاد الإسلامي، وبقية المنظمات في غزة، وتكون غزة منزوعة السلاح».
وتكمل الخطة «بعد مرور خمس سنوات على توقيع اتفاقية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وفي حال الرضا الكامل عن تطبيق البنود المتعلقة بغزة، يكون لدولة فلسطين الحق، رهنا بما يرضي المتطلبات الأمنية والبيئية لإسرائيل، في إنشاء ميناء ومطار للطائرات الصغيرة».
مطلب قديم جديد
هذا المطلب، بحسب حوارات أجرتها وكالة «الأناضول» مع محللين سياسيين، «قديم جديد»، نصّت عليه اللجنة الرباعية الدولية، منذ فوز الحركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006.
وكانت اللجنة الرباعية الدولية (تضم الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا والاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة)، قد طالبت حماس عام 2006، «نبذ الارهاب، والاعتراف بحق إسرائيل بالوجود، والاعتراف بالاتفاقات الموقعة بين إسرائيل والفلسطينيين، ونزع سلاحها»، مقابل الاعتراف بها كطرف مقبول ومعترف به في الساحة الفلسطينية.
هذا المطلب يتجدد في المحافل الدولية حينما يتحدث مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون حول إمكانية تحسين الأوضاع الإنسانية بغزة، أو في الرسائل الدولية للفلسطينيين، أو يُدرج ضمن شروط رفع الحصار الإسرائيلي، المستمر لعامه الـ13 على التوالي.
وتجدد هذا المطلب عام 2017، حيث رهنت إسرائيل استئناف مفاوضات السلام مع الجانب الفلسطيني، بنزع سلاح «حماس».
ولم تنجح أي من تلك المحاولات في نزع السلاح من حركة «حماس» بغزة، وفق المحللين.
ويعتبر المحللون أنه لا يمكن لأي طرف كان سواء فلسطيني، أو تحالف دولي أو إقليمي، أن ينجح في تطبيق هذا البند وإحالته إلى واقع.
الكاتب والمحلل السياسي، خلدون البرغوثي، يقول إن «هذا المطلب غير محصور بصفقة القرن، فقد طرح عام 2006، حينما طالبت اللجنة الرباعية صراحة بنزع سلاح حماس».
هل يمكن نزع السلاح من غزة فعلاً؟
وبيّن أن الهدف من وراء طرح الصفقة لهذا المطلب مجدداً، هو رغبة إسرائيل في «ضمان عدم وجود أي نوع من المقاومة الفلسطينية ضدها؛ حيث يشكّل قطاع غزة إحدى جبهات هذه المقاومة، التي تشغل إسرائيل».
وأشار إلى أن قضية نزع السلاح بغزة هي قضية عليها خلاف فلسطيني-فلسطيني، حيث تطالب القيادة الفلسطينية الرسمية بوجود سلاح واحد وهو سلاح السلطة؛ الأمر الذي ترفضه حماس، على حدّ قوله.
واعتبر البرغوثي أنه من شبه المستحيل «إيجاد آلية ضمن أي سياق دولي لنزع السلاح بغزة».
وأكد أن ذلك الأمر يبقى مستحيلاً ما لم يكن هناك توافق فلسطيني داخلي حول ذلك، وفي حال وجود سياق يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية لها جيش ومكلّف بحمايتها.
واستكمل قائلاً: «في أي سياق آخر، من الصعب القول إن هناك من يستطيع القيام بهذه الخطوة».
يتفق مع البرغوثي، الكاتب والمحلل السياسي، عبدالمجيد سويلم، الذي يرى أن «نزع السلاح من قطاع غزة، هو أمر مرفوض فلسطيناً، ويأتي في سياق نزع السلاح من الدولة».
ويؤكد سويلم أن نزع السلاح من غزة «غير قابل للتطبيق على أرض الواقع».
وتابع: «سلاح المقاومة أداة للوصول إلى الدولة، لكن استخدامه يجب أن يكون من قبل الدولة في نهاية المطاف، لنا مصلحة في أن يكون سلاح المقاومة هو سلاح ملك للدولة وللقرار الوطني، وليس للفصائل».
مساعٍ فاشلة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم أن الفلسطينيين وعلى مدار العقود الماضية، لم يقبلوا بنزع سلاح المقاومة، رغم أن هذا الطرح كان حاضراً في عدة اتفاقيات، وضمن شروط رفع الحصار عن قطاع غزة.
وذكر أن عدة أطراف، سواء إسرائيل أو تحالفات دولية، حاولت التطرق إلى نزع سلاح حماس، لكنها لم تنجح في ذلك.
وعدّ إبراهيم صفقة القرن «مشروعاً لتصفية القضية، وليس حل لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولا يمهّد لذلك».
وبيّن الكاتب والمحلل السياسي أن بنود الصفقة لا يتم أن تتم، ما دام الفلسطينيون غير شركاء فيها.
واستكمل قائلاً: «خلال السنوات الماضية، كان هناك مبادرات عديدة للتسوية من الإدارات الأمريكية السابقة، ولم تنجح في فرض أي حل على الفلسطينيين دون موافقتهم».
وأشار إلى أن الخطوات أحادية الجانب التي تنفّذها إسرائيل لا «تساعد في بناء السلام، أو حل الصراع».
تطبيق مستحيل
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني مع سابقيه، في استحالة، تطبيق نزع سلاح «قطاع غزة»، مضيفاً: «أي محاولة لتطبيقه عبر أي طرف، قد تفتح باب المواجهة».
وتساءل الدجني حول الجهة، التي من الممكن أن تفكك سلاح المقاومة بغزة.
وأضاف: «السلطة الفلسطينية ترفض الصفقة، ومن المستحيل أن تمارس دوراً في تنفيذ بنودها».
واعتقد أن نزع سلاح المقاومة، لا يمكن أن يتم إلا من خلال التفاهمات الفلسطينية الداخلية، إلا أن هذا الأمر أيضاً غير وارد حالياً.
وأرجع ذلك إلى أن حركة «حماس» لا تقبل بـ «أنصاف الحلول، كما أن موقفها واضح من الصفقة، ومن القضية بشكل عام».
واعتبر الدجني أن بند «نزع سلاح المقاومة لا يقلّ خطورة عن البنود الأخرى، المتعلقة بالاستيطان، والقدس، وضم الأغوار».
وبيّن أن كافة بنود الصفقة تعبّر عن «مصالح أمنية إسرائيلية، وتحالف ديني وسياسي واقتصادي واجتماعي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية».
وكان الرئيس الأمريكي ترامب، قد أعلن الأسبوع الماضي، في مؤتمر صحفي بواشنطن «صفقة القرن» المزعومة، بحضور نتنياهو.
وتتضمن الخطة التي رفضتها السلطة الفلسطينية وكافة فصائل المقاومة، إقامة دولة فلسطينية «متصلة» في صورة أرخبيل تربطه جسور وأنفاق، وجعل مدينة القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل.