لماذا اختار إسماعيل هنية”المستشفى الميداني”؟
بدت محاولة مسيسة بكل حال لكنها تنطوي على مفارقة غريبة، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يجد نفسه في موقع متفاعل تماما مع الموقف الملكي الأردني المعلن بخصوص ترتيبات ما يسمى بصفقة القرن ويقرر توجيه رسالة تضامنية مع المملكة الأردنية الهاشمية.
بحث هنية بإهتمام عن “أي وسيلة او قناة رسمية او أمنية” لإيصال رسالته ولم يجد إلا الطاقم الطبي العسكري الذي يدير المستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة.
زار هنية خيمة المستشفى الأردني الذي تديره الخدمات الملكية الطبية ووجه رسالته السياسية على أساس التضامن الكامل مع موقف عاهل الأردن.
حدث ذلك مباشرة بعد اسابيع قليلة من إخفاق الرجل في إنضاج ولو”زيارة” لعمان من باب التواصل حيث تقفل كل الابواب الرسمية أمام قادة حركة حماس، رغم ان القيادي في الحركة خالد مشعل وعدة مرات تدخل لدى قادة الإخوان المسلمين داعيا للتهدئة وتجنب التصعيد مع الحكومة الأردنية.
قبل ذلك كان مشعل نفسه قد وجه عبر شخصيات سياسية أردنية من بينها رئيس وزراء سابق للوزراء عدة رسال “مودة ” ورغبة في أي قناة تواصل مقترحا على الأردنيين التحدث مع ممثلي نصف الشعب الفلسطيني على الأقل ولو مرة وكانت الإجابة بـ “لا”.
بكل حال فعلها الشيخ هنية وخاطب الشعب الأردني مباشرة وفرض رسالته على الهواء الحي وتسبب ببعض الإحراج للحكومة بطبيعة الحال وإن حاولت كتم الأمر، لأن السلطات الرسمية لا تقيم اي علاقات من أي نوع مع حركة حماس وأوقفت حتى تبادل الرسائل مع قيادي حمساوي كان يمر بعمان بصفته أردنيا بين الحين والآخر.
لكن القناة التي استعملها الشيخ هنية لإيصال فكرته ورسالته كشفت عن الواقع المر حيث لا طريقة أمام حركة بحجم حماس تريد التعبير عن التضامن مع الملك عبدالله الثاني وموقفه والتأسيس لموقف مساند للموقف الرسمي للمملكة إلا زيارة المستشفى الميداني والتحدث لطاقمه الطبي.
تصرف هنية وكأن المستشفى عبارة عن “سفارة” تمثل الأردنيين وإن كان يخدم بصمت ومنذ سنوات المحاصرين من ابناء القطاع ويقدم خدمات فارقة بمبادرة من ملك الأردن.
تلك التقنية في الاتصال كشفت عن سلبية الموقف الرسمي من حركة حماس وعن عدم وجود قنوات اتصال فعلا.
يحصل ذلك مع أن الموقف الممانع والرافض لصفقة القرن ولعملها في القدس والجولان والذي يتخذه الملك الأردني علنا وسط تأييد شعبي عربي عارم ينتمي لعائلة الأدبيات التي تحتاج لحركة من حجم حماس فيما الحكومة لا تبادر لقطف ثمار مثل هذا التفاعل.
عموما كانت مفارقة سياسية بإمتياز.
لكن الشيخ هنية خرج عبرها بأقوى جرعة تضامن تقال في مواقف الأردن على صعيد المؤسسات الفلسطينية وهو ما لم يصدر عن مؤسسات السلطة ولا حركة فتح.
وما قاله هنية هنا وبوضوح يلفت النظر إلى ان حركة حماس مستعدة لوضع كل ثقلها خلف الموقف الملكي الاردني بعدما حمل اهل القطاع صوره مؤخرا وهم يواجهون جيش الاحتلال الإسرائيلي.
حماس اعلنت عبر هنية أنها تقف إلى جانب الأردن، في مواجھة ”كافة الضغوطات الخارجیة، وبخاصة الأمریكیة والإسرائیلیة، التي تسعى إلى تغییر الجغرافیة السیاسیة للمنطقة”.
وتحدث هنية عن موجات طاغیة تھب على المنطقة، من أجل تغییر الجغرافیة السیاسیة فیھا، وبھدف إخضاع صناع القرار في المنطقة للقبول بالمنظور الأمریكي الإسرائیلي لما یسمى بصفقة القرن مؤكدا بان الحركة لن تقبل بأي حل للقضية الفلسطينية على حساب الأردن وسيادته.
العبارة الاخيرة تشكل “تطابقا” نادرا مع عبارات ومواقف صدرت قبل عشرة أيام عن الملك الاردني عندما قال..”كلا للوطن البديل والتوطين والتنازل في القدس”.
وإعتبر هنية ان خطة صفقة القرن تستهدف الاردن وفلسطين وقال: حینما یقف الملك الأردني بھذه الروح كي یقول: لا لكل ھذه التداعیات التي یراد لھا تصفیة القضیة واللاجئین والقدس، فنحن معه في مواجھة كل الضغوط لیظل قویا وثابتا ومتمسكا بالثوابت العربیة الفلسطینیة.