للأسبوع الـ20.. مظاهرات جديدة لحركة “السترات الصفراء”
للمرة العشرين منذ انطلاق حراكهم، خرج محتجو السترات الصفراء السبت في مظاهرات جابت مدنا ومناطق فرنسية عدة، بينها العاصمة باريس، ولكن بعيدا عن جادة الشانزليزيه التي حظر فيها التظاهر. وتزامن تجدد الاحتجاجات مع دعوة المصارف الفرنسية المتظاهرين لعدم استهداف مقراتها، بعد تعرض أكثر من 760 منها لأعمال عنف منذ انطلاق الاحتجاجات قبل أكثر من أربعة أشهر.
جدد محتجو “السترات الصفراء” مظاهراتهم في شوارع المدن الفرنسية السبت، للمرة العشرين خلال أكثر من أربعة أشهر، مطالبين بقدر أكبر من العدالة الاجتماعية، وذلك على الرغم من قرارات منع التظاهر خشية وقوع مواجهات جديدة.
وفي الساعة الأولى ظهرا ت غ، أحصت وزارة الداخلية 5600 متظاهر في فرنسا، بينهم 1800 في باريس. وبدا الرقم متراجعاً مقارنة بـ8300 شاركوا، بحسب وزارة الداخلية، في الساعة نفسها في مظاهرات السبت الماضي (وكان من بينهم 3100 في العاصمة). ويشكك محتجو “السترات الصفراء” في أرقام وزارة الداخلية، ويعلنون أرقاما خاصة بهم.
وتزامن الحراك العشرون مع دعوة أطلقتها المصارف الفرنسية لوقف أعمال العنف التي سبق أن استهدفت مئات من فروعها.
بدورها، كررت الشرطة قرارها بمنع التظاهر في جادة الشانزليزيه الشهيرة نتيجة أعمال العنف التي شهدتها هذه الجادة الشهيرة في 16 مارس/آذار، وقررت الأمر نفسه بشأن منطقة تشمل قصر الإليزيه والجمعية الوطنية.
وقالت الشرطة في بيان إنه تم إبلاغها بمظاهرتين وأربعة تجمعات، من دون أن تحدد أماكنها.
وقال سيباستيان الآتي إلى باريس من مدينة أورليان (وسط)، ممازحا، “قد نكسب في 2025”. وأضاف، وهو عامل في صناعة السيارات ولكنه عاطل عن العمل حاليا ويبلغ 45 عاما، “سنكون هنا ما دام (إيمانويل ماكرون) لم يستمع”.
وعند الظهر كان نحو 300 متظاهر قد تجمعوا أمام محطة القطارات “غار دو لست” في باريس. وقالت نادين (51 عاما) لوكالة الأنباء الفرنسية “نأتي للأسباب نفسها التي كانت قائمة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني (أول يوم تظاهرات). لم نحصل على شيء”.
وكان العشرات من محتجي “السترات الصفراء” يهتفون “الوغد إيمانويل ماكرون، سنأتي ونأخذك”. وقبل أسابيع قليلة من الانتخابات الأوروبية، علق كثير منهم بطاقاتهم الانتخابية بعد تمزيقها على ستراتهم.
ووصل الحشد بعد ذلك إلى وجهته في ساحة تروكاديرو قرب برج إيفل بعد الظهر وسط جو هادئ. وبحسب الشرطة، أوقف عناصرها 25 شخصا واستجوبوا 20 بسبب التظاهر في منطقة محظورة، بالإضافة إلى 8053 إجراء وقائيا.
ونشأ حراك “السترات الصفراء” غير المسبوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2018 ضد السياسة الضريبية والاجتماعية لإيمانويل ماكرون الذي ينتقد بشدة لاعتباره محابيا جدا للأثرياء.
وتعهدت مونيك (62 عاما) مواصلة التظاهر “ما داموا لم يرضخوا لمطالبنا المتعلقة بإجراء استفتاء المبادرة المواطنية، وبالقدرة الشرائية، وبالمعاشات التقاعدية”. وشرحت لوكالة الأنباء الفرنسية، وهي مسؤولة في الحراك، “انخفض سعر المحروقات في بداية المظاهرات، ثم ارتفع أكثر من ذي قبل، وبالتالي إنهم يهزؤون بنا”.
صدامات وإصابات
وفي أفينيون (جنوب) حيث تم منع أي مظاهرة لمحتجي “السترات الصفراء” داخل المدينة وقبالة الأسوار التي تحيط بها، تجمع في منتصف النهار نحو مئة، غالبيتهم من النساء، في مكان غير بعيد من قصر الباباوات الشهير. وردد المتجمعون “لا للديكتاتورية، لدينا الحق في التظاهر، نحن في فرنسا”.
وخارج الأسوار، تجمع مئات عند جادة دائرية، فيما أطلقت الشرطة عند الأولى والنصف ت غ تحذيرات للتفرق.
ووقعت بعض الصدامات في المدينة بين المتظاهرين والقوات الأمنية التي حاول عناصرها تفريقهم.
في بوردو (جنوب غرب)، المدينة التي تعد أحد معاقل الحراك الاجتماعي والتي منع محتجو “السترات الصفراء” من دخول وسطها منذ أسابيع، بدأ مئات المحتجين بالتجمع بعيد الظهر، بينما أغلقت المحال أبوابها وحمت واجهاتها بألواح خشبية. وكان رئيس البلدية الجديد نيكولا فلوريان قد أعرب في وقت سابق السبت عن “القلق الشديد إزاء ما قد يحدث”.
ووقعت مواجهات أيضا في هذه المدينة التي دعا رئيس بلديتها إلى إعلانها “مدينة ميتة” في ظل تهديد أعمال عنف “مئات البلطجيين”. وجرى إحراق معدات بناء وخراطيم مطاط في وسط المدينة.
وتحركت القوات الأمنية مرارا بينما كان متظاهرون يرشقونها بمقذوفات متنوعة. وفي نهاية بعد الظهر، كان الحشد الذي ضم عشرات “البلاك بلوك”، يتفرق مجموعات صغيرة، وساد كر وفر بينها وبين قوات الأمن حين حاولت هذه المجموعات الالتقاء في ساحة غير بعيدة من وسط المدينة.
وبدت أعداد الحشد مضاعفة مقارنة بالأسبوع الماضي (2500 متظاهر السبت الماضي، بحسب مصدر مطلع على التحقيقات).
وأصيب شرطيان في مونبلييه (جنوب شرق) نتيجة مقذوفات أطلقت خلال مظاهرة جمعت 1650 شخصا، بحسب الشرطة، و2500 بحسب المنظمين. وأصيب شرطي في رجله، بينما أصيب آخر على مستوى الوجه، وفق الشرطة. وجرى توقيف عديدين.
وكتب متظاهرون على ستراتهم الصفراء “يكفينا رأسمالية تسحق البشر وتدمر الكوكب”، أو “السيد الرئيس، الخطر الأصفر عليكم إلى الأمام”.
وكتبت ماري (38 عاما) على سترتها في مدينة ليل “العيش من راتبي وليس محاولة البقاء”. وقالت “أريد ثلاثة أمور: زيادة الرواتب، خفض الضرائب واستفتاء المبادة الوطنية! سأواصل حتى أحصل على الثلاثة!”.
وفي وسط تولوز (جنوب غرب)، كان مئات المحتجين حاضرين عند انطلاق المظاهرة، فيما كررت الشرطة حظر التظاهر في ساحة وسط المدينة.
وكان يتوقع خروج مظاهرة في مدينة نيس حيث أصيبت السبت الماضي جنفياف لوغاي (73 عاما)، وهي متحدثة باسم حركة أتاك المناهضة للعولمة، خلال صدام مع القوات الأمنية.
وتظاهر السبت الماضي 40500 شخص في فرنسا، بحسب أرقام وزارة الداخلية التي يشكك فيها محتجو “السترات الصفراء” مشيرين إلى مشاركة 127212 شخصا في البلاد.
دعوة المصارف
في مقالة نشرتها صحيفة “لوموند” السبت، دعت المصارف الفرنسية من جانبها إلى وقف أعمال العنف التي سبق أن استهدفت مئات من فروعها على هامش أيام التعبئة خلال مظاهرات “السترات الصفراء”.
وقال الأعضاء الستة في اللجنة التنفيذية للاتحاد المصرفي الفرنسي، المنظمة المهنية التي تضم كل المصارف في فرنسا، “لقد آن الاوان بالنسبة للجميع لكي يدينوا الأعمال التي ترتكب بحق المصارف”.
وهؤلاء الأعضاء الستة هم رؤساء أكبر مصارف فرنسية (بي بي سي إي، وبي إن بي باريبا وكريديه موتيويل، وبنك بوستال، وكريدي أغريكول وسوسيتيه جنرال).
وكتبوا في المقالة “نطالب بتوفير الشروط لكي يتمكن زملاؤنا وكذلك التجار من ممارسة أعمالهم بكل أمان وهدوء لما فيه مصلحة زبائنهم”.
وقالوا “منذ أكثر من أربعة أشهر، تعرضت مئات الفروع الواقعة في أسفل مبان أو على زوايا طرقات وفي وسط المدن لأعمال تخريب ونهب وإحراق، وتم تهديد موظفينا المصرفيين جسديا”.
وتعرضت أكثر من 760 مؤسسة مصرفية لأعمال عنف منذ بدء حركة الاحتجاج.