لبنان.. عون يوصي الوفد المفاوض مع إسرائيل بترسيم الحدود البحرية
لم ينته الاشتباك الذي فتحته رئاسة مجلس الوزراء ضد رئاسة الجمهورية على خلفية تشكيل الوفد اللبناني المفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية في الجنوب، وقد ارتأى قصر بعبدا عدم الرد بشكل مباشر، لكن دوائر القصر أوضحت أن الأمور لم تصل بعد إلى مرحلة الاتفاق المنصوص عنه في المادة 52 من الدستور والذي يجب أن يتم مع رئيس الحكومة، وما زلنا في مرحلة تشكيل الوفد العسكري والتقني وهو لا علاقة له بالمادة الدستورية.
وعشية انطلاق المفاوضات غير المباشرة الأربعاء في مقر قيادة اليونيفيل في الناقورة بمشاركة مساعد وزير الخارجية الأمريكية دايفيد شينكر والسفير جون ديروشر الذي سيكون الوسيط الأمريكي في المفاوضات، خصّص الرئيس اللبناني ميشال عون لقاءاته في قصر بعبدا، للتحضيرات الجارية لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية التي ستعقد في الناقورة، واجتمع بالمنسّق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش وعرض معه الأوضاع العامة وموقف لبنان من المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وخلال الاجتماع الذي حضره الوزير السابق سليم جريصاتي والمدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، أعرب كوبيتش عن “ترحيب الأمم المتحدة باستضافة جلسة المفاوضات”، مؤكداً أن “المنظمة الدولية ستمارس دورها في استضافة جلسة التفاوض ورعايتها وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاحها”.
ثم ترأس عون اجتماعاً ضمّ نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الدفاع زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزف عون وأعضاء فريق التفاوض: رئيس الوفد العميد الركن الطيار بسام ياسين، والأعضاء: العقيد الركن البحري مازن بصبوص وعضو إدارة قطاع البترول المهندس وسام شباط والخبير الدكتور نجيب مسيحي. وأعطى عون توجيهاته إلى أعضاء الوفد المفاوض، معتبراً أن “هذه المفاوضات تقنية ومحددة بترسيم الحدود البحرية، وأن البحث يجب أن ينحصر في هذه المسألة تحديداً”، مشيراً إلى أن “جلسات التفاوض ترعاها وتستضيفها الأمم المتحدة، وأن وجود الجانب الأمريكي في الاجتماعات هو كوسيط مسهّل لعملية التفاوض”.
وأوصى رئيس الجمهورية أعضاء الفريق بـ”التمسك بالحقوق اللبنانية المعترف بها دولياً والدفاع عنها”، متمنياً لهم التوفيق في مهمتهم. ومما جاء في البيان: “أعطى فخامة الرئيس توجيهاته للوفد التقني المكلّف بالتفاوض غير المباشر استناداً إلى الاتفاق الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية، على أن تبدأ المفاوضات على أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً التي نصت عليها اتفاقية بوليه نيوكومب عام 1923 والممتد بحراً، استناداً إلى تقنية خط الوسط من دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة، وفقاً لدراسة أعدّتها قيادة الجيش اللبناني على أساس القانون الدولي. وأمل فخامة الرئيس أن يتم التوصل إلى حل منصف يحمي الحقوق السيادية للشعب اللبناني”.
في المقابل، رأى الرئيس فؤاد السنيورة أن “الرئيس عون ومنذ انتخابه رئيساً للجمهورية، ارتكب أكثر من خرق للدستور وهو القانون الأسمى، الذي ينظّم حياة اللبنانيين وعمل المؤسسات الدستورية اللبنانية، علماً أن جوهر دور رئيس الجمهورية كان ولا يزال السهر على احترام الدستور والدفاع عنه وحماية وثيقة الوفاق الوطني التي اتفق عليها اللبنانيون في الطائف”.
وقال السنيورة في تصريح: “من المؤسف اللجوء إلى مخالفة أحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني والميثاق، إذ حاول العهد ابتداع سابقة التأليف قبل التكليف. وهو ما يحاوله اليوم مع وجود حكومة تصريف الأعمال، من تجاهل لوجود وزراء ما زالوا يصرّفون الأعمال ورئيس مجلس الوزراء في موضوع تشكيل الوفد للتفاوض غير المباشر مع وفد العدو الإسرائيلي برعاية الوفد الأمريكي وحضور مندوب الأمم المتحدة وهو بذلك يخالف المواد الدستورية وهي ذات الصلة. وتحديداً المواد 52 و54 و60”. وختم: “من هذه الزاوية، فإنه كان يقتضي على فخامة الرئيس عون وقبل تشكيل الوفد وقبل انعقاد المؤتمرات أن يلتزم بأحكام الدستور الذي عليه أن يحترمه ويصونه وبالتالي أن يقوم بالتشاور مع رئيس الحكومة حسب الدستور والأصول لكي يستبعد التأثير السلبي على محاولات الإنقاذ الوطني التي من الواجب أن يتضامن الجميع من أجل تحقيقها في هذه الظروف الصعبة والخطيرة”.