لبنان تجدد رفضها لتوطين اللاجئين السوريين
جدد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، جبران باسيل، اليوم الثلاثاء، رفض بلاده لفكرة توطين اللاجئين السوريين، عوضا عن تركيز الجهود الدولية على ضمان عودتهم إلى وطنهم.
وفي رسالة وجهها باسيل إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أكد الوزير أن “لبنان متمسك بالحل السياسي في سوريا ولكنه يرفض ربط العودة بحل قد يطول، أو بعملية إعادة الإعمار”.
واعتبر باسيل أن البيان المشترك الذي صدر عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في بروكسل، يوم 25 أبريل الماضي، بعد انتهاء أعمال مؤتمر “بروكسل 2” لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، “تعارض مع سياسة لبنان العامة المتعلقة بالنازحين السوريين”، وأعرب عن استنكاره “أسلوب الترهيب والتخويف المعتمد في البيان والذي يمارسه مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان عبر زرع الخوف والتردد في نفوس النازحين الذين يرغبون في العودة إلى بلادهم”.
وشدد الوزير على أن نزوح أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري كبد الاقتصاد اللبناني “خسائر تقدر بأكثر من 18 مليار دولار، وتتحمل بناه التحتية التي لا تلبي متطلبات شعبه أصلا، ضغطا كبيرا جراء استخدامها من قبل هؤلاء النازحين، يضاف إليهم حوالي 500,000 لاجئ فلسطيني”.
وتابع: “نتج عن عملية النزوح تبعات ضخمة على الصعد السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الصحية، التنموية، التربوية، البيئية والأمنية وأهمها على الإطلاق تبعات خطيرة تهدد النسيج الاجتماعي اللبناني والهوية اللبنانية”.
وانتقد باسيل بشدة البيان الصادر عن مؤتمر “بروكسل 2″، داعيا إلى وجوب “إعادة صياغة كاملة للمبدأ الأساسي الذي عقد المؤتمر على أساسه، فعوضا عن التباحث في كيفية مساعدة هؤلاء النازحين لتأسيس حياة بديلة والبقاء في لبنان، كان الأولى أن نتباحث في كيفية دعم المجتمع الدولي لعملية عودة هؤلاء النازحين إلى بلدهم ومدنهم وقراهم، عودة أردناها أن تكون آمنة وكريمة”.
باسيل: العودة أصبحت بمتناول اليد
ولفت الوزير بهذا الصدد إلى أن الواقع الميداني في سوريا “تغير بشكل إيجابي خلال الأشهر الماضية، إذ أن مدنا كحلب وحمص والعاصمة دمشق، ناهيك عن معظم المحافظات أصبحت آمنة بشكل كبير والحياة اليومية فيها طبيعية”.
وذكر باسيل أن البيان يتضمّن مصطلحات “غير متفق عليها وغير مقبولة لبنانيا” كمفهوم “العودة الطوعية” و”العودة المؤقتة” و”خيار البقاء” و”الإقامة الشرعية”، مشيرا إلى أن هذه المصطلحات “تشجع السوريين على البقاء في لبنان وتمويل بقائهم، عوضا عن وضع خطة وتمويلها لعودتهم الكريمة والآمنة والتدريجية إلى سوريا، فلبنان يتحفظ على هذه التعابير في أي موقع يتواجد فيه النازح السوري”.
كما أكد الوزير اللبناني في رسالته رفضه القاطع لما ورد في البيان من مبادئ “التوطين” و”الاندماج” “والانخراط في سوق العمل”، مشيرا إلى أن الشباب اللبناني نفسه “يعاني من البطالة وعدم توفر فرص العمل، مما يدفعه إلى الهجرة، فكيف لوطن يعاني من هجرة أبنائه أن يؤمن العمل لهذا الكم من النازحين”. وأضاف أن لبنان متمسك بمبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين، لكنه يرفض عودتهم بعملية إعادة إعمار سوريا، مشيرا إلى أن “فئات كبيرة من النازحين تريد العودة إلى مناطق مستقرة أمنيا وفيها مقومات العيش الأساسية، وفي حال ربط إعادة الإعمار بالحل السياسي فإنكم تمنعون هؤلاء من ممارسة حقهم باختيار العودة وتنفيذها”.
وفي ختام رسالته كتب باسيل قائلا: “أدعوكم إلى سحب هذا البيان ولنعمل سويا لإعادة صياغة رؤية مشتركة لحل أزمة النازحين السوريين، مبنية على العودة التي أصبحت بمتناول اليد، عودة تتناسب مع المعايير الدولية التي تحافظ من جهة على مصالح لبنان وتحمي من جهة أخرى النازحين من ويلات الحروب والنزاعات، فلبنان قدم الكثير وفتح ذراعيه لإغاثة هؤلاء النازحين وحمايتهم، فبادلوه الجميل بالأفعال وليس ببيانات تقوضه وتقوده إلى المجهول”.