لاجئون سوريون يطلقون دعوى قضائية لمحاكمته على الجرائم التي ارتكبها ضد الإنسانية
قدَّم لاجئون سوريون، فرّوا إلى الأردن بعد تعرُّضهم للتعذيب وبعدما شهدوا ارتكاب مذابح، ملفاتٍ تحتوي على أدلة إلى محكمة الجنايات الدولية، في محاولة جديدة لمحاكمة الرئيس بشار الأسد.
ومع أنَّ سوريا ليست مُوقِّعة على نظام المحكمة الواقعة بمدينة لاهاي الهولندية، فإن محامين في لندن يستندون إلى سابقة أسَّستها المحكمة، بتوسيع نطاق ولايتها القضائية ليشمل جريمة النقل القسري للسكان نقلاً عن صحيفة “الجارديان” البريطانية..
إذ فتحت المحكمة العام الماضي (2018)، تحقيقاً مبدئياً يخص قادة عسكريين في ميانمار، لارتكابهم جرائم مزعومة ضد الإنسانية تتضمَّن تهجير السكان الروهينغا هناك.
وكانت هناك جهود عديدة لإقناع المحكمة بالتحرُّك بشأن مزاعم ارتكاب نظام الأسد جرائم حرب من خلال استخدام الأسلحة الكيماوية والقتل الجماعي للمعتقلين.
وناقش مجلس الأمن، في مايو 2014، مسودة قرار لإحالة سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية.
صوَّتت 13 دولة من الدول الأعضاء، البالغ عددها 15، لمصلحة المسودة، لكنَّ روسيا والصين استخدمتا حق النقض (الفيتو) ضدها. واعتبر الأسد أنَّ الصور المُسرَّبة لآلاف الجثث المُرقمة، والتي جرى الحصول عليها من مُنشق سوري يحمل الاسم المشفر «سيزر»، هي «أخبار زائفة».
وجرى تنسيق عملية تقديم الملفات الأخيرة، عن طريق المحامي بلندن رودني ديكسون، عضو غرف «تيمبل غاردن» القانونية، والذي يعمل مع المحامي ستوك وايت.
قال ديكسون: «وُجِدَت محكمة الجنايات الدولية تحديداً من أجل تحقيق العدالة لضحايا تلك الجرائم الدولية الأكثر وحشية. الحرب المُدمِّرة في سوريا مستمرة منذ 9 سنوات تقريباً، ولم يخضع أحد حتى الآن للمحاسبة على مئات آلاف الانتهاكات التي ارتُكِبَت ضد المدنيين».
وقدَّم مركزٌ قانوني بريطاني، يسمى «مركز جورنيكا للعدالة الدولية»، هو الآخر ملفات مماثلة تستند إلى شهادات لاجئين سوريين في الأردن.
شهادات سوريين تعرضوا للاعتقال والتعذيب
وقدَّم اللاجئون شهاداتٍ عن التعرُّض مراراً للقصف، والرصاص، والاعتقال، والتعذيب، والاعتداء، وشهدوا عمليات قتلٍ جماعية.
قال أحد الضحايا، والذي لا يرغب في الكشف عن هُويته: «رأيتُ قوات النظام تطلق النار على كثيرٍ من الناس، رأيتُ كثيراً من الناس يتعرَّضون لإطلاق نارٍ عشوائي، بينهم ابن أخي البالغ من العمر 18 عاماً. واختُطِف شخصان آخران من أفراد أسرتي ولم نسمع عنهم شيئاً مجدداً قَط».
وأضاف: «في عام 2012، تعرَّض منزل جاري للقصف، وقُتِل كل مَن كانوا يعيشون هناك. وحين كنتُ أعيش في مدينة حمص، كنتُ أتطوع لتقديم الأدوية والعلاج للمصابين.
ووصلتُ إلى كثير من النساء اللاتي تعرَّضن للاغتصاب والاعتداء على يد قوات النظام. وجعلني عملي التطوعي هدفاً للنظام».
وواصل الضحية الحديث: «اضطررنا إلى الفرار إلى مكان أكثر أمناً، فذهبنا إلى دمشق. وأُرغِم ابني الأكبر على الالتحاق بقوات النظام، لكنَّه رفض. فاقتيد بعيداً ثُمَّ أُعِيد إلى منزلنا بعد بضعة أيام، وكانت الكدمات تملأ مختلف أنحاء جسمه، ولم نتمكَّن من التعرُّف عليه».
وتابع: «كان ينزف وملابسه كانت ممزقة… وأدركنا أنَّ علينا المغادرة ثانيةً. غادرت مع أبنائي الأربعة الآخرين، وسلكنا طريقنا إلى الأردن. كانت رحلةً صعبة. وما زلتُ لم أسمع شيئاً عن ولدي، لا أعلم إن كان حياً أو ميتاً. لا بد من أن تفعل محكمة الجنايات الدولية شيئاً حيال ذلك. لقد عانينا لفترة طويلة جداً».